شرح دعاء الليلة الثانية والعشرين

الشيخ حسين الشيخ علي المولى
Latest posts by الشيخ حسين الشيخ علي المولى (see all)

دعاء الليلة الثانية والعشرين

بسم الله الرحمن الرحيم 

أنت سيدي جبار غفار قادر قاهر، سميع عليم، غفور رحيم، غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، فالق الحب والنوى، تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ۖ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ۖ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ.

يا جبار – سبعا – ، صل على محمد وآل محمد، واعف عني واغفر لي في هذا الشهر وهذه الليلة، إنك أنت الغفور الرحيم. 

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

روي عنه صلى الله علیه وآله في دعائه:(أنت سيدي جبار غفار قادر قاهر، سميع عليم، غفور رحيم، غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب).

ظاهر الأمر المتوجب على المؤمن هو معرفته أن الله رحمته وسعت كل شئ، فلا يمكن التفريط مطلقا وأخذ باب الرحمة والغفلة، إن الله شديد العقاب على الذنوب والأفعال التي يرتكبها الفرد بحق نفسه أو بحق غيره.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة المائدة: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. 

روي عن الإمام الباقر عليه السلام عندما سأله عمرو بن عبيد عن قوله تعالى: (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى)، ما ذلك الغضب؟ فقال أبو جعفر (ع): هو العقاب. 

روي عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال: ألا إن الله تعالى قد كشف الخلق كشفة، لا أنه جهل ما أخفوه من مصون أسرارهم ومكنون ضمائرهم، ولكن ليبلوهم أيهم أحسن عملا، فيكون الثواب جزاء، والعقاب بواء.

حياة العباد في الدنيا لها عقاب وفي الآخرة لها عتاب، فالعقاب أنواع دنيوي وأخروي، لا يمر فعل يغضب الله من عقابه عز وجل. 

روي عن  الإمام الصادق عليه السلام قال: لله عقوبتان، إحداهما من الروح، والأخرى تسليط الناس بعض على بعض، فما كان من قبل الروح فهو السقم والفقر، وما كان من تسليط فهو النقمة، وذلك قول الله عز وجل: {وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون} من الذنوب. 

فما كان من ذنب الروح فعقوبته بذلك السقم والفقر، وما كان من تسليط فهو النقمة، وكل ذلك عقوبة للمؤمن في الدنيا وعذاب له فيها، وأما الكافر فنقمة عليه في الدنيا وسوء العذاب في الآخرة.

روي عنه صلى الله علیه وآله في دعائه:( فالق الحب والنوى، تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ۖ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ۖ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).

المؤمن يتأمل تحرك الأفلاك بقدرة الله وعنايته، ويدور بعضها حول بعض فتتعدد الفصول، لذلك مرة يصوم ساعات طوال فيقع صيامه في الصيف، ومرة يصوم ساعات قليلة فيقع صيامه بالشتاء، فيعلم تقدير الله وتدبيره. 

روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: من صام لله عز وجل يوما في شدة الحر فأصابه ظمأ، وكل الله به ألف ملك يمسحون وجهه ويبشرونه، حتى إذا أفطر قال الله عز وجل: ما أطيب ريحك وروحك، ملائكتي اشهدوا أني قد غفرت له.

ولوج المؤمن في أعماله وصيامه في فصول السنة تعطيه معرفة أن تقلب الأمور بيد الله فيبحث عن ما يقربه منه.

روي عن الإمام الصادق عليه‌ السلام قال: الشتاء ربيع المؤمن، يطول فيه ليله فيستعين به على قيامه، ويقصر فيه نهاره فيستعين به على صيامه.

يستغل المؤمن ساعاته وشهوره وسنينه بالتقرب إلى الله.

روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ما أسرع الساعات في اليوم، وأسرع الأيام في الشهر، وأسرع الشهور في السنة، وأسرع السنين في العمر! 

لكل عمل أو فعل يقوم به العبد إلى الله في أيامه وساعاته يراها يوم الشاهد والمشهود أمامه ، فأما سرور وفرح وأما فزع وجزع.

روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): يفتح للعبد يوم القيامة على كل يوم من أيام عمره أربعة وعشرون خزانة عدد ساعات الليل والنهار، فخزانة يجدها مملوءة نورا وسرورا فيناله عند مشاهدتها من الفرح والسرور ما لو وزع على أهل النار لأدهشهم عن الإحساس بألم النار، وهي الساعة التي أطاع فيها ربه، ثم يفتح له خزانة أخرى فيراها مظلمة منتنة مفزعة فيناله عند مشاهدتها من الفزع والجزع ما لو قسم على أهل الجنة لنغص عليهم نعيمها، وهي الساعة التي عصى فيها ربه، ثم يفتح له خزانة أخرى فيراها فارغة ليس فيها ما يسره ولا ما يسوؤه، وهي الساعة التي نام فيها أو اشتغل فيها بشئ من مباحات الدنيا، فيناله من الغبن والأسف على فواتها – حيث كان متمكنا من أن يملأها حسنات – ما لا يوصف. 

روي عنه صلى الله علیه وآله في دعائه:(يا جبار – سبعا – ، صل على محمد وآل محمد، واعف عني واغفر لي في هذا الشهر وهذه الليلة، إنك أنت الغفور الرحيم).

يشتد جزع المؤمن بانقضاء شهر الرحمة الذي يأمل منه كل خير، لأنه الشهر الوحيد الذي قال فيه الإمام زين العابدين عليه السلام: السلام عليك من ناصر أعان على الشيطان.

وروي عن الإمام موسى الكاظم عليه السلام قال: إنّ للّه عز وجل في كل يوم وليلة منادياً ينادي: مهلاً مهلاً، عباد اللّه عن معاصي اللّه، فلولا بهائم رتّع، وصبية رضّع، وشيوخ ركّع، لصبّ عليكم العذاب صبّاً، ترضّون به رضّاً.

والمؤمن يقول في العشرة الأخيرة من هذا الشهر يكثر ما يتعلمه عن أهل بيت النبوة.

روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: “عليكم في شهر رمضان بكثرة الاستغفار والدعاء، فأما الدعاء فيدفع به عنكم البلاء وأما الاستغفار فيمحو ذنوبكم.

ونحن مودعوه وداع من عزّ فراقه علينا، وغمنا وأوحشنا انصرافه عنا.

اللهم أن نرفع أكفنا إليك ونقول ما قال سيدنا ومولانا الإمام علي بن الحسين:

السلام عليك ما كان أَحرَصَنَا بالأَمسِ عَلَيك وأَشدَّ شَوْقَنَا غداً إِليك. 

السلام عليك وعلى فَضلِكَ الَّذي حُرِمْنَاه وعلى مَاضٍ من بَرَكَاتِكَ سُلِبْنَاه.

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *