الثابت والمتغير في العرف

الميرزا الشيخ عباس العصفور
Latest posts by الميرزا الشيخ عباس العصفور (see all)

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

الثابت والمتغير في العرف

الأعراف تتكون من حيثيات مركبة من عادات وتقاليد مختلفة بحسب الموضوع وما تشكله الظروف البيئية ، فمنها ما تتقوم به ذات الموضوع ولا يتأثر بالظروف ومنها ما هو متغير بحسب الظرف، وفي سياق التغير تكون التقاليد موروثات شبيهة بالعقائد وتتحول العادات لأصول سلوكية في الموروثات المعيشية.

فالجهات الشبه عقائدية تتسلل إليها المفاهيم العرفية من عدة جهات، فبعضها يكون متوارثا مجهول المنشأ، وبعضها الآخر يكون متوارثا من أديان أخرى منسوخة من الشريعة السمحاء، ومنها ما يكون مسلما بكونه من مكارم الأخلاق وتحصيل المدح من المحيطين لا لكون الفعل نفسه يستلزم المدح من العقلاء بل باعتباره التزاما بالتقاليد.

أما الظروف فهي بطبيعتها العامة متغيرات نوعية، وقدراتها التي تغير هيئات المواضيع وصورها هي المؤثرة على الأحكام العرفية، فالسياقات المتغيرة في الظروف البيئية تتسبب في تغير طريقة تفكير الأجيال المتلاحقة، والتغيرات الاقتصادية قد تتسبب بتغيير الموزون إلى مكيل أو العكس بحسب الشحة والوفرة في الظرف، وهذه التغيرات لا تكون كالعارض الزائل بقدر ما هي مؤصلة أو متأسسة في الأعراف الحاكمة في المجتمع .

فمن هذا القبيل وذاك يتحصل الحال عرفا بملاحقة اللزوميات التي تؤدي لتحصيل النتيجة العرفية نظرا لكونها معلولات كاشفة في نظر العرف ونسبه العرفية، فالمتصرف في المبيع بهيئة عرفية حينما يتلفه أو يستهلكه بما يسقط الخيارات عنه لا رجعة له، أو رجعة الزوجين بعد الطلاق الرجعي بتصرف من الزوج بهيئة عرفية تصلح أن تكون قرينة للرجوع ظاهرا أو ما شابه الصورتين السابقتين مما يكون فيه العرف آلة لتحصيل مواضيع الأحكام الحالية.

والجدير بالذكر أن الشريعة السمحاء تستتبع مختلف التصرفات الكاشفة عن الحال عرفا بحسب المقتضى الموضوعي ، فما كان جناية فبحسب العلة الموجبة لذلك كالتصرفات والمقولات التي تعد استهزاءا بالمؤمنين عرفا بينما الجناية في المسائل الشرعية الفرعية تكون في الأطراف لكن تتبع علل المعلولات في نظر العرف بحسب أماراته الحالية أوالمقالية تتكون قضايا ذهنية خاصة في سياق التبادرات العامة كما مثلنا سابقا.

أما على نحو التغييرات البيئية العامة فعلل الثبوت والتغير لا تعتبره الشريعة من الأمارات لعدم وجود المقتضي لذلك، لأن المقياس الشرعي العام هو موافقة العرف مع الشريعة أو مخالفته بحسب الأصول والقواعد وعرف المتشرعة القاضي بتحصيل الحقيقة من مواضيع الأحكام والمؤثر فيها .. أما متابعة علل الأعراف وتواريخها وسير تغيراتها فهو من مواضيع علم الاجتماع الصرفة وليس من المواضيع الشرعية..

 

والحمد لله رب العالمين

 

الميرزا عباس العصفور

النجف الأشرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *