عادية العرف

الميرزا الشيخ عباس العصفور
Latest posts by الميرزا الشيخ عباس العصفور (see all)

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .

كان الكلام في ادعاء الحاكمية للعادات على التشريعات مطلقا٫ وقد اتفقنا على حاكمية الشريعة في كل الأحوال نظرا لضبابية واتفاقية العرف بجانب أن التعبد بالعرفيات له طرقه وسياقاته المجعولة في الشريعة.

وقد آن أوان الوفاء ببيان العادات كما وعدناكم سابقا٫ فالعادات والتقاليد العرفية المختلفة لها عدة سياقات للتعارف والتسالم٫ منها ما هو موروث مصادفة ٫ ومنها ماهو مفروض على الناس حتى تعارفوا عليه لمصالح سياسية أو اجتماعية معينة ومنها ماهو مأخوذ بتفكير جمعي آو علة تقتنع بها مجموعة ما.

فالعادة العرفية المصادفة والموروثة لا يمكن مناقشتها بسبب غياب معيارها أو عدم وضوحه٫ وفي مثل هذه الحالات الاتفاقية لا يمكن تقنين القانون بلا معرفة الوسيط القياسي.

والمفروض على الناس بسبب بيئي أو سياسي أو حكومي أو وضعي حتى يقتنع به البعض أو يتسالمون عليه يسمى قانونا وضعيا ومنه ماهو قهري ومنه الاختياري ومنه الاستحساني والتنظيمي وغيره مما نعيشه اليوم٫ وهذا القانون المدني لا يعد عرفا ولكن شريعة وضعية للشارع المقدس فيه أخذ ورد.

ونأتي للعادات المقبولة عند العقلاء حيث وضعت في الأعراف لمنشأ عقلائي خاص واضح المعالم ٫ كأن يكون للواضعين والمتسالمين وجه وجيه بلا تدخل من القوانين المفروضة قهرا ٫ ولو من باب اللياقة أو الاستحسان بحسب السياق العقلي لا النفسي ٫ فللشرع فيه إمضاء إن لم يصطدم بالمانع وذلك لأن الشارع لا يختلف مع العقلاء.

الأقيسة في مثل هذه العادات تكون ذات تأليف مختلف بين المقدمات وإن شابهتها صوريا في هيئة الأقيسة إلا أن المحمول على الموضوع إسناده علي نحو تسامحي خاص بوجه من وجوه العقل٫ لذلك فقد تنتج مثل هذه المقدمات في سقوط الحد الأوسط نفس التسامح في تآلف موضوع الأولى  ومحمول الأخرى والعكس في النتيجة النهائية المركبة٫ كما وأن الحد الأوسط لو أخذ علة فيها فيحتاج لكثير من القيود والتقييدات لحصر وتنظيم الصدق في منتجات النتيجة٫ لذلك فحمل الإطلاق والتقييد على نحو عرفي في الأمور الإضافية قائم.

هذا إذا أخذنا العادة على نحو ذاتي لا إضافي ٫ أما في الإضافيات القائمة على المستثنيات عادة لتحقيق العادة الفريدة أو بيان اختلاف عناوين موضوع العادة لتحصيل حكم خاص من الشارع فهنا يصبح الكلام إجماليا فيتحصل له من الشارع حكم إجمالي يشمل العنوان من وجه من الوجوه فيحصل الحكم بنفس مقدار ذلك الوجه.

ولكن لو أخذ العنوان على نحو خاص لظرفه الخاص ونوعه الخاص فيتحصل له حكم خاص متقيدا بالظرف والتقييدات الإضافية.

والحمد لله رب العالمين.

 

عباس العصفور

النجف الأشرف

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *