تكملة لفظ اسم (٢)

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

اللَّهُمَّ رَبَّ شَهرِ رَمَضانَ، مُنَزِّلَ القُرآنَ، هذا شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أنزَلتَ فيهِ القُرآنَ وأنزَلتَ فيهِ آياتٍ بَيِّناتٍ مِنَ الهُدى والفُرقانِ. اللَّهُمَّ ارزُقنا صيامَهُ، وَأعِنّا عَلى قيامِهِ.(*)

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد.

معاني مفردات البسملة

كلما تدبرنا وزدنا من معرفتنا في الذات الإلهية من كلماته و كلمات المعصومين عليهم السلام زاد تقربنا لله، و عليه يزيد تقربنا للمعصومين عليهم السلام: {قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ ۚ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا ۚ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ ۗ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ ۚ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} الرعد:16

شاهدنا في هذه الآية هو الوصول إلى النور.

الفئة الثالثة: لها حيثيه أخرى وهو ذكر لفظ مشتق من الاسم يشار فيه الى أولياء الله في قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}(1) ، و قوله تعالى: { قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ}(2)، فالأدلة النقلية تروي أنه علمه أسماء كل شيء، و ركزت روايات أخرى على أعلى مصداق و هم حجج الله على الأرض، قال الصدوق : حدثنا بذلك محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا محمد بن ابي عبد الله الكوفي عن الحسن بن سعيد عن محمد بن زياد عن إيمن بن محرز ،عن الصادق بن محمد عليهما السلام:  << أن الله تبارك و تعالى علم آدم عليه السلام أسماء حجج الله:  { كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}(3) بأنكم أحق بالخلافة في الأرض لتسبيحكم وتقديسكم من آدم عليه السلام: { قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ }(4)، قال الله تبارك و تعالى: { قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنبَأَهُم }(5) وقفوا على عظيم منزلتهم عند الله تعالى ذكره، فعلموا أنهم أحق بأن يكونوا خلفاء الله في أرضه، وحججه على بريته ، ثم غيبهم عن أبصارهم ، و أستبعدهم بولايتهم و محبتهم، وقال لهم: { أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ}(6)(7)

وهذه الأخبار تشير إلى العلامة دون الرفعة.

 و هناك فئة رابعة: حينما الله يخبر عن نهر في الجنة و لفظ الاسم هنا دلالته العلامة دون الرفعة في قوله تعالى: {عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلْسَبِيلًا}(8)

وهناك فئة خامسة: فيها لفظ الاسم مضاف الى لفظ الجلالة في عدة حيثيات مختلفة:

 الحيثية الأولى: الأمر بأكل ما يذبح أو يصطاد إلا ما ذكر اسم الله عليه و النهي عن الأكل ما لم يذكر أسم الله عليه و هنا واضح الدلالة على اشتمال العلامة و الرفعة معا وذلك ، لأن غير لفظ الجلالة يحتاج إلى ظهور و أخبار عن بروزه و تشخيصه، وبهذا الفهم يجعل طلب العبد حين الذكر عبادة، حيث انه _العبد_ الداني إلى العالي، و الاستقراء القرآني في موضع حلية الأكل من الأنعام بذكر أو الدعاء بذكر اسم الله هي:

1- { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۙ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ ۖ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}(9).

2-{فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُم بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ}(10).

3-{وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ}(11).

4-{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ۗ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}(12).

5-{وَقَالُوا هَٰذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَّا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَن نَّشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَّا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ ۚ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}(13)

6-{لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}(14)

7-{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ}(15).

8-{وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}(16).

هذه آيات فيها وجوب ذكر الدعاء ، وهو اسم الله، حيث:

 الآية الأولى: فيها الابتعاد عن الحساب السريع و تقرب الموصل الى تقوى الله إن كان الذكر الواجب في الصيد أو الذبح.

والآية الثانية: الدعاء بذكر الله هو الإيمان.

و الآية الثالثة: الذكر يجعلك غير معتدي و متجاوز على الله تعالى عما يفعلون، ولا يتأثر الإنسان بأكل المذكى روحيًا ويضل عن سبيل الله بغير علم ، وسمح بأكل الميتة للمضطر.

و الآية الرابعة : عدم ذكرك اسم الله يجعلنا معرضين للشيطان ، و تكون الشياطين أولياء من فسق بأكل الميتة .

والآية الخامسة: بيان كذب على الله فيما يفعلون.

والآية السادسة: تعليم لأعمال الحج التي هي منافع للناس و تعليم أن الأضحية التي يذكر عليها اسم الله تقسم بينه وبين المحتاجين.

و الآية السابعة : تبين أن التقرب الى الله في الأديان السماوية و أن فريضة الحج التي بها الأضحية منسكا، فالغاية من المنسك هو ذكر اسم الله.

والآية الثامنة: الموصلة لشكر نعم الله عز وجل و في كل الأحوال هذه الآيات هي من الداني الى العالي الذي هو المراد منه العلامة و الرفعة.

يتبع الكلام و التدبر في مفردة اسم من مفردات البسملة. 

———————————————

*- السيد ابن طاووس – إقبال الأعمال -ج 1- الصفحة 78.

1-البقرة:31

2-البقرة:33

3-البقرة:31

4-البقرة:32

5،6-البقرة:33

7-الصدوق/كمال الدين و تمام النعمة ص14

8-الأنسان:18

9-المائدة:4

10-الأنعام:118

11-الأنعام119

12-الأنعام:121

13-الأنعام:138

14-الحج:28

15-الحج:34

16-الحج:36

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *