المثيلي والمثالي

الميرزا الشيخ عباس العصفور
Latest posts by الميرزا الشيخ عباس العصفور (see all)

بسم الله الرحمان الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين..
في عملية الاستقراء يتم جمع الأفراد تحت عنوان عام سواء كان وصفيا أو ذاتيا وذلك عبر التتبع والملاحظة، ويراعى في مثل هذا العمل البحث في المماثل، فقد يتناول هذا التتبع تمام الأفراد وقد يستعصي ذلك بسبب مطاطية العنوان أو تكثر الأفراد..
وهناك غرضان من هذا العمل في السياق العلمي، فقد يتم جمع الأفراد تحت مسمى واحد لجعلها في حكم واحد وقد يتم جمع مجموعة أفراد بلا مسمى معين لانتزاع مسمى واحد يجمعهم تحت عنوان معين يكون محكوما بمفهوم معين.
ففي الأول : هناك حمل أولي لمفهوم ما يتتبع الأفراد،
وفي الثاني : فهناك حمل شايع ننتزع من مصاديق أفراده مجتمعة المفهوم لنحمله لحمل الأولي .
مثال الصورة الأولى :
أن نجمع كل حدث مقترن بالزمان لنجعلها تحت مسمى الأفعال في اللغة العربية .
مثال الصورة الثانية :
أن ننتزع من هذه الأفراد تقسيمات بحسب الزمان كالماضي والمضارع والأمر .. أو تصريفاتها كالمبني للمجهول والمعلوم في أبنيتها، أو اللازم والمتعدي ..

قد كثر الحديث والنقاش في الاستقراء ومديات إمكانيته الاستدلالية عبر مثل هذه الدلالات لما تحمله المثلية من دلالات متفاوتية بجانب الاندراج على نحو متفاوت في مفهوم العنوان لمن يقول بهذا التفاوت في اندراج المركبات فيه بجزئيات معينة دون أخرى :
مثلا :
* الجدلية في اندراج كان الناقصة تحت مسمى الأفعال في القسمة قد يجعله فردا مرددا في الاستقراء رغم المماثلة من وجه .
* جدليات المعنى الحرفي الذي يستبطن الإسمي أيضا ..
* جدليات الأفعال الجامدة بين كونها فعلا أو إسما..
وهكذا فالبحث في المصاديق الخارجية قد يتفاوت في المركبات والأفراد المشككة.
فهل يا ترى يستطيع الاستقراء بطريقته الجامعة أو الانتزاعية الوصول لحقيقة مثل هذه الأفراد المرددة والمشككة المجهولة؟ وإن جعلنا عنوانه المنتزع تحت حكم عقلي معين فهل سيشمل الفرد المردد والمشكك؟
كل ذلك محكوم بسياق المسألة العقلية وإمكانية القسمة بأشكالها المنطقية والطبيعية والعقلية بحسب المقسم، واندراج القسيم فيها لا يلاحظ فيه سوى الجامع بين الأفراد لتحقيق القسمة القائمة على بحث المثيل دون النظر للخصوصيات التي تختلف بين القسيمين..
كما اتفقنا على توافق المثيل في الاندراج تحت عنوان ما في قسمة أو استقراء فكذلك لا نختلف في ضد هذا المثيل مع قسيمه في ما يميزه عنه من وجه آخر وبعنوان آخر وفي موضوع آخر، فالمثلية لها سياق ووجه وموضوع معين والضد كذلك يستلزم موضوعا آخرا ومعينا أيضا ..
هذا ما هو متبع في العلوم الطبيعية وسياقاتها المعرفية ، أما ما اتبعه بعض علماء اللاهوت والعقائد من (خلق) مفهوم أولا للرب وللإله ثم أخذوا يبحثون عنه بنحو وجه استقرائي تتبعي أو انتزاعي بسيطا كان أو مركبا جعلهم يدورون في أفلاك متعددة بين تعدد الرب للمعنى المركب حيث يستلزم الإضافات المتعددة كلما دعت الحاجة له ، وبين المفهوم البسيط الذي لا يتناول المعاني المركبة، فظهر عندهم الرب ذو الأيادي المجسمة أو الأيادي المتعددة أو الرؤوس المتعددة وماشابه ذلك وشاكله وماثله..
وهنا وقف اللا أدريون مدعين صعوبة اكتشاف الرب في استقراءاتهم، وافتقارهم في تعدد الدلالات إلى ضابط واحد يبين الحقيقة للجميع عبر الاستقراء ..
وقد اتخذوا في مثل هذه المسألة حالة تخطئة كل الأديان في مفهوم الربوبية وقالوا: بأن الرب غير موجود عبر استقراءاتنا لتضارب المفاهيم وضدها واختلافها مع بعضها البعض عند الأديان ! وادعوا بأن مصاديق الإله في الخارج تكذب بعضها البعض ! وقد ضاع علينا المفهوم المثالي.
وللحديث تتمة ..
والحمد لله رب العالمين

عباس العصفور
النجف الأشرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *