في رحاب أنوار فاطمة ع المظلومة

والحمدلله حمدا _ لا انقطاع له والشكر لنعمائه شكرا   _ متواصلا لرضاه و فضله، والصلاة والسلام على خير خلقه الذين اصطفاهم لعلمه محمد وآل محمد ، وجعل مقاليد الأمور إليهم بالدلائل والبراهين رغم جحود الجاحدين، فمن كتابه وسنن نبيه صلى الله عليه آله عرفنا وحدانية الله وكتبه ورسله، فتعلقنا وتحدقنا لنصل لمرضاته عبر أوليائه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين وبالتسعة المعصومين من ذرية الحسين عليهم السلام طائعين غير منكرين.

مقالي يتمحور عن مظلومية فاطمة الزهراء عليها السلام ,ونكون في رحاب نورها صلوات الله وسلامه عليها .

إن عجز المسلمين عن وصولهم لكنه او توصيف فاطمة (عليها السلام) ليس لتقصيرهم بل لعجزهم عن وصف تلك المعصومة التي آثرت وتحملت وقاست في سبيل الله عز وجل ما قاست، أكتب هذه الكلمات وقد عجزت عن إعطاءها حقها ولكن لرفع الشبهة وتقديم الحق وهو من ديدن أمورنا، فنحن أصحاب الدليل أينما مال نميل، وفي مقالي هذا لا أستطيع أن أحيط بكل شيء ولكن أذكر ما يوفقني الله عليه أتوكل ومنه التوفيق.

فاطمة بنت محمد ص عليها السلام:

منشأ نطفتها من الجنة ، حين هبط الأمين جبرائيل ذات يوم بهديةَ من أثمن الهدايا ألتي أهدتها السماء إلى خاتم الرسل (ًصلى الله عليه وآله وسلم) وهي تفاحة من الجنة تحمل سرا “عجيبا” أودعه فيها ربّ العزة، فيتناول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تلك التفاحة لتتحول في صلبه نطفة لهذه الوليدة التي حملت بها سيدتنا أم المؤمنين خديجة عليها السلام وتبدأ رحلت الوليدة الجديدة للنبي (ص) وخديجة عليها السلام .

فعند وضعها عليها السلام تقول :الروايات من العامة 1 أن قوابل فاطمة عليها السلام هم حواء (عليها السلام)، وآسية (عليها السلام)، وكلثم (عليها السلام)، ومريم (عليها السلام) ، وأن الله تبارك سماها فاطمة لأنها تفطم شيعتها عن النار2،

إن الاختلاف وقع بين الإمامية والعامة في تحديد ولادتها سلام الله عليها ولا أخوض في الخلاف، ولكن أرادت السماء أن تصوغ امرأة يُراد لها أن تكون نموذجا  للنساء في الكمال والفضل والعفة والطهارة 3 والشرف فخلّقت فاطمة الطاهرة البتول العابدة الصديقة العالمة، فهذه الوليدة ترعرعت في كنف أبيها (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى أضحت مثلهُ لأنه أطلق عليها لقب لم يحظى به أحدٌ قبلها ولا بعدها، وهو (أم أبيها)4 لتعلقه بها، كان يقول لها قولي ((يا أبه)) فإنه أحب للقلب وأرضى للرب وهذا أنموذج بسيط عن علاقتها بأبيها.

فمولاتنا فاطمة التي كان وجهها ينيرُ المدينة في الليل، كما ذكر المؤرخ القرماني عن عائشة: كنا نخيط ونغزل وننظم الإبرة بالليل في ضوء وجه فاطمة.

فلهذا النور قصة قبل خلق الخلق، فقد روى عن ابن عباس قال: لما أمر الله تعالى آدم بالخروج من الجنة، رفع طرفه نحو السماء فرأى خمسة أشباح عن يمين العرش فقال: إلهي! هل خلقت خلقا قبلي؟ فأوحى الله تعالى إليه: أما تنظر إلى هذه الأشباح؟ قال: بلى! قال تعالى: هؤلاء الصفوة من نوري، اشتققت أسماءهم من أسمي، فأنا الله المحمود وهذا محمد، وانا العلي وهذا علي، وأنا الفاطر وهذه فاطمة، وأنا المحسن وهذا الحسن، ولي الأسماء الحسنى وهذا الحسين. فقال آدم: فبحقهم اغفر لي، فأوحى الله تعالى إليه: قد غفرت لك. وهن الكلمات التي قال تعالى عنها : [فتلقى آدم من ربه كلماتٍ فتاب عليه]5.

وهذه الأنوار المتكاملة في عالم الذّر، متكافئة في الدنيا فشـاءت إرادة السماء على تزويج النور من النور، وأخرج ابن عساكر عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام ) أمرت بتزويجك من السماء …

قد أضاء النور الفاطمي بيت الإمام علي عليه السلام، وكانت فاطمة كفوا “ونظيرا” لأمير المؤمنين (عليه السلام) في أن يكون كل منهما مقياسا للحق ومحورا له، وقد عاشت في بيتها ملتزمة بأموره، إلى أن استشهدت مظلومة مهضومة الحق ولم يراعوا قول نبيهم (صلى الله عليه وآله) في حقها، هجموا على دارها وأحرقوا بابها وكسروا ضلعها وأسقطوا جنينها، حتى دفنها بعلها (عليه السلام ) ليلا، وأعفى قبرها لكي لا ينال شفاعتها من ظلمها.

 

قد أخبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما يجري عليها وذكر أكثر علماء العامة ما يجري عليها6.

و قد أخبر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه إذا كان يوم القيامة _ لأنه يوم الثواب والأكبر لأولياء الله تعالى،يوم طالما انتظره المقربون بفارغ الصبر لينالوا من معبودهم الجزاء الأوفى والأوفر_ جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، ثم نادى من بطون العرش: إن الجليل جل جلاله يقول:(نكسوا رؤوسكم وغضوا أبصاركم فإن فاطمة بنت محمد ( عليها السلام) تريد أن تمر على الصراط7.

ألا يحق لها وهي أم العفاف حتى أنها لم تخرج حتى على الأعمى، ولعل قائلا يقول هذا من عندكم! متهما النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والرواة الثقاة عنه!  أوليس كله من عند الله لأنه (صلى الله عليه وآله) لا ينطق عن الهوى.

وقد أخبرنا (صلى الله عليه وآله): يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها، والحديث من الفريقين، فتكون (عليها السلام) الشافعة لمن رضت عنه مصداقا لقوله تعالى: (لا يشفعون إلا لمن ارتضى) لأنها وعدت شيعتها أنها لن تدخل الجنة حتى يدخلوا معها.

كذا في حديث الخوارزمي عن سلمان قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا سلمان من أحب فاطمة ابنتي فهو معي في الجنة ومن أبغضها فهو في النار. يا سلمان! حبّ فاطمة ينفع في مائة من المواطن، أيسر تلك المواطن الموت، والقبر، والميزان، والمحشر، والصراط، و المحاسبة، فمن رضيت عليه ابنتي فاطمة رضيت عنه، ومن رضيت عنه رضي الله عنه، ومن غضبت عليه ابنتي فاطمة غضبتُ عليه، ومن غضبتُ عليه غضب الله عليه، ياسلمان! ويل لمن يظلمها ويظلم بعلها أمير المؤمنين عليا (عليه السلام)، وويل لمن يظلم ذريتها وشيعتها.

وفاطمة مقامها أجل من المؤمنين الذين أجمع الفرقاء على قبول شفاعتهم لأريعين نفر يوم القيامة، ولا يمكن للباحث عن الحقيقة التنكر بعقلية لا ترضى بدليل ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

الشيخ حسين علي المولى

النجف الاشرف 2جمادي الاخر 1437هجري

 

1-_ذخائر العقبى ص45-الحنفي في ينابيع المودةج3ص135الرقم382.

2-_الذهبي عن البخاري وأخرجه ابن حجر عن البخاري.

-3_إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)33اية سورة الأحزاب.

4-_المعجم الكبيرج22 ص397-تاريخ مدينة دمشق ج3ص156.

5-_تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبين ص23-البقرة 37.

6-_ابن قتيبة الدنيوري في المستدرك-البلاذري في كتاب الإمامة والسياسة-مروج الذهب

كتاب المحسن السبط لسيد محمد مهدي الخرسان دام ظله ذكر اسانيد كثيرة تثلج الفؤاد.

7-_نظم درر السمطين ص182

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *