فلسفة المعراج

بسم الله الرحمن الرحيم
(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )

1. ابتداء هذه الآية المباركة جاءت بصيغة تعجبية وكما يقال في الدعاء ( أعددت لكل أعجوبة سبحان الله ) ونحن لما كنا ربائب الإسلام الحنيف فيجب علينا التأمل في مثل هذا الحدث الكوني، والذي يحير كل ذي لب ويلقيه في أعماق التفكير وحيث يرسم النبي (ص) ومن هو صاحب المعراج قوله: (تفكير ساعة خير من عبادة سنه) فهيا بنا أيها القارئ الكريم نُمعن دقيقاً وكيف كانت هذه الرحلة والتي يجب على كل مسلم اعتقادها وجوباً، وصف البراق على البسطاء أنها تشبه الدابة من الحيوانات كالفرس وإذا صعدت جبل طالت رجليها، وإذا نزلت طالت يديها والى أخر وصف البراق.
هل نتصور أن البراق كائن حي من الحيوانات؟، وهل أن الرسول الأعظم (ص) قد أمتطى ظهرها وهي تطير به صاعدة في الهواء ؟، لا لا كلا وألف كلا، فنحن وعندما طالعتنا التكنولوجية الحديثة جاء على يد العلماء الباحثين في علم الفلك وعلى سبيل المثال التوضيحي نأخذ في بحث الغلاف الجوي المحيط بالأرض المانع عنا وقاية من الله سبحانه ما دون الأشعة الحمراء فإليك سمكه من سطح الماء إلى انتهاء الجاذبية (220ميل) وبعد ذلك يكون الإنسان معلق سابح في جنبات الفضاء إذ أنه فارق الكرة الأرضية فيسيل دمه وبدون جروح، فكيف إذا انطلق الإنسان في متاهات الفضاء فهناك عقبات لا تخطر على البال، ألا ترى لمن صعدُ على سطح القمر على متن المركبة قد كلفتهم هذه الرحلة (مائه ألف مليون دولار ) هذا والقمر نراه بالعين المجردة هلال وبدر وأفول في الأيام الأخيرة من الشهر، ولا ننسى الخسوف، أما درب التبانة فقد قدر اليها أربعون سنه للخروج منها، وأما الفضاء ألا نهائي فيضيق التعبير عن التعبير في التعبير، حيث أنه قدر علماء الفلك نجومه وكواكبه ومذنباته والمكوكبات والنيازك بعدد درأت الرمال والبرغم من هذه الكثرة والتي نعجز أن نقول هائلة ولم يكن يخطر على بال عمالقة الفكر أن يعبروا عنها بتعبير يحدد ولو عشر معشارها، وبالتالي بين النجم والنجم ملايين الأميال، وكذا بين الكوكب والكوكب وبين المذنب والمذنب، وصدق الله العلي العظيم ( وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ) يعني أن هذا الكون أخذاً باستمرار متواصل في الإتساع وقد قال المفسرون في هذه الآية: ( وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) أن الله جل شأنه أعرض عن الطول حيث أنه لا يخطر على بال أي عملاق في مقايس الحساب وإذا تأملنا في أعماق هذا البون الشاسع المترامي الأطراف يأتي مع طلك ما يهز العقول النيرة، وكل ذي عقل يقف حائر وقد كلَّ فكرهُ عن التفكير في هذا المجال حيث أن الفلك ومتاهات الكون كانت مملوئة بالمخاطر وبالنيران التي تحوط بغلاف بعض الكواكب، والشحنات الكهربائية، فإليك هذا المثال: أطلقت مركبة إلى متاهات الفضاء للكشف عن غرائب الكون، فلما دخلت غلاف الزهرة تبخرت .

فدعونا جميعاً نلوي ذراع الجهل الجامد، ونفكر في هذه المركبة الإلهية ونقول أنها مزودة بآلات إلهيه بيد قادر مقتدر فملئها بالأكسجين والأجهزة الالهيه الالكترونية، وملئها بأنوار المصابيح وكذالك خارجها فهو حزم من النور الذي يبدد دياجير ظلمة الفضاء الحندسي، أما وعند انطلاقتها واحتكاكها بغلاف متاهات الفضاء فلا يخطر على بال شخص من البشر وحتى على أهل ناسا وعند انطلاق مركباتهم على متن الصواريخ، رباه ماذا يفعل المفكرون، وعندما يقرأ القارئ عندما نزل نبينا المبارك (ص) أدرك حرارة فراشه لما عرج به، تذكر يا قارئنا المبارك أنه (صلى الله عليه وآله) في بيت المقدس بالأنبياء وأم مصلياً كل ملائكة سماء وراء الجنة والنار وعندما انتهى من هذا كله، رأى عجائب وغرائب داله على وجود خالق الكون سبحانه، فجأة وإذا بجبرائيل يودع الرسول (ص) فينزعج الرسول لمفارقة أخيه جبرائيل في موقف يفارق الوالد الولد فيرد عليه طاووس الملائكة: لا تخف فلا أتمكن من خطوة واحدة، فيأتيه الرفرف فيلقيه إلى ما لا يتصوره الإنسان، فهنا لا حراك ولا حس، كلٌ خاضع للعلي القدير لا إله إلا الله، وهنا يرسم آيُ الذكر الحكيم لهذه القوة الهائلة كالأتي: ( فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ).
أنا وأنت نسبح على أمواج العجب كما مر عندما نزل لا زالت الطاقة الحرارية موجوة في الفراش المقدس وتذكر ما مر عليك مما قام به في رحلته السامية فلا يبعد عندما يفارق الإنسان الأرض ويتغلغل في أعماق متاهات ما أرتقي إليها كوني، فلا يبعد أن المقاييس الزمنية كالساعاتية والدقائقية والثواني تتغير وتنقلب مقاييس الحساب.

هكذا والله العالم، ويجدر بنا أن نتوج هذا الموضوع المختصر بأبيات لشاعر قرن العشرين أمير الشعراء شوقي إذ ينقش ب

مقوله العذب كالأتي:
جبت السماوات أو ما فوقهن على
منورة ذرية الجوُمي
حتى بلغت سما لا يطار بها
على جناح ولا يسعى على قدمي
وقيل كل نبياً عند رتبته
ويا محمد هذا العرش فأستلمِ

قارئنا يا حبيب القلوب، تأمل في عظمة الله وفي ملكوته سبحانه وتعالى وأرجع له راضخاً خانعاً وخر ساجداً، ولعلع بصوتك الله أكبر لا أله إلا الله.

بقلم العلامة المرحوم الشيخ جعفر الخال (قدس سره).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *