العرف طبع عام أم سلوك عام؟

الميرزا الشيخ عباس العصفور
Latest posts by الميرزا الشيخ عباس العصفور (see all)

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الاأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين

العرف طبع عام أم سلوك عام؟

إن الذين عرفوا العرف حسب الرسم من عدة زوايا وعدة اعتبارات يجعلونه حسب إدراكهم له من وجه، يتم تداولها في أبحاثهم رؤية لهم..
فمنهم علماء النفس وهم ممن يراه بحسب ما ألفه الطبع العام وقبله واستأنس به بين الفئات حيث لا يكون الحكم إلا هو بحسب امتزاج الطبع فيه وفناء الآخر فيه.. ومنهم علماء الاجتماع يرونه سلوكا عاما بحسب الحكم عليه من جهة التسالم البيئي بين مكونات المجتمع لحفظ تقاليده وعاداته وأصوليات تسالمه وآخرين يرونه سلوكا تسببت به الظروف الخاصة التي تحيط نفس المجتمع لتتولد منه هذه العرفيات.
ومن الباحثين من يجمع بينهما حيث السلوك والطبع على نحو ترتبي لينتج عرفا ، ويرى بأن السلوك الشخصي المتأثر بالظروف المحيطة يأتي أولا ومن ثم ينتج عن ذلك استحسانا من المجتمع أو جماعة تألف طبيعتهم هذا السلوك حيث يتخذ سياق العقلاء واستحسانهم بحسب اعتبارات العادات والتقاليد حتى يولد العرف بعد الفناء التام لهذا السلوك والطبع في المعنى العرفي العام .
كيفما كانت التفسيرات من المتخصصين كل حسب اختصاصه إلا أنه لا يمكن بناء أي تشريع كان وضعيا أو شرعيا أو مناقشته وتقنينه إلا بالعرف العام لأن العرف الخاص الشخصي لا اعتداد به ولا يمكن أن تعمم قوانينه على فئات أخرى لا تتسالم مع هذا العرف أو التقليد.
والطبع العام تحكمه الطبيعة التي تصنعها الظروف والبيئة الطبيعة والطبع الخاص هو عبارة عن قدرات الذات الخاصة وإمكانياته الطبيعية بشكل عام بعيدا عن عوارضه الغريبة الخاصة ، والسلوك تحكمه الفلسفات والعقليات التي تدفع بالأشخاص والجماعات لاتخاذ تصرف معين أو سلوك خاص يشيع بعدها لتصبح العادات والتقاليد والموروثات، لذلك فإن السلوك العام متفرع عن الخاص حيث تم وضعه لا على التعيين الشخصي لشخص ما.
من هنا نلاحظ اختلاف اللحاظ بين علماء النفس وعلماء الاجتماع وعلماء الشريعة، فعلماد النفس جهتمهم الأثر والمؤثر ويدرسونها على نحو علاجي للفرد وتغييره ، وعلماء الاجتماع يدرسونها على نحو الحوادث الاجتماعية والمتغيرات العرضية لا على التعيين، و نظرا لكون الدين الاسلامي حال بزوغ شمسه قد غير الكثير من العادات والتقاليد عند العرب وغيرهم مما كانت تدمر المجتمع وتقوده للسلبيات فإن المتشرعة يحكمون على الأعراف بمنظور علم الاجتماع علي نحو منقح دينيا وتربويا.
أما عن علماء الشريعة فإنهم يدرسونها فيما إذا تعلق الحكم الشرعي به كوجود المقتضي ووجوبيات مختلفة او امتناع شرعي عن المحرمات، فعلى هذا يكون اللحاظ الشرعي أعم بحسب المقتضى الحكمي والحاجة للتشريع عند الناس فإنه يلجأ للتشخيص العرفي بعدة لحظ مختلفة سنطرق إليها في محلها إن شاء الله..
من هنا ذهب المتشرعة إلى كونه أعم من الطبع والسلوك بالإمكان الخاص من حيث الوجوب أو الامتناع بمنظور الشريعة السمحاء ومنظور المصلحة والمفسدة العامتين حال تعلق الحكم الشرعي بها..
والحمد لله رب العالمين

عباس العصفور
النجف الأشرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *