- الممنوع من الصرف - 2 مايو,2016
- علامة الفعل المضارع وأحكامه – 6 - 16 أبريل,2016
- بصيرة المؤمن - 14 أبريل,2016
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين
معنى الفعل المضارع ودلالاته
تعريفه:
مضارع: اسم فاعل من ضارعَ، تقول: مُضَارِعٌ لَهُ: مُشَابِهٌ، قال ابن منظور في لسان العرب: (والمضارع: المشبه. والمضارعة: المشابهة. والمضارعة للشيء: أن يضارعه كأنه مثله أو شبهه)[1].
سُـمِّيَ بالمضارع لمشابهته بالإسم، ويذكر النُّحاة أوجه للشبه، وأهمها مشابهته للإسم في كونه معربا في بعض حالاته، بخلاف أخَوَيْه الماضي والأمر.
دلالته على الزمن[2]:
يدل الفعل المضارع على أزمان متعددة، نذكر منها اثنيْ عشر، ونعرض عن المناقشة تجنبا للإطالة:
- الدلالة على الحال والإستقبال:
- نحو (هو يأكل) و (هو يمشي).
- الدلالة على الحال تنصيصا:
- إذا دخل عليه ما يفيد الحالية، نحو (هو يأكل الآن) و (هو يمشي الآن).
- إذا دخلت عليه لام الإبتداء – على رأي الكوفيين -، نحو قوله تعالى: {كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى () أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى}[3]، وفي المسألة خلاف، يُطلَبُ في محله.
- نَفْـيِه بـ (ليس) و (ما) و (أنْ) عند الإطلاق، نحو (ما خالد يكتب) و (ليس عمرو يقرأ)، إلا إذا كانت هناك قرينة تصرف الفعل المضارع عن الحال، نحو (ما زيد يسافر غدا).
- دلالته على الإستقبال تنصيصا:
- إذا دخل عليه ما يفيد المستقبل، نحو (يقضي الله بين عباده يوم القيامة).
- النصب، فإن الناصب يصرف الفعل المضارع إلى المستقبل، نحو (أحب أنْ تزورني).
- إذا دخل عليه حرف تنفيس، نحو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}[4].
- إذا دخلت عليه نونا التوكيد، نحو قوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ}[5].
- إذا دخلت عليه أداة شرط، نحو قوله تعالى: {إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ}[6]، إلا (لو) الشرطية فإنها تفيد الشرط في الماضي، نحو (لو زارني لأاكرمته) وفي الإستثناء نقاش نعرض عنه.
- بعد (لو) المصدرية، نحو قوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}[7]، وفيها نقاش أيضا.
- بعد (هل)، وهي تخصص المضارع بالإستقبال غالبا، نحو (هل تسافر؟).
- إذا اقتضى طلبا كالأمر والنهي والدعاء والتحضيض والتمني والترجي، نحو قوله تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ}[8].
- إذا اقتضى وعدا أو وعيدا، نحو قوله تعالى: {يُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء}[9].
- إذا أُسندَ إلى متوقع، نحو قوله تعالى: {أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}[10].
- الدلالة على حدث مستقبل بالنسبة إلى حدث مستقبل قبله: نحو (سأذهب إليه وقد امتلأ المجلس بالحضور وأرد عليه)، الشاهد في (أرد)، حيث أنه ينوي الرد عليه إذا امتلأ المجلس.
- دلالته على المضي في عدة مواضع، منها:
- إذا اقترن بـ (لم) و (لما)، نحو قوله تعالى: {بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ}[11].
- إذا دخلت عليه (لو) الشرطية، نحو قوله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ}[12]، وهو الغالب.
- إذا دخلت عليه (إذ)، نحو قوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ}[13]، أي قُلتَ.
- إذا دخلت عليه (قد) التقليلية، نحو: (قد أترك القرن مصفرّا أنامله)[14]، وفيها نقاش نعرض عنه لأنها تفيد المستقبل كذلك نحو: (قد يشفى المريض).
- إذا دخلت عليه (ربما)، وقول النحاة أنها مختصة بالفعل الماضي، فإذا دخلت على المضارع صرفته إلى المضي، نحو قول الشاعر[15]:وفيه كلام أيضا يُراجع في محله.
- رُبَّمَا تَكْرَهُ النُّفُوسُ مِنَ الْأَمْــرِ لَهُ فَرْجَةٌ كَحَلِّ الْعِقَالِ
- إذا وقع المضارع حالا عامله فعل ماض، نحو (أقبل عليٌّ يـبتسم).
- حكاية الحال الماضية، استحضارا لصورته في الذهن كأنه مشاهد مرئي، نحو قوله تعالى: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ}[16]، فسَوْم فرعون بني اسرائيل سوء العذاب وتذبيح الأبناء أحداث ماضية، غير أنه عبر عنها بالفعل الذي يدل على الحال لقصد احضار مشهد التعذيب أمام العين، وفيه خلاف.
- الإستمرار التجديدي:
- نحو قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ}[17]، وكذلك: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ}[18].
- الدلالة على الحقيقة من حيث غير مقيدة بزمن، نحو قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء}[19].
- الدلالة على أن الفعل حاصل وهو مستمر لم ينقطع، وذلك إذا سبق بفعل دال على الإستمرار نحو (لا يزال) و (لا يبرح)، ونحو قوله تعالى: {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ}[20].
- مقاربة حصول الفعل، نحو (يكاد السارق يقول خذوني)، ونحو قوله تعالى: {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ}[21].
- تلبس حصول الفعل بوقت من الأوقات، نحو (يمسي العامل متعبا ويصبح مستريحا).
- الدلالة على الدخول في زمن معين، نحو قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ}[22].
- تقليل حصول الفعل إذا سبقه ما يدل على التقليل، نحو (قد يصدق الكذوب).
والحمد لله رب العالمين
فواز سرحان
1 فبراير 2016
21 ربيع الثاني 1437
[1] لسان العرب ج9 ص40 (باب ضرع).
[2] راجع معاني النحو للدكتور فاضل السامرائي ج3 ص280.
[3] سورة العلق: 6-7.
[4] سورة النساء: 57.
[5] سورة الفتح: 27.
[6] سورة الإسراء: 54.
[7] سورة القلم: 9.
[8] سورة الطلاق: 7.
[9] سورة المائدة: 40.
[10] سورة الزمر: 46.
[11] سورة يونس: 39.
[12] سورة فاطر: 45.
[13] سورة الأحزاب: 37.
[14] مقتبسة من قصيدة طاف الخيال علينا ليلة الوادي، لأحد شعراء العصر الجاهلي يُدعى: عبيد بن الأبرص
[15] قال الأصمعي: حدثنا أبو عمرو بن العلاء أنه سمع أعرابيا ينشد الأبيات في مكة، إلى آخر القصة في هربه من الحجاج.
[16] سورة البقرة: 49.
[17] سورة البقرة: 245.
[18] سورة البقرة 258.
[19] سورة البقرة: 74.
[20] سورة البقرة: 217.
[21] سورة النور: 35.
[22] سورة الروم: 17 – 18.