شرح دعاء الليلة السابعة

الشيخ حسين الشيخ علي المولى
Latest posts by الشيخ حسين الشيخ علي المولى (see all)

دعاء الليلة السابعة

بسم الله الرحمن الرحيم

يا من كان ويكون وليس كمثله شئ، يا من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، يا من إذا دعي أجاب، يامن إذا استرحم رحم، يا من لا يدرك الواصفون عظمته، يا من لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير، يا من يرى ولا يرى، وهو بالمنظر الأعلى، يا من بيده نواصي العباد.

أسألك بحق محمد عليك، وبحقك عليه، أن تصلي على محمد وآله أفضل ما صليت وباركت  على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد وأن تغفر لي وترحمني، إنك أنت الأجل الأعظم. 

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

روي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:(يا من كان ويكون وليس كمثله شئ، يا من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، يا من إذا دعي أجاب، يامن إذا استرحم رحم، يا من لا يدرك الواصفون عظمته).

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة البقرة:{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.

المؤمن يرقى بعبادته لله تعالى فيشرح الله له صدره للمعرفة، فما روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبة الوسيلة : الحمد للّه الذي أعجز الأوهام أن تنال إلا وجوده ، و حجب العقول عن أن تتخيل ذاته في امتناعها من الشبه‌ و الشكل، بل هو الذي لم يتفاوت في ذاته ولم يتبعض بتجرية العدد في كماله، فارق ‌الأشياء لا على اختلاف الأماكن ، وتمكن منها لا على الممازجة، و علم بها لا بإرادة لا يكون العلم إلا بها وليس بينه وبين معلومه علم غيره، إن قيل كان فعلى تأويل أزلية الوجود، و إن قيل لم يزل فعلى تأويل نفي العدم. 

يطمئن قلب المؤمن أنه مازال في مدرسة العلوم المحمدية الوجود علوية البقاء، فاحتجاج الإمام الصادق عليه السلام على ابن أبي العوجاء، عندما أتى مجلس الإمام عليه السلام فجلس إليه في جماعة من نظرائه فقال ابن أبي العوجاء: يا أبا عبد الله إن المجالس بالأمانات، ولا بد لكل من به سؤال أن يسأل أفتأذن لي في الكلام؟ فقال الصادق عليه السلام: تكلم بما شئت، فقال: إلى كم تدوسون هذا البيدر؟ وتلوذون بهذا الحجر؟ وتعبدون هذا البيت المرفوع بالطوب والمدر؟ وتهرولون حوله كهرولة البعير إذا نفر؟ إن من فكر في هذا وقدر، علم أن هذا فعل أسسه غير حكيم ولا ذي نظر، فقل فإنك رأس هذا الأمر وسنامه، وأبوك أسه ونظامه. 

فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن من أضله الله وأعمى قلبه استوخم الحق ولم يستعذبه، وصار الشيطان وليه، يورده مناهل الهلكة ثم لا يصدره، وهذا بيت استعبد الله به عباده ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثهم على تعظيمه وزيارته، وجعله محل أنبيائه، وقبلة للمصلين له، فهو شعبة من رضوانه، وطريق يؤدي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال، ومجتمع العظمة والجلال، خلقه الله قبل دحو الأرض بألفي عام، فأحق من أطيع فيما أمر وانتهى عما نهى عنه وزجر، الله المنشئ للأرواح والصور. 

فقال ابن أبي العوجاء: ذكرت الله، فأحلت على غائب.

فقال أبو عبد الله عليه السلام: ويلك كيف يكون غائبا من هو مع خلقه شاهد، وإليه أقرب من حبل الوريد، يسمع كلامهم ويرى أشخاصهم، ويعلم أسرارهم.

فقال ابن أبي العوجاء: فهو في كل مكان أليس إذا كان في السماء كيف يكون في الأرض؟

وإذا كان في الأرض كيف يكون في السماء؟ 

فقال أبو عبد الله عليه السلام: إنما وصفت المخلوق الذي إذا انتقل من مكان اشتغل به مكان وخلا منه مكان، فلا يدري في المكان الذي صار إليه ما حدث في المكان الذي كان فيه، فأما الله العظيم الشأن الملك الديان فلا يخلو منه مكان ولا يشتغل به مكان ولا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان. 

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:(يا من لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير، يا من يرى ولا يرى، وهو بالمنظر الأعلى، يا من بيده نواصي العباد). 

قال تعالى في محكم كتابه المبين في سورة الأنعام:{لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.

يروى لنا بما أجاب أئمتنا عليهم السلام في عدم قدرة الإنسان على الإدراك ويعجز عن العقل عنها إلا ما  وصف الله به نفسه في كتابه الكريم .

روي عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: قال: لو اجتمع أهل السماء والأرض أن يصفوا الله بعظمته لم يقدروا.

وروي عن محمد بن حكيم قال: كتب أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام إلى أبي: أن الله أعلا وأجل وأعظم من أن يبلغ كنه صفته، فصفوه بما وصف به نفسه، وكفوا عما سوى ذلك.

وروي عن المفضل قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن شئ من الصفة فقال: لا تجاوز ما في القرآن. 

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة هود:{مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا}.

أي أن الله عزوجل له كمال السلطة ونهاية القدرة على عباده، كون سنته في الخليقة واحدة ثابتة غير متغيرة وهو تدبير الأمور على منهاج العدل والحكمة فهو يحق الحق ويبطل الباطل. 

فيعرف المؤمن أن الأمر منه وإليه فيكون التسليم له ولأوليائه الذين هم ما روي عن محمد بن المثنى الأزدي أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: نحن السبب بينكم وبين الله عز وجل. 

فتكون ناصية العباد هي معرفتهم عليهم السلام،  ما روي عن نصر العطار عمن رفعه باسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: ثلاث أقسم أنهن حق: إنك والأوصياء من بعدك عرفاء لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتكم وعرفاء لا يدخل الجنة إلا من عرفكم وعرفتموه، وعرفاء لا يدخل النار إلا من أنكركم وأنكرتموه.

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:(أسألك بحق محمد عليك، وبحقك عليه، أن تصلي على محمد وآله أفضل ما صليت وباركت  على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد وأن تغفر لي وترحمني، إنك أنت الأجل الأعظم).

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة الأحزاب:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.

 جاءت نصوص أهل البيت عليهم السلام توضح خصائص ورغبات الصلاة عليه وعلى آله، بأسلوب شيق جذاب. 

عن أبان بن تغلب عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله من أراد التوسل إلي، وأن يكون له عندي يد أشفع له بها يوم القيامة، فليصل على أهل بيتي ويدخل السرور عليهم.

وروي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم لعلي عليه السلام:  ألا أبشرك؟ 

فقال: بلى! يأبى أنت وأمي! فإنك لم تزل مبشرا بكل خير، 

فقال: أخبرني جبرائيل آنفا بالعجب! 

فقال له علي عليه السلام: وما الذي أخبرك يا رسول الله؟ 

فقال: أخبرني أن الرجل من أمتي إذا صلى علي وأتبع بالصلاة على أهل بيتي فتحت له أبواب السماء وصلت عليه الملائكة سبعين صلاة وإن كان لمذنب خطأ  ثم تتحات عنه الذنوب كما يتحات  الورق من الشجر ويقول الله تبارك وتعالى لبيك عبدي وسعديك ويقول الله لملائكته  يا ملائكتي أنتم تصلون عليه سبعين صلاة وأنا أصلى عليه سبعمائة صلاة،فإذا صلى عليّ ولم يتبع بالصلاة على أهل بيتي كان بينها وبين السماء سبعون حجابا ويقول الله جل جلاله لا لبيك ولا سعديك يا ملائكتي لا تصعدوا دعاءه إلا أن يلحق بنبيه عترته فلا زال  محجوبا حتى يلحق بي أهل بيتي.

نعم هم صفوة الخلق، وحجج العباد، وسفن النجاة، وخير من أقلته الأرض وأظلّته السماء بعد جدهم الأعظم صلى اللّه عليه وآله حسباً ونسباً وفضائل وأمجاداً. وكيف يرتضي الوجدان السليم محبة النبي صلى اللّه عليه وآله دون أهل بيته الطاهرين.

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *