- التطبيق السابع و العشرون - 22 مارس,2024
- التطبيق السادس و العشرون - 20 مارس,2024
- التطبيق الخامس و العشرون - 19 مارس,2024
بسم الله الرحمن الرحيم
السائل :بالأمس تكلمنا عن خلق الرسول صلى الله عليه وآله حين ذكرت إليكم الآية ٤ من سورة القلم قول الله تعالى {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } ، هلا أكملتم لنا عذب الحديث عن المصطفى صلى الله عليه و آله؟
الشيخ: وصلنا إلى ٧-ج- لازال الإمام الحسن يصف منطق رسول الله صلى عليه و آله فوصلنا إلى قوله :( يفتتح الكلام ويختمه بالثناء) و هذا واضح في النصوص وخاصة الخطب الطويلة ، وواضح عند المعصومين عليهم السلام.
د- ويكمل الإمام عليه السلام وصف منطق نبينا صلى الله عليه و آله: (رؤوفا ليس بالجافي و لابالمهين) و قد مر علينا هذا المعنى في وصف الإمام علي عليه السلام (ألينهم عريكة) و يضاف على هذا الكلام إن الجافي هو الفض والإمام عليه السلام نفى ذلك، أي أن منطقه جذاب لا ينفر منه طبع الإنسان ، و بعبارة أخرى كان دمثا، و (لا بالمهين )أي ليس بمغرور لا مستخف بالناس، و هو أكبر مصداق لقوله تعالى: {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} .
ر- و يسترسل الإمام عليه السلام و يقول: ( تعظم عنده النعمة و إن دقت لا يذم منها شيء) في منطقه التعظيم لنعمة ربه، و إن أُكل منها أو ليست لذيذه لا تجد في كلامه ذم .
٨-أ-عن الحسين عليه السلام : (سألت أبي عليه السلام عن مدخل رسول الله ، فقال : كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذا، فإذا آوى إلى منزله جزّأ دخوله ثلاثة أجزاء : جزء لله تعالى ، وجزء لأهله وجزء ثم جزء و جزءه بينه وبين الناس ، فيرد ذلك بالخاصة على العامة ، ولا يدخر عنهم منه شيئا).
التنظيم داخل المنزل من الأمور المهمة و تقسيم الحقوق والواجبات ، والرسول صلى الله عليه وآله من خلقه اتصاله مع رب العالمين في وقت ، و الجلوس مع أهله في وقت ، و الجزء الأخير يقسمه مع عامة الناس و الخواص، ولا ننسى بين كل هذا الانشغال وقت يرتاح فيه من العمل.
ب- ثم قال الإمام علي عليه السلام لابنه الحسين عليه السلام : (وكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه ، وقسمه على قدر فضلهم في الدين ، فمنهم ذو الحاجة ، ومنهم ذو الحاجتين ، ومنهم ذو الحوائج ، فينشغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم والأمة من مسألته عنهم وإخبارهم بالذي ينبغي ، ويقول : ليبلغ الشاهد منكم الغائب ، و أبلغوني حاجة من لا يقدر على إبلاغ حاجته فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يقدر على إبلاغها ثبت الله قدميه يوم القيامة ، لا يذكر عنده إلا ذلك.
بعد تنظيم الجزء الذي فيه الأمة يسأل عن حاجة أهل الفضل كل حسب أفضليته ، و يؤثر حوائج الناس على نفسه ، وينصح الحاضرين بإخبار الغائبين لكي يراجعوا الرسول صلى الله عليه وآله ، ويطلبون حاجتهم، و اهتمامه بأهل الفضل لتسود الفضيلة في المجتمع ويزدهر، و يعلمنا الرسول إكرام العلماء لأنهم هم الطاقة لبناء حضارات القيم.
ج- ثم قال الإمام علي عليه السلام لابنه الحسين عليه السلام عن صفات نبينا صلى الله عليه و آله:(لا يقيد من أحد عثر) و هذا محل إبتلاء بعض الناس حيث لا يجعل خطأ الرجل مقيدا لذلك الرجل، و بطريقة أو بأخرى لا يحسسه بخطئه و يستر عليه، و يرفع ما في نفس ذلك الرجل من قيود ، السلام عليك يا رسول الله ترفع عنهم حتى الحالات النفسية.
د- ثم قال الإمام علي عليه السلام لابنه الحسين عليه السلام واصفا الجزء الأخير من التنظيم و هو جلوسه مع أهل الفضل: ( يدخلون روادا ، ولا يفترقون إلا عن ذواق ، ويخرجون أدلة)
يدخلون أهل الفضل يتعلمون من علمه و يحسون بحلاوة العلم ثم يخرجون أدلة للناس يعلمونهم ما علمهم به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
٩-ثم سأل الإمام الحسين عليه السلام أباه عليه السلام فقال:(فسألته عن مخرج رسول الله صلى الله عليه وآله كيف كان يصنع فيه ؟ فقال : كان رسول الله صلى الله عليه و آله يخزن لسانه إلا عما يعنيه ، ويؤلفهم ولا ينفرهم ، ويكرم كريم كل قوم ، ويوليه عليهم ، ويحذر الناس و يحترس منهم ، من غير أن يطوى عن أحد بشره ولا خلقه، ويتفقد أصحابه ، ويسأل عما في الناس ، ويحسن الحسن ويقويه ، ويقبح القبيح ويوهيه ، معتدل الأسر ، غير مختلف ، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا ، ولا يقصر عن الحق ولا يجوزه الذين يلونه من الناس : خیارهم أفضلهم عنده وأعمهم نصيحة للمسلمين ، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة .
وإذا خرج للناس تفيض منه أخلاقه التي جمعها علي عليه السلام في (لين العريكة) و جمعها الحسن عليه السلام حين وصف نطقه(رؤوفا ليس بالجافي و لابالمهين).
وهنا تفصيل العبارتين و لا يستطيع الإنسان إلا أن يعيد التعداد مرات و مرات من حلاوة التفصيل،
و إن كان الأول في العشرة، و الثاني في منطقه حين الكلام ،و الثالث في خروجه من الدار، و كلام هنا في الأخير.
أ-(يؤلفهم و لا ينفرهم) و أفضل مصداق للألفة حين آخى الأنصار مع المهاجرين حتى أنهم أقتسموا كل شيء بينهم، قال تعالى: { وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } ، و قبل ذلك آلف بين الأوس و الخزرج و لا يخفى عليكم ما جرى بينهم، و حرب البسوس التي أستمرت معهم لأربعين سنة، والنفور الذي صار بينهم، إلا أن النبي محمد صلى الله عليه و آله آخى بينهم.
ب-(ويكرم كريم كل قوم ، ويوليه عليهم) يعطي أكرم من يكون في مجموعة أو طائفة أو قوم الولاية عليهم.
ج-(يحذر الناس و يحترس منهم، من غير أن يطوى عن أحد بشره ولا خلقه)
– عن الصادق (عليه السلام): (العقل يوجب الحذر، الجهل يجلب الغرر).
د- ( يتفقد أصحابه ، ويسأل عما في الناس)
حاكم الدولة الإسلامية لا ينتظر الناس تشتكي هو يبحث عن النقص ويسده.
ر-(يحسن الحسن و يقويه ، ويقبح القبيح و يوهيه)
س-(معتدل الأسر ، غير مختلف )
ل-(لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا)
و-(ولا يقصر عن الحق ولا يجوزه الذين يلونه من الناس)
ك-(خيارهم أفضلهم عنده و أعمهم نصيحة للمسلمين).
والحمد لله رب العالمين.
حلية الأبرار ج١ ص١٧٤
النحل:١٢٥
الحشر:٩
ميزان الحكمة ج٣ ص٢٠٣٣