تعدد الروايات واختلافها في شهادة الصديقة الزهراء (ع)

الشيخ زهير الشيخ محمد الشيخ جعفر الخال

بسم الله الرحمان الرحيم
? لماذا تعددت واختلفت الأقوال عند العلماء في تحديد تاريخ شهادة الصديقة المظلومة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) ؟

*…*…*…*

? لقد كتب علمائنا الأعلام ( رحم الله الماضين وحفظ الباقين )، كتبوا كثيراً حول تعدد مواسم ذكرى استشهاد الصديقة الزهراء (عليها السلام)، وما هي العلة من تعدد تاريخ شهادتها ؟

? وفي الحقيقة هذا ما يُبين ويوضح عُظم ” ظُلامة مولاتنا الزهراء (ع) “.

? وهنا أختصرُ كلام علمائنا الأعلام، راجياً من الله التوفيق والسداد ..

? إن من أسباب تعدد مواسم احياء ذكرى سيدتنا فاطمة (ع)، هو تعدد الروايات الكثيرة التي ذكرها المسلمون شيعةً وسُنة، وقد حصر الزنجاني الخوئيني الشيخ اسماعيل في موسوعته الكبرى عن فاطمة الزهراء (ع) الأقوال التي ذكرت شهادتها هي ( 21 ) قولاً ( ج15،ص33) وذكرهم عن قرابة (600) مصدر.

والذي اشتهر بين شيعة أهل البيت (عليهم السلام) هي ثلاثة أقوال:

١) القول الأول: الثامن من ربيع الآخر، أي أنها (سلام الله عليها) استشهدت بعد رحيل أبيها بـ (٤٠) يوماً، وقد ورد هذا القول في (54) مصدراً، ومنها ما نقله المسعودي في كتابه ( مروج الذهب ).

٢) القول الثاني: الثالث عشر من جمادى الأولى، أي أنها استشهدت بعد رحيل النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) بـ (٧٥) يوماً، وقد ورد هذا القول في (108) مصدراً، وهذا ما رواه الشيخ الكليني (قدس سره) في كتابه ( الكافـي )، والشيخ المفيد (قدس سره) في كتابه ( الإختصاص )، وابن شهر آشوب في كتابه ( المناقب )، عن الإمام الصادق (عليه السلام): ” أنها عاشت بعد أبيها 75 يوماً “.

٣) القول الثالث: يوم الثالث من جمادى الآخرة، أي أنها (ع) استشهدت بعد رحيل أبيها (ص) بـ (٩٥) يوماً، وهذا القول ورد في (72) مصدراً.

وهذه الأقوال الثلاثة من الروايات هي الأقرب للواقع من أصل (21) قولاً.

? السؤال: لماذا هذا الإختلاف في تحديد اليوم ؟

يرى الباحثون والمفكرون صعوبة تحديد التاريخ، يأتي من الروايات المختلفة والمتعددة في توقيت شهادتها ( روحي لها الفداء )، وإلى اختلاف نسخ الروايات.

وقال بعضهم: أن ” التواريخ كلها كانت من المسموعات في تلك الأزمنة ولم تكن تدون أولاً بأول، إلا نادرا ” فمن الطبيعي أن هذه المسموعات تتعرض للنسيان مع مرور الأزمنة.

ويشير بعض الباحثين أن التدوين جاء متأخر في التاريخ الإسلامي، وشهادة مولاتنا فاطمة (ع) في صدر الإسلام الأول، قبل ظهور التدوين في القرن الثاني.

وقد ذكر كثير من العلماء أن منشأ الإختلاف بسبب الأحداث التي رافقت رحيل النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وما جرى من أحداث كبيرة وخطيرة، فكانت المدة مبهمة في مرضها حتى شهادتها، فالعلة من ذلك ” التكتم الإعلامي “.

وذكر علمائنا أن الإختلاف في شهادة الصديقة الزهراء (عليها السلام) يُشبه كثيراً علة وحكمة إخفاء قبرها الشريف، فقد اختلفت الروايات في موضع قبرها:

١) منهم من روى أنها دفنت في البقيع، قيل بالقرب من دار عقيل بن أبي طالب، وقيل مع ابنها الإمام الحسن(عليه السلام).

٢) ومنهم من روى أنها دفنت بين قبر النبي ومنبره، لقوله (ص): ( بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ). وقد رواه الشيخ الصدوق في كتاب (معاني الأخبار)، وقال عن الرواية: لأن قبرها – أي الزهراء – بين القبر والمنبر .

٣) ومنهم من روى أنها دفنت في بيتها، فلما زاد بنو أمية في المسجد صارت من جملة المسجد. فقد قال السيد ابن طاووس: ( الظاهر أن ضريحها المقدس (ع) في بيتها المكّمل بالآيات والمعجزات، لأنها أوصت أن تدفن ليلاً ولا يصلي عليها من كانت هاجرة لهم إلى حين الممات، وقد ذكر حديث دفنها وستره عن الصحابة، البخاري ومسلم فيما شهدا أنه من صحيح الروايات ..ألخ ) اقبال الأعمال للسيد ابن طاووس ص ١١١.

فالسلام على الصديقة المظلومة الشهيدة، المجهولة قدرا، والمدفونة سرا، والمخفية قبرا، أُم أبيها المُمتحنة فاطمة الزهراء عليها السلام ..

خادم الآل
الميرزا زهير الخال

النجف الأشرف

الثامن من ربيع الآخر ١٤٣٧ هـ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *