حوارية اليوم الثامن و العشرين

بسم الله الرحمن الرحيم

السائل : في الجزء الثامن و العشرين في سورة المجادلة الآية١١{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}، هل النبي صلى الله عليه و آله أقام (انشزوا) بعض الجالسين و أجلس من جاء متأخر؟

الشيخ : في الحقيقة جاء أصحاب الفضل على الإسلام و هم أركان لقيام الإسلام بالعلم الإسلامي و الجهاد في معركة بدر الذي قال عنهم الله عز وجل و رسوله صلى الله عليه و آله : {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } فلم يفسحوا لهم فأقام الرسول صلى الله عليه و آله من هم أقل شأنا، و المستنكرين هم المنافقون المحرضون باتهام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالعنصرية ، و هذه الظاهرة ليست موجودة في مجتمعاتنا لأن الله عز وجل و أهل البيت عليهم السلام أسسو لأهل العلم الاحترام الإجتماعي ، لذلك فإن تفسيرىالقمي فسرها بمعنى آخر حيث روى : القمي: قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا دخل المسجد يقوم له الناس فنهاهم الله أن يقوموا له، فقال: ” تفسحوا ” أي وسعوا له في المجلس، ” وإذا قيل انشزوا فانشزوا ” يعني إذا قال: قوموا فقوموا، فقد يكون هناك احترام للقادمين من أهل العلم كما عن الإمام علي عليه السلام قال: (طالب العلم طالب الرحمة ، طالب العلم ركن الإسلام ، و يعطى أجره مع النبين )، و عنه عليه السلام قال:( العلماء ورثة الأنبياء) وغيرها الكثير.

السائل : في الجزء الثامن و العشرين في سورة الحشر آية ٧: { مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} لم يذكر الله الغنيمة للمحاربين؟

الشيخ : نعم! هذه الآية شرعت الغنائم من غير الحرب، و تخويف _بدون قتل_ حين مطالبة يهود بني النضير بالهجرة  لمخالفتهم الصلح ، وتركوا ديارهم و بساتينهم التي حول المدينة، فمن حق  النبي صلى الله عليه وآله أن يأخذها و يوزعها كيف شاء، فعوض  النبي صلى الله عليه و آله فاطمة الزهراء عليها السلام بها بدل ما أنفقته أمها خديجة عليها السلام للإسلام ، و يعلم إن فاطمة ستجعل ذلك كله لخدمة الدين في خلافة أمير المؤمنين عليه السلام و من بعده من الخلفاء عليهم السلام .

و الفيء يقصد به ما يرجع إلى الله مثل : الأرض الموات، و الكنز، و المال الزائد عن مؤنة السنة …ألخ، يرجع إلى الله و الرسول وأهل البيت عليهم السلام ، و اليتامى ، والمساكين، وابن السبيل .

إن هذا التشريع علته التوازن الاقتصادي، لكي لا تكون دولة الأقلية من الأغنياء: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ }.

السائل : في الجزء الثامن و العشرين في سورة المنافقون ، فما هي صفاتهم؟

الشيخ : نذكر صفات المنافقين الموجودة في السورة لكي يبتعد عنها المؤمنون:

١-الكذب: حيث يقولون ما لا يؤمنون به و إنما أخذوا الإسلام ذريعة لكي يصدون عن سبيل الله في المدينة وقد أثروا في بعض ضعفاء الإيمان.

-{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2) ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3)}.

٢-نفاقهم مخفي: بأجسامهم و كلماتهم التي فيها انفعالات وتظاهر بالإيمان، و لكن عقلهم وقلبهم أجوف من التفكر و الإيمان مثل الخشب في استقامته من دون مشاعر.

-{وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ}.

٣-كل انفعالات الذم من الرسول صلى الله عليه وآله أو المؤمنين على أهل الكفر يحسبونه عليهم: و الله يخاطب النبي بالحذر لأنهم يضمرون شرا و لهم تخطيط  صد المؤمنين عن الدين ، ويمكن معرفتهم بانفعالات وجوههم أو غيرها.

-{يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ}.

٤-و إذا فعلوا شيئا مشينا به سخط الله وقام المؤمنون بنصحهم بطلب الدعاء والاستغفار من الرسول صلى الله عليه وآله لكي يغفر لهم خطأهم رفضوا وهم مستكبرون.

-{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ }.

٥- هدايتهم صعبة جداً: حتى مع تدخل الرسول صلى الله عليه وآله بالدعاء لهم.

-{سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}.

٦- لا ينفقون في سبيل الله: و يحرضون المؤمنين أيضا على عدم الإنفاق.

-{هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّوا ۗ وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ}.

السائل : في الجزء الثامن و العشرين في سورة المنافقون الآية ٩: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} ألا يكون طلب المعاش عبادة و رعاية العائلة إيضا؟؟

الشيخ : طلب المعاش واجب ، و مستلزمات العائلة أمر واجب، ولكن لابد من التنظيم ، لأن الله جعل لنا: {إن الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا}، و أكد لنا محبويته صلاة الجماعة في المسجد، حتى قال المعصوم عليه السلام في ثواب الجماعة أنه أجرها لا يحصيه إلا الله، و نحن قدوة لأولادنا ، فلنزرع التنظيم وحب الصلاة فيهم،  و بذلك نخرج من بعض إبتلاء سورة التغابن الآية ١٥في الجزء نفسه {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ۚ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}.

ذكر الله لا يجب اللهو عنه بأي عذر واحتجاج على كل حال.

التفسير المعين ص٥٤٤

النساء : ١٠٣

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *