شرح دعاء الليلة الثالثة

بسم الله الرحمن الرحيم 

دعاء الليلة الثالثة

يا إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب والأسباط، رب الملائكة والروح، السميع العليم، الحليم الكريم، العلي العظيم، لك صمت وعلى رزقك أفطرت، وإلى كنفك آويت، وإليك أنبت وإليك المصير، وأنت الرؤوف الرحيم، قوني على الصلاة والصيام، ولا تحزني يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

قد روي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:(يا إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب والأسباط).

قال الله تعالى في محكم كتابه المبين في سورة البقرة:﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾.

مقامات الأنبياء لدى كل الناس عالية، وأن كان بعض الناس جنحوا إلى تأليههم واعتبارهم شركاء الباري ،فلذلك دعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الدعاء لبيان عظمة الله تعالى فوق كل شئ وأعلى من كل نبي أو وصي.

عن هشام بن الحكم قال: سأل الزنديق الذي أتى أبا عبد الله عليه السلام فقال: من أين أثبت أنبياء ورسلا؟

 قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنا لما أثبتنا: أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق، و كان ذلك الصانع حكيما لم يجز أن يشاهده خلقه، ولا يلامسوه، و لا يباشرهم و لا يباشروه و يحاجهم و يحاجوه، فثبت أن له سفراء في خلقه يدلونهم على مصالحهم و منافعهم و ما فيه بقاؤهم، و في تركه فناؤهم، فثبت الآمرون الناهون عن الحكيم العليم في خلقه، و ثبت عند ذلك أن له معبرين وهم الأنبياء وصفوته من خلقه، حكماء مؤدبون بالحكمة مبعوثين بها، غير مشاركين للناس في أحوالهم، على مشاركتهم لهم في الخلق و التركيب، مؤيدين من عند الحكيم العليم بالحكمة والدلائل والبراهين و الشواهد، من إحياء الموتى، و إبراء الأكمه و الأبرص فلا يخلو أرض الله من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقال الرسول ووجوب عدالته.

فيعرف من ذلك أنهم الأدلاء على الله والمثبتين لدينه والعاملين بأمره وهم دلالة على وجوده ببينونة الشهود.

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:(رب الملائكة والروح، السميع العليم، الحليم الكريم، العلي العظيم).

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة النحل:

﴿ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا   يُشْرِكُونَ * يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴾ .

الحليم لغويا: الأناة والتعقل، والحليم هو الذي لا يسارع بالعقوبة، بل يتجاوز الزلات ويعفو عن السيئات، الحليم من أسماء الله الحسنى بمعنى تأخيره العقوبة عن بعض المستحقين ثم يعذبهم، وقد يتجاوز عنهم، وقد يعجل العقوبة لبعض منهم، وقال تعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَـٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى).

الشهر الكريم الذي أكرم الله به عباده بالعفو والحلم والكرم بتأخير العقوبة عنهم وانتظارهم ليلجأوا إليه طالبين العفو والمغفرة، والعظمة لله ، فيفهم العبد معنى هذا الاسم  من تعظيم حرمات الله ويحترم شعائر الدين، ويوقر كل ما نسب إلى الله فهو عظيم عند الله وعند عباده .

روي أن إبراهيم عليه السلام رأى رجلا مشتغلا بمعصية فقال (اللهم أهلكه) فهلك، ثم رأى ثانيا وثالثا فدعا فهلكوا، فرأى رابعا فهم بالدعاء عليه فأوحى الله إليه: قف يا إبراهيم فلو أهلكنا كل عبد عصى ما بقي إلا القليل، ولكن إذا عصى أمهلناه، فإن تاب قبلناه، وإن أصر أخرنا العقاب عنه، لعلمنا أنه لا يخرج عن ملكنا.

ومن هنا نتبين أن الحلم من صفاته جل وعلا وهو الغفور الرحيم.

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:(لك صمت وعلى رزقك أفطرت، وإلى كنفك آويت، وإليك أنبت وإليك المصير، وأنت الرؤوف الرحيم).

إن الأعمال كلها لله وحده لا شريك فيها، توصل العبد إلى البشارة ماروي عن الإمام الصادق عليه السلام: من صام لله عز وجل يوما في شدة الحر فأصابه ظمأ، وكل الله به ألف ملك يمسحون وجهه ويبشرونه، حتى إذا أفطر قال الله عز وجل: ما أطيب ريحك وروحك، ملائكتي اشهدوا أني قد غفرت له.

فهذه الرأفة من الله على عباده مخصوصة في هذا الشهر الكريم، والفرق بين  الرؤوف والرحيم أنه تعالى قدم الرؤوف على الرحيم والرأفة على الرحمة. و بشارة العبد من  الروؤف أن يكثر من ذكره حتى يصير عطوفا على الخاص والعام ذاكرا قول رسول الله صلى الله عليه  وسلم: ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، ومن قطع رجاء من ارتجاه قطع الله رجاءه يوم القيامة فلن يلج الجنة.

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:(قوني على الصلاة والصيام، ولا تحزني يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد).

المؤمن يطلب الاستعانة بفضل الله ومده بالقوة لاغتنام أيامه ولياليه في العبادة والدعاء والأعمال الدينية  لينال الرحمة والغفران في هذا الشهر.

روي عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام قال : جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله أعلمهم عن مسائل فكان فيما سأله أن قال له : لأي شئ فرض الله عز وجل الصوم على أمتك بالنهار ثلاثين يوما وفرض الله على الأمم أكثر من ذلك ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله : إن آدم لما اكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما ففرض الله عز وجل على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش والذي يأكلونه بالليل تفضل من الله عز وجل عليهم وكذلك كان على آدم ففرض الله ذلك على أمتي ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية : ( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات ) قال اليهودي : صدقت يا محمد فما جزاء من صامها ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا إلا أوجب الله عز وجل له سبع خصال : 

أولها – يذوب الحرام في جسده . 

والثانية – يقرب من رحمة الله عز وجل .

 والثالثة – يكون قد كفر خطيئة أبيه آدم . 

والرابعة – يهون عليه سكرات الموت . 

والخامسة – أمان من الجوع والعطش يوم القيامة . 

والسادسة – يعطيه الله براءة ومن النار . 

والسابعة – يطعمه الله عز وجل من طيبات الجنة قال : صدقت يا محمد.

و آخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *