شرح دعاء الليلة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم
دعاء الليلة الثانية
يا إله الأولين وإله الآخرين، وإله من بقي، وإله من مضى، رب السماوات السبع، ومن فيهن، فالق الإصباح، وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا، لك الحمد ولك الشكر، ولك المن ولك الطول، وأنت الواحد الصمد أسألك بجلالك سيدي وجمالك مولاي أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تغفر لي وترحمني، وتتجاوز عني إنك أنت الغفور الرحيم.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
روي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:( يا إله الأولين، وإله الآخرين، وإله من بقي، وإله من مضى)،
قال الله تعالى في محكم كتابه المبين: {وَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ}. فهو إله العالمين سواء وجدت الأمم أم لم توجد، أو وجد الزمان أم لم يوجد، أو وجد الخلق أم لم يوجد، فصفاته عين ذاته، أمّا عن الأمم فقد تفاوت مفهومها بين الأقوام من ذراري آدم أو الأقوام التي سبقت آدم.
كما روي عن جابر بن يزيد قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل ” أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد ” فقال: يا جابر تأويل ذلك أن الله عز وجل إذا أفنى هذا الخلق وهذا العالم وأسكن أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار، جدد الله عز وجل عالما غير هذا العالم، وجدد خلقا من غير فحولة ولا إناث، يعبدونه ويوحدونه، و خلق لهم أرضا غير هذه الأرض تحملهم، وسماء غير هذه السماء تظلهم، لعلك ترى أن الله عز وجل إنما خلق هذا العالم الواحد؟ وترى أن الله عز وجل لم يخلق بشرا غيركم؟
بلى والله لقد خلق الله تبارك وتعالى ألف ألف عالم وألف ألف آدم أنت في آخر تلك العوالم وأولئك الآدميين.

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:(رب السماوات السبع، ومن فيهن، فالق الإصباح، وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا)

قال تعالى في محكم كتابه العزيز: {ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون}، :
روى عن الحسن بن ابي الحسن البصري: قدم علينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) البصرة مر بي وأنا أتوضأ، فقال: يا غلام أحسن وضوءك يحسن الله إليك… ثم مشى حتى دخل سوق البصرة، فنظر إلى الناس يبيعون ويشترون فبكى بكاء شديدا، ثم قال: يا عبيد الدنيا وعمال أهلها!
إذا كنتم بالنهار تحلفون، وبالليل في فراشكم تنامون، وفي خلال ذلك عن الآخرة تغفلون، فمتى تجهزون الزاد وتفكرون في المعاد؟!!
فقال له رجل: يا أمير المؤمنين إنه لابد لنا من المعاش، فكيف نصنع؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام):
إن طلب المعاش من حله لا يشغل عن عمل الآخرة، فإن قلت: لابد لنا من الاحتكار لم تكن معذورا.
فولى الرجل باكيا، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام):
أقبل علي أزدك بيانا، فعاد الرجل إليه فقال له:
إعلم يا عبد الله إن كل عامل في الدنيا للآخرة لابد أن يوفى أجر عمله في الآخرة، وكل عامل دنيا للدنيا عمالته في الآخرة نار جهنم، ثم تلى أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله تعالى: * (فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى) .

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه: (لك الحمد ولك الشكر، ولك المن ولك الطول).

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة الفرقان:﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ﴾
المؤمن الخالص الشاكر يعبد الله لا خوفاً من ناره فتلك عبادة العبيد، ولا طمعاً بجنّته فتلك عبادة التجّار، بل شكراً وحبّاً وإخلاصاً وحمداً، وتلك عبادة الأحرار.
كما روي عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قال: «إنّ المؤمن ليشبع من الطعام والشراب ، فيحمد الله، فيعطيه الله من الأجر ما يعطي الصائم ، انّ الله شاكر يحبّ أن يُحمد».
وروي عن الإمام الصادق عليه السلام قال : «ما أنعم الله على عبد من نعمة فعرفها بقلبه ، وحمد الله ظاهراً بلسانه ، فتمّ كلامه حتّى يؤمر له بالمزيد»

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:(وأنت الواحد الصمد أسألك بجلالك سيدي وجمالك مولاي أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تغفر لي وترحمني، وتتجاوز عني إنك أنت الغفور الرحيم).

يعلم النبي صلى الله عليه وآله المؤمن العاصي أن يحمل أثقال أعماله فيتأمل من الله في هذا الشهر الكريم، المغفرة والرحمة لأن الله في هذا الشهر قد أغلق أبواب النار وفتح أبواب رحمته ومغفرته لعباده المؤمنين .
وروي عن محمد بن مسلم، عن الإمام أبي جعفر (عليه السلام) قال: يا محمد بن مسلم ذنوب المؤمن إذا تاب منها مغفورة له، فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التوبة والمغفرة، أما والله إنها ليست إلا لأهل الإيمان، قلت: فإن عاد بعد التوبة والاستغفار من الذنوب وعاد في التوبة؟ فقال: يا محمد بن مسلم أترى العبد المؤمن يندم على ذنبه ويستغفر منه ويتوب، ثم لا يقبل الله توبته؟ قلت: فانه فعل ذلك مرارا يذنب ثم يتوب ويستغفر [الله]، فقال: كلما عاد المؤمن بالاستغفار والتوبة عاد الله عليه بالمغفرة وإن الله غفور رحيم، يقبل التوبة ويعفو عن السيئات، فإياك أن تقنط المؤمنين من رحمة الله.
فالرحمة تقي المؤمنين سخط الله وغضبه وتقربهم إليه، روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن الله تعالى خلق مائة رحمة يوم خلق السماوات والأرض كل رحمة منها طباق ما بين السماء والأرض ، فأهبط رحمة منها إلى الأرض فبها تراحم الخلق ، وبها تعطف الوالدة على ولدها ، وبها تشرب الطير والوحوش من الماء ، وبها تعيش الخلائق.
و خصال المؤمن ترفع درجته بعمل، ما روي عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) : لا يهلك مؤمن بين ثلاث خصال : شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وشفاعة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وسعة رحمة الله عز وجل.


تنويه: أن هذه الأدعية المباركة رواها أبو عبد الله الصفواني في كتاب بلغة المقيم وزاد المسافر أن النبي صلى الله عليه وآله كان يدعو بهذه الأدعية في ليالي شهر رمضان، ونقلها الميرزا النوري قدس سره في مستدرك الوسائل ج ٧ ص ٤٤٦ .
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *