السناء والملك في البسملة

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

اللَّهُمَّ رَبَّ شَهرِ رَمَضانَ، مُنَزِّلَ القُرآنَ، هذا شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أنزَلتَ فيهِ القُرآنَ وأنزَلتَ فيهِ آياتٍ بَيِّناتٍ مِنَ الهُدى والفُرقانِ. اللَّهُمَّ ارزُقنا صيامَهُ، وَأعِنّا عَلى قيامِهِ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد.

حرف السين في بسم الله الرحيم الرحيم لها مدلول خاص من قبل الأئمة عليهم السلام، وهو كما جاء في الرواية المتقدمة في حرف الباء السين سناء الله، وهو في اللغة الرفعة أو العلو والمجد و الشرف،حيث جاء في لسان العرب سنت النار تسنو سناء: علا ضوئها، وعن ابن السكيت السناء من المجد و الشرف و السناء من الرفعة و أنشده ابن البري : و هم قوم كرام الحي طرا، لهم حول إذا ذكر السناء.

وفي الحديث: <<بشر أمتي بالسناء >> أي بارتفاع المنزلة و القدر عند الله ، هذا كلام ابن منظور و ابن السكيت و ابن البري في لسان العرب بشكل موجز(1) و آيات العلو و الرفعة توصلنا الى بعض علوم حرف السين أو وجه من الوجوه، لان التأويل منسوب للمعصوم، و التدبر تكليفنا نحن عباد الله، فآية العلو و الرفعة في قوله عزجل: (سبحانه وتعالى عمَا يقولون علوا كبيرا)(2) جاءت هذه الآية تنزيها لله جل و تعالى عما يقولون، فقبل ذكر أشرف وأعلى لفظ وهو اسم الله في البسملة ليكن في معرفتنا العلو لله و تنزيهه عما يصفون ويقولون و يشركون، و على طريق الاستقراء لمفردات العلو نجد ثلاثة عشر آية تُنزه الله جل جلاله عما  يقولون وما يصفون و ما يشركون وهي:

1– قوله تعالى:(وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ ۖ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ).(3)

2-(فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا ۚ فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ).(4)

3-(وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ ۚ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ).(5)

4-(أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ).(6)

5-(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۚ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ).(7)

6-(سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا).(8)

7-(عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ).(9)

8-(عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ) .(10)

9-(أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ).(11)

10-(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ).(12)

11-(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ۖ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَٰلِكُم مِّن شَيْءٍ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ). (13)

12-(وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ).(14)

13-(وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا).(15)

و هناك أربع آيات على طريق الاستقراء من القرآن الكريم في مفردة العلو، بيانها يختلف عن بيان تنزيه الله جل جلاله، وهذا البيان هو الدعاء من دون الله هو الباطل، بل حتى الشفاعة لا تكون إلا لمن أذن له ممن أذن له ، واختصاص البسملة بمفرداتها له جل جلاله وفيها اختصاص علو لفظ الجلالة (الله) و اختصاص علو الرحمن و اختصاص علو الرحيم، أما مسألة (حتى الشفاعة إلا من أذن له) فقد جعل الأمور التكوينية في يد الحجج وتقييمهم في الأمور و لها أمثلة كثيرة يمكن أن نستدل بالآية الكريمة في قوله تعالى : (وَقُل اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) الرؤية هنا ليست من الله عز وجل فقط ، فقد جعل الرسول والمؤمنين أيضا ، والمقصود هم الأئمة عليهم السلام، وهم مع الأنبياء أصحاب الشفاعة المأذونة، والآيات المستقرئة لبيان الدعاء من دون الله هو الباطل و لم يبقى إلا الوقوف على تلك الآيات و هي:

1-(ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ).(17)

2-(وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ۚ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ۖ قَالُوا الْحَقَّ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ).(18)

3-(ذَٰلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ ۖ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا ۚ فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ).(19)

وهناك فئة ثالثة في آيات الذكر الحكيم لمفردة العلو بيانها أن الله معنا و إذا نصرنا الدين ينصرنا ، ويجعل السكينة في قلوبنا، و يعطيك الدافع بأن تتلو البسملة قبل و حين تنصر الله، لتكون كلمة الله هي العليا ، وصريح الآيه قوله تعالى:(إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ).(20)

و هناك فئة رابعة من آيات الذكر الحكيم وهي بيان الملك لله العلي القدير بحيثيتين الحيثية الأولى غير صريحة ولكن يفهم من تمام الكلام أنها لبيان الملك والحيثية الثانية مقرونة بالملك أي صريحة في بيانه من جهتين الجهة الأولى التصريح و الجهة الثانية تمام الكلام، والآيات التي تم استقراؤها هي:

1-الآيات السابقة.

2-(اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).(21)

3-(لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).(22)

4-(فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ).(23)

5-(فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۗ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا).(24)

و هنا يتضح بعض ما جاء عن المعصوم في معنى بسم البسملة حيث قال:<< الباء بهاء الله و السين سناء الله و الميم ملك الله>> (25)ويتضح أيضا تدبر آيات مفردات العلو مقرونة بالملك المذكورة باللفظي والمعنى معا، و المذكورة بالمعنى فقط، ويتضح أن الاستعانة المؤولة من حرف(الباء)بذاتها أو المشروطة ، المطلقة أو المخصوصة هي لله عزوجل، ويتضح العلو أو قل السناء المؤولة من حرف (السين) بذاته أو المشروط بالإذن لله عزوجل، ويتضح الملك المؤولة لله عزوجل، هذا بعض بيان  تأويل ما جاء عن المعصوم صلوات الله عليهم أجمعين.

1-           ابن منظور/ لسان العرب

2-           الإسراء:43

3-           الإنعام:100

4-           الأعراف:190

5-           يونس:18

6-           النحل:1

7-           النحل:3

8-           الإسراء:43

9-           الرعد:9

10-     المؤمنون:92

11-     النمل:63

12-     القصص:68

13-     الروم:40

14-     الزمر67

15-     الجن:3

16-     التوبة:105

17-     الحج:62،لقمان:30

18-     سبأ:23

19-     غافر:12

20-     التوبة:40

21-     البقرة:255

22-     الشورى:4

23-     المؤمنون:116

24-     طه:114

25-     الصدوق/التوحيدص230.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *