معنى مفردتي الرحمن و الرحيم ٢*

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

اللَّهُمَّ رَبَّ شَهرِ رَمَضانَ، مُنَزِّلَ القُرآنَ، هذا شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أنزَلتَ فيهِ القُرآنَ وأنزَلتَ فيهِ آياتٍ بَيِّناتٍ مِنَ الهُدى والفُرقانِ. اللَّهُمَّ ارزُقنا صيامَهُ، وَأعِنّا عَلى قيامِهِ.(*)

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد.

                                                                          معنى مفردات البسملة

معنى مفردتي الرحمن و الرحيم ٢*

مازلنا في اللحاظ الثاني و فيه تكملة كما و عدناكم 

تخص الرحمة العامة و الخاصة و توجيه الرحمة التي وسعت كل شيء.

-عن الصادق عليه السلام : <<الرحمن اسم خاص بصفة عامة والرحيم اسم عام بصفة خاصة>>(1).

أ-الشق الأول لرواية الرحمن اسم خاص بصفة عامة 

و منطوق هذه الرواية إن صفة الرحمن لا يطلق عليها غير لله عز وجل فهي خاصة للذات المقدسة، وهي رحمة لكل المخلوقات بلا إستثناء حتى الشيطان، وهذا بيان الروايات السابقة التي فيها عبارة << وسعت كل شيء>> (2)

ولكن !

قبل المحاسبة في يوم الدين و هذه الأشياء المسخرة لنا و لغيرنا من المخلوقات، بل المخلوقات أيضا خلقت تسخيرا لنا كلها ،  نحاسب عليه يوم القيامة، وكل الأدلة تشير إلى أن هذه الصفة خاصة في الدنيا .

 – حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري قال حدثني أبو سعيد الآدمي عن أحمد بن موسى بن سعد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: كنت معه في الطواف فلما صرنا معه بحذاء الركن اليماني أقام عليه السلام فرفع يديه ثم قال : <<” يا الله يا ولى العافية، ويا خالق العافية، ويا رازق العافية، والمنعم بالعافية، والمنان بالعافية ، والمتفضل بالعافية، ويا خالق العافية، ويا رازق العافية، والمنعم بالعافية، والمان بالعافية، والمتفضل بالعافية علي، وعلى جميع خلقك، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، صل على محمد وآل محمد، وارزقنا العافية، ودوام العافية، وتمام العافية، وشكر العافية في الدنيا والآخرة، يا ارحم الراحمين>>(3)

ولو سلطنا الضوء على : <<يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما>> حيث ذكر الإمام الرحمن مقرونة بالدنيا والآخرة، تتوجه هذه العبارة بآيات العقاب في يوم القيامة على المخالفين لعدم الإيمان والطاعة، أي أن هذه الصفة لجميع مخلوقاته في الدنيا دون الآخرة.

و بما أنها اسم مخصوص للذات المقدسة، فهو سبب لتقديمها على الرحيم .

وفي علم البلاغة الرحمن مبالغة في الرحمة ، و أكثر من مبالغة الرحيم يدل أيضا على العموم لكل المخلوقات، و يتضح سبب تقدم الرحمن على الرحيم في النص أنها قوة مبالغة الرحمن على مبالغة الرحيم.

أيضا من ما يرجح على اختصاصها في الذات الإلهية، و تقدمها رتبة، و عمومها، وهو قول المرتضى : (الرحمن تشترك فيه اللغة العربية والعبرانية والسريانية ، والرحيم مختص بالعربية) لأنه خاص للمؤمنين في الدنيا و في الآخرة للمؤمنين المطيعين.

ب- الشق الثاني<<والرحيم اسم عام بصفة خاصة>> ممكن أن ينسب لله و للعباد : {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}(4)

ولكن هذه الرحمة مستمدة من الله عزوجل، و أكبر مصداق لها أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم أجمعين، و في مقدمتهم النبي صلى الله عليه وآله قوله :  ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾(5).

و قوله :  ﴿وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ العظيمِ﴾(6) أي يختص نبوة محمد(ﷺ)و أسماها رحمة(7).

و من هنا عرفنا أين و متى و في من تصدق عبارة 

<< وسعت كل شيء>>.

—————————————-

1-الكفعمي – المصباح – الصفحة317

2-الشيخ الطوسي – مصباح المتهجد – الصفحة 844

3-الشيخ الصدوق – عيون أخبار الرضا (ع) – ج 1- الصفحة19

4-التوبة: 128

5-آل عمران :الآية 159.

6- البقرة : الآية 105.

7-ابن منضور -لسان العرب -الجزء 12-الصفحة 231.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *