معنى الفعل المضارع ودلالاته

الشيخ فواز سرحان
Latest posts by الشيخ فواز سرحان (see all)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين

 

معنى الفعل المضارع ودلالاته

 

تعريفه:

مضارع: اسم فاعل من ضارعَ، تقول: مُضَارِعٌ لَهُ: مُشَابِهٌ، قال ابن منظور في لسان العرب: (والمضارع: المشبه. والمضارعة: المشابهة. والمضارعة للشيء: أن يضارعه كأنه مثله أو شبهه)[1].

سُـمِّيَ بالمضارع لمشابهته بالإسم، ويذكر النُّحاة أوجه للشبه، وأهمها مشابهته للإسم في كونه معربا في بعض حالاته، بخلاف أخَوَيْه الماضي والأمر.

 

دلالته على الزمن[2]:

يدل الفعل المضارع على أزمان متعددة، نذكر منها اثنيْ عشر، ونعرض عن المناقشة تجنبا للإطالة:

  1. الدلالة على الحال والإستقبال:
  2. نحو (هو يأكل) و (هو يمشي).
  3. الدلالة على الحال تنصيصا:
    1. إذا دخل عليه ما يفيد الحالية، نحو (هو يأكل الآن) و (هو يمشي الآن).
    2. إذا دخلت عليه لام الإبتداء – على رأي الكوفيين -، نحو قوله تعالى: {كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى () أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى}[3]، وفي المسألة خلاف، يُطلَبُ في محله.
    3. نَفْـيِه بـ (ليس) و (ما) و (أنْ) عند الإطلاق، نحو (ما خالد يكتب) و (ليس عمرو يقرأ)، إلا إذا كانت هناك قرينة تصرف الفعل المضارع عن الحال، نحو (ما زيد يسافر غدا).
  4. دلالته على الإستقبال تنصيصا:
    1. إذا دخل عليه ما يفيد المستقبل، نحو (يقضي الله بين عباده يوم القيامة).
    2. النصب، فإن الناصب يصرف الفعل المضارع إلى المستقبل، نحو (أحب أنْ تزورني).
    3. إذا دخل عليه حرف تنفيس، نحو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}[4].
    4. إذا دخلت عليه نونا التوكيد، نحو قوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ}[5].
    5. إذا دخلت عليه أداة شرط، نحو قوله تعالى: {إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ}[6]، إلا (لو) الشرطية فإنها تفيد الشرط في الماضي، نحو (لو زارني لأاكرمته) وفي الإستثناء نقاش نعرض عنه.
    6. بعد (لو) المصدرية، نحو قوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}[7]، وفيها نقاش أيضا.
    7. بعد (هل)، وهي تخصص المضارع بالإستقبال غالبا، نحو (هل تسافر؟).
    8. إذا اقتضى طلبا كالأمر والنهي والدعاء والتحضيض والتمني والترجي، نحو قوله تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ}[8].
    9. إذا اقتضى وعدا أو وعيدا، نحو قوله تعالى: {يُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء}[9].
    10. إذا أُسندَ إلى متوقع، نحو قوله تعالى: {أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}[10].
  5. الدلالة على حدث مستقبل بالنسبة إلى حدث مستقبل قبله: نحو (سأذهب إليه وقد امتلأ المجلس بالحضور وأرد عليه)، الشاهد في (أرد)، حيث أنه ينوي الرد عليه إذا امتلأ المجلس.
  6. دلالته على المضي في عدة مواضع، منها:
    1. إذا اقترن بـ (لم) و (لما)، نحو قوله تعالى: {بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ}[11].
    2. إذا دخلت عليه (لو) الشرطية، نحو قوله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ}[12]، وهو الغالب.
    3. إذا دخلت عليه (إذ)، نحو قوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ}[13]، أي قُلتَ.
    4. إذا دخلت عليه (قد) التقليلية، نحو: (قد أترك القرن مصفرّا أنامله)[14]، وفيها نقاش نعرض عنه لأنها تفيد المستقبل كذلك نحو: (قد يشفى المريض).
    5. إذا دخلت عليه (ربما)، وقول النحاة أنها مختصة بالفعل الماضي، فإذا دخلت على المضارع صرفته إلى المضي، نحو قول الشاعر[15]:وفيه كلام أيضا يُراجع في محله.
    6. رُبَّمَا تَكْرَهُ النُّفُوسُ مِنَ الْأَمْــرِ                     لَهُ فَرْجَةٌ كَحَلِّ الْعِقَالِ
    7. إذا وقع المضارع حالا عامله فعل ماض، نحو (أقبل عليٌّ يـبتسم).
    8. حكاية الحال الماضية، استحضارا لصورته في الذهن كأنه مشاهد مرئي، نحو قوله تعالى: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ}[16]، فسَوْم فرعون بني اسرائيل سوء العذاب وتذبيح الأبناء أحداث ماضية، غير أنه عبر عنها بالفعل الذي يدل على الحال لقصد احضار مشهد التعذيب أمام العين، وفيه خلاف.
  7. الإستمرار التجديدي:
  8. نحو قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ}[17]، وكذلك: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ}[18].
  9. الدلالة على الحقيقة من حيث غير مقيدة بزمن، نحو قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء}[19].
  10. الدلالة على أن الفعل حاصل وهو مستمر لم ينقطع، وذلك إذا سبق بفعل دال على الإستمرار نحو (لا يزال) و (لا يبرح)، ونحو قوله تعالى: {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ}[20].
  11. مقاربة حصول الفعل، نحو (يكاد السارق يقول خذوني)، ونحو قوله تعالى: {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ}[21].
  12. تلبس حصول الفعل بوقت من الأوقات، نحو (يمسي العامل متعبا ويصبح مستريحا).
  13. الدلالة على الدخول في زمن معين، نحو قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ}[22].
  14. تقليل حصول الفعل إذا سبقه ما يدل على التقليل، نحو (قد يصدق الكذوب).

 

والحمد لله رب العالمين

 

فواز سرحان

1 فبراير 2016

21 ربيع الثاني 1437

 

[1] لسان العرب ج9 ص40 (باب ضرع).

[2] راجع معاني النحو للدكتور فاضل السامرائي ج3 ص280.

[3] سورة العلق: 6-7.

[4] سورة النساء: 57.

[5] سورة الفتح: 27.

[6] سورة الإسراء: 54.

[7] سورة القلم: 9.

[8] سورة الطلاق: 7.

[9] سورة المائدة: 40.

[10] سورة الزمر: 46.

[11] سورة يونس: 39.

[12] سورة فاطر: 45.

[13] سورة الأحزاب: 37.

[14] مقتبسة من قصيدة طاف الخيال علينا ليلة الوادي، لأحد شعراء العصر الجاهلي يُدعى: عبيد بن الأبرص

[15] قال الأصمعي: حدثنا أبو عمرو بن العلاء أنه سمع أعرابيا ينشد الأبيات في مكة، إلى آخر القصة في هربه من الحجاج.

[16] سورة البقرة: 49.

[17] سورة البقرة: 245.

[18] سورة البقرة 258.

[19] سورة البقرة: 74.

[20] سورة البقرة: 217.

[21] سورة النور: 35.

[22] سورة الروم: 17 – 18.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *