التوافق في تأليف القضايا العرفية

الميرزا الشيخ عباس العصفور
Latest posts by الميرزا الشيخ عباس العصفور (see all)

بسم الله الرحمان الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين

قد مر سابقا بأن القضايا العرفية لو دخلت في أشكال القياس لكان الحد الأوسط متفاوتا في مصداقه في عالم الإثبات، وفي هذه الحالة سنحتاج للتنسيق الإسنادي والحملي على ما يصدق عليه الدليل للوصول للهيئة المقيدة.
فلو أطلقنا العنان بلا تقييد وتركنا المفاهيم على عمومياتها لتداخلت وتعارضت حتما بكيفية قد يمتنع معها التوفيق والتنسيق حيث سيتحول الأمر من حالات التوفيق والجمع لحالات الامتناع والضد حيث ستختلف مصاديق الحد الأوسط ونفقد الاتصال بين القضيتين إما موضوعا أو حملا ..
مثلا :
الصورة الأولى :
لو قلنا بحسب الأدلة الواردة عن أهل البيت عليهم السلام بجواز غيبة الأب لإبنه وفي دليل آخر حرمة الغيبة لجمعناهما بكونهما حكمين مختلفين وحكم غيبة الأب أخص وأظهر من الحكم العام، ولكن لو فرضنا الجمع بين الحكمين فهل يتصور الحكم بالكراهة بناتج الجمع بين النهي والترخيص ؟ سياتي ذلك في الأحكام .. ولكن الذي يعنينا أنه لا شيء يجمع الموضوعين غير حمل الغيبة عموما تارة وخصوصا أخرى، ومن هذه الجهة نجد لو قلنا بالكراهة لعارضنا رواية التجويز والترخيص.
الصورة الثانية :
لو رجعنا لدليل تجويز الغيبة للفاسق عن أهل البيت عليهم السلام وحملناها على الترخيص بمفهوم الفاسق العام ، فالمعنى متفاوت حتى لغير الفاسق عرفا حيث سيشمل الغير محتشمين لقلة مروءتهم وحالق اللحية لرفض شهادته عند البعض وهكذا سيتناول مصداق الغيبة بهذا المفهوم أفرادا كثيرة قد نهتنا الأدلة وحرمت اغتيابها ..
فالتنسيق والترتيب في الاتصال بين معاني المفاهيم لتتلاقى في المصاديق الخارجية مطلوب كي لا تتغير القضايا بتغير الحدود الوسطى فتفقد هيئتها الاتصالية التي تؤلف بين موضوع الأولى ومحمول الثانية أو العكس بالعلة التي يصنعها هذا الاتصال.
لذلك مراعاة جانب الصدق في المصداق مطلوب لتحقق الظهور بالقدر المتيقن الصالح للاحتجاج وتأليف الحجج بالجمع العرفي بين الأدلة.
لو نظرنا إلى الضد في الوجه المسكوت عنه بين القضيتين فلا يعتبر ذلك مسقطا لحجيتهما بهذا التعارض وإنما قد ينفصلان كما في الصورة الأولى فتكون الأولى عامة والثانية خارجة تخصيصا لها حكمها المستقل بها ، أو كما في الصورة الثانية حيث يجمع الحكم في الظهور بالقدر المتيقن فيه الحكم من المصاديق الخارجية..

أما لو انقطع هذا الاتصال ستصبح القضيتان غريبتين عن بعضهما البعص باعتبار عدم اتحاد الموضوع أو تغير الأدلة ، كما في الأدلة : بأن في الجنة خمرا محللا وفي جانب آخر من الأدلة  بحرمته في الدنيا فلا يجتمع ذلك بكراهته وليست حليته في الجنة حجية كافية لتناوله في الدنيا لأن الدليل لم يتناول ذلك أبدا، وكل دليل مستقل بمصداقه ..
والحمد لله رب العالمين
عباس العصفور
النجف الأشرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *