من المخلص؟ (الأديان والمعتقدات)

الميرزا الشيخ عباس العصفور
Latest posts by الميرزا الشيخ عباس العصفور (see all)

بسم الله الرحمان الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

مر ما يروج له البعض من حلول تطبيقية أو تياراتية أو حزبية أو علمية، وآن الأوان لمناقشة العقائد الدينية التي بشرت بالمخلص.
فالأديان بطبعها منها ما هو الوثني أوالإبراهيمي الموحد كأهل الكتاب، ومنها ما هو شبه سماوي حيث يدعي أنه يستقي الشريعة من الخالق جل وعلا، لذلك ترى المدعى المتشابه بينها وبين الأديان السماوية لما اقتبسته منها، كقصة النبي النوح المتشابهة مع البابليين وغيرهم مع تغيير الأسماء لتكون تلك القصة مذكورة في خمس أديان بتسميات مختلفة.
* فالبوذيين: ينتظرون بوذا الخامس الذي سيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
* الزرادشتيين: ينتظرون سوشيانت الذي سيقتلع جذور الطواغيت حسب المدعى.. مع العلم أن سوشيانت عندهم ثلاثة أشخاص فيها الأول المنقذ والثاني سينشر سلوكا والثالث المنتصر الذي سيخلص العالم من ألم المتجبرين، كما ورد في كتاب أوستا وزند ورسالة زرادشت..
كما أن الزرادشتيين يقدسون الكتب المانوية فقد ورد في كتاب شابوهرجان مثله، وقد دلت النصوص هناك نوعا ما بالتبشير بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وإبنه الحجة المنتظر عجل الله فرجه الشريف.
* الهندوسية: في الهند والصين حيث ينتظر البراهمة شخصا يسمى يترتنكر ومعناه المبشر، بعد ظهور كريشنا الآلهة الذي سيؤسس به دولة العدل بمعية البراهمتيين، هذا ما ورد في كتاب الاوبانيشاد، وفي كتاب ريكودا وماندالاي يعتقدون بنزول الرب فيشنو وبيده سيف وفي الأخرى خاتما ، فتهتز الأرض وتنكسف الشمس وينخسف القمر.
واللطيف أن ينتظر البراهمة الخلاص في الوقت الذي يعتبرون أنفسهم فوق طبقات المجتمع ويستبيحونه لعلة علو طبقتهم!
* تجمع الديانات الهندية على ظهور كالي الإله الذي يأكل اللحم والذي سيوحد العالم أجمع وينتشلهم من الهبوط التام والرذيلة التي ستغزو العالم.
وإن كان هناك بحث آخر يثبت أن كالي هو النبي محمد صلى الله عليه وآله ليس هنا محله.
فلو نظرنا ودققنا مستقرئين هذه الأديان لوجدنا أن الأمل بالموعود موجود، وإن اختار كل دين تسمية منه، واختاروا شخصا معينا، إلا أنهم ينتظرون من يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
نأتي للأديان الابراهيمية:
اليهودية: انتظر اليهود موعودين ثلاثة في كتاب دانيال وكتاب أشعيا ، ولكن العناد جعلهم يفوتون من انتظروهم، فموعودهم الأول هو المسيح عليه السلام وقد تصدوا له والثاني هو النبي صلى الله عليه وآله وقد حاربوه، بقي الموعود الثالث وهو الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف، ولكنهم لا زالوا ينتظرون، وقد ظهر في الروايات أنهم سيحاربونه أيضا مع الدجال.
ورد في المزمور 72 من مزامير داود عليه السلام :
(اللهم أعط شريعتك للملك وعدلك لابن الملك ليحكم بين شعبك بالعدل ولعبادك المساكين بالحق فلتحمل الجبال والآكام السلام للشعب في ظل العدل ليحكم المساكين الشعب بالحق ويخلص البائسين ويسحق الظالم!
يخشونك ما دامت الشمس وما أنار القمر على مرّ الأجيال والعصور!
سيكون كالمطر يهطل على العشب وكالغيث الوارف الذي يروي الأرض العطشى!
يشرق في أيامه الأبرار ويعم السلام إلى يوم يختفي القمر من الوجود!
ويملك من البحر إلى البصر ومن النهر إلى أقاصي الأرض. … أمامه يجثوا أهل الصحراء ويلحس أعداؤه التراب… يسجد له كل الملوك، وتخدمه كل الأمم لأنه ينجّي الفقير المستغيث به والمسكين الذي لا معين له يشفق على الضعفاء والبائسين ويخلص أنفس الفقراء ويحررهم من الظلم والجور وتكرم دماؤهم في عينيه. … فليعش طويلاً وليعط له ذهب سبأ، وليصل عليه دائماً وليبارك كل يوم. …
فليكثر القمح والبر في البلاد حتى أعالي البلاد! ولتتمايل سنابل القمح كأشجار جبل لبنان! وليشرق الرجال في المدينة كحشائش الحقول! ويبقى اسمه أبد الدهر، وينتشر ذكره واسمه أبداً ما بقيت الشمس مضيئة! وليتبارك به الجميع، وجميع الأمم تنادي باسمه سعيدة.)
وإن كانوا يؤولون ذلك بداود عليه السلام إلا أنه ليس كذلك فهو للنبي صلى الله عليه وآله وإمامنا المنتظر عجل الله فرجه الشريف ولا يسع المقام لمناقشة ذلك بعمق، ولكن كيف لداود عليه السلام أن يقف متضرعا بين يدي الله ويسمي نفسه وابنه سليمان عليه السلام بالملك وهو يخاطب الله تعالى؟! كما أن المسيح لم يكن ملكا ولم يكن له جيش فقد اعتقله اليهود وقتلوه حسبما خيل لهم.
* المسيحية: فهم ينتظرون النبي عيسى عليه السلام وفرقطاليس الذي هو من صفات النبي محمد صلى الله عليه وآله وأنكروه على كل حال، فهم مازالوا ينتظرون فرقطاليس.
كما ورد في إنجيل يوحنا اسم المعزي كعنوان للمخلّص، ففي الإصحاح ١٥/٢٦-٢٧: -ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الأب روح الحقّ الذي عند الأب ينبثق فهو يشهد لي وتشهدون أنتم أيضاً لأنّكم معنا في الابتداء.

وفي الإصحاح ١٦من نفس الإنجيل: -ولكنّي أقول لكم الحقّ إنّه خير لكم أن انطلق لأنّه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي، ولكن إن ذهبت سأرسله إليكم، ومتى جاء ذلك العالم على خطيئة وعلى بر وعلى دينونة…- إلى أن يقول: -إنّ لي أموراً كثيرة ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن، وأمّا متى ما جاء ذاك روح الحقّ فهو يرشدكم إلى جميع الحقّ؛ لأنّه لا يتكلّم من نفسه بل كلّ ما يسمع يتكلّم به، ويخبركم بأمور آتية- [الإصحاح: ١٦/١٢-١٣].

فالمعزى والمحمي والفرقطاليس وأمثالها تسميات أشارت للنبي محمد صلى الله عليه وآله كما وأشارت لحفيده عبارات كثيرة بشرت بها الأديان السماوية، وغير السماوية..
فعند المزديين سوشيانت، وعند البوذيين بوذا الخامس وعند اليهود الملك، وعند المسيح عيسى عليه السلام وفارقليط والمعزى، وعند الهندوس كريشنا فهو المهدي المنتظر عجل الله فرجه وإن غيروا في مواصفاته العقدية وتسمياته الواضحة.

الحمد لله رب العالمين

عباس العصفور
النجف الأشرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *