الأدلة على إمامة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)..

الشيخ زهير الشيخ محمد الشيخ جعفر الخال

بسم الله الرحمن الرحيم

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

والحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين النبي الأمين محمد بن عبدالله وعلى أهل بيته سفن النجاة الطيبين الطاهرين ..
مع اقترابِ ذكرى ولادةِ المنقذ والمخلص المولى صاحب العصرِ والزمان (عجل اللهُ تعالى فرجهُ الشريف) في النصفِ من شهرِ شعبان المبارك،
أتقدم بأزكى التهاني والتبريكات لمقامِ رسول اللهِ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) وإلى أهل بيتهِ (عليهم السلام) بهذه الذكرى العطرة المباركة.

.. .. ..
? رويَّ في الحديث عن رسول اللهِ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم):

(( مَنْ مات ولم يعرف إمام زمانهِ مات ميتةً جاهلية )).

ينابيع المودة ج:3 ص:372. طبقات الحنفية ص:457.
? إنَّ “الإِمامة” عند الشيعةِ الإمامية أصلٌ مِن أصولِ الدين، ولا يتمُ الإيمان إلا بالإعتقاد بها، وأنها كالنبوة، فكلُ الأدلة التي دلَّت على وجوبِ النبوة دلَّت على وجوبِ الإمامـة، فالإمامَةُ قائمةٌ مقامَ النبوة إلا في تلقي الوحي الإلهي بلا واسطة، وكما أن النبوة واجبةٌ على الله في الحكمة، فكذلك الإمامة.
لذلك قال الشيعة الإمامية بأن وجوب نصب الإمام بالنص أو التعيين مِنَ الله سبحانه وتعالى، لأن الإمامة عندنا هي امتدادٌ لوظيفة النبوة روحياً وسياسياً، فكما أنَّ النبي يعين من قِبل الله عز وجل كذلك الإمام.

والدليل على ذلك في قول الله سبحانه: ( وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ). سورة البقرة، آية 124.

فالآية الشريفةُ صريحةٌ في أن الإمامة لا تكون لأحدٍ إلا بجعلِ الله تعالى.

والإمامةُ عهدُ الله، أي مسؤولية إلهية مهمة، فلا تناط إلا لمن لديه أهلية القيام بها، وهي أن يكون غير ظالم لنفسهِ أو لغيرِهِ، وهذا لا يتحقق إلا إذا كان الإمام معصوماً، لأنَّ العصمة ملكةٌ ثابتةٌ ودائمة.

والإمامة هي لحفظ قوانين الشرع الحنيف.
? إذاً فالإمامة كالنبوة لا تكون إلا بالنصِ من الله سبحانه وتعالى على لِسانِ رسُولِهِ، أو لسان الإمام المنصوب بالنص إذا أراد أن ينص على الإمام مِن بعدِهِ.
فقد نصّ النبي محمد (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) على خليفته والإمام من بعده على البرية، وأخذَ له البيعةَ بإمرة المؤمنين في يوم الغدير: (( ألا مَن كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه )). المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري: ج3، ص109، 110.

ثم نصّ عليٌّ (عليه السلام) على إمامة الإمام الحسن (عليه السلام)، ثم الإمام الحسن (ع) نصّ على إمامة الإمام الحسين (عليه السلام) وهكذا إمامٌ بعد إمام، ينص المتقدم منهم على المتأخر، إلى آخرهم وهو أخيرهم إمامُ الزمان الحجة بن الحسن (عليه السلام) الذي نصَّ عليه أبوه الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
والأدلة في النصّ على إمامة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجهُ الشريف) عديدة، ومنها النصوص الخاصة:
– في الرواية عن كلٍّ من معاوية بن حكيم، ومحمد بن أيوب، ومحمد بن عثمان، قالوا: ( عرض علينا أبو محمد الحسن بن علي “عليهما السلام” ولدَهُ، ونحن في منزلهِ، وكُنا أربعين رجلاً، فقال (عليه السلام): هذا إمامكم مِنْ بعدي، وخليفتي عليكم، أطيعوهُ ولا تتفرقوا من بعدي في اديانكم فتهلكوا، أما أنكم لا ترونهُ بعد يومكم هذا ). ينابيع المودة: ج3، ص323. / كمال الدين: ص44.
وقد أكدت رواياتٌ كثيرةٌ على النص على إمامته وأنه الإمام الثاني عشر من خلفاءِ رسولِ الله (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم)، ومن بين تلك الأخبار التي نص فيها الإمام العسكري (عليه السلام) على إمامة ولده الإمام المنتظر (عجل الله فرجه):
– ما رواه الثقة الجليل محمد بن عثمان العمري، عن أبيه، قال: سُئل الإمامُ أبو محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) وأنا عنده عن الخبر الذي رويَّ عن آبائه (عليهمُ السلام): (( إنَّ الأرض لا تخلو من حجةٍ للهِ على خلقه إلى يومِ القيامَةِ، وإنَّ مَنْ ماتَ ولم يعرف إمامَ زمانِهِ مات ميتةً جاهلية )).

وأكد الإمام على صحة الحديث، قائِلاً: ( إنَّ هذا حق، كما أنَّ النهار حق ).

وسارع شخص في مجلس الإمام قائلاً: يا بن رسول الله، فمن الحجةُ والإمامُ بعدك ؟

فدلّهُ الإِمامُ على حجةِ الله بعده قائلاً: ( ابني محمد هو الإمامُ والحجة بعدي، مَنْ مات ولم يعرفهُ مات ميتةً جاهلية، أما إنَّ لهُ غيبةٌ يُحارُ فيها الجاهلون، ويهلك فيها المبطلون، ويُكذب فيها الوقاتون، ثم يخرجُ فكأني أنظرُ إلى الأعلامِ البيض تخفقُ فوقَ رأسِهِ بنجفِ كُوفان ).

كفاية الأثر: ص292.
والأدلة العامة التي يستدلُ بها على إمامة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) هي الروايات الكثيرة التي رويت عن النبي محمد (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم ) في مصادر التراث الإسلامي التي حملت بين طياتها الأحاديث المستفيضة والصحيحة التي حصرت عدد الأئمة المنصوص عليهم اثنا عشرَ إماماً.

ومنها:

– عن النبي (صلى اللهُ عليه وآلهِ وسلم): ( بعدي إثنا عشرَ خليفة ). ينابيع المودة لذوي القربى، الطبعة الأولى، ١٤١٦هـ، المجلد 3، الباب ( 77 ).
? فَمِنْ مقتضى ما مرَّ من أدلةِ لزومِ الإمامةِ والعِصمة هو عدمُ خلو كل عصر وزمان عن وجودِ الإمام المعصوم ( إن الأرض لا تخلو من حجة ) قامَ بالسيفِ أو لم يقم، ظهر أو لم يظهر.

? وعليهِ فنحنُ الشيعة الإِمامية نعتقدُ بوجود الإمامِ المعصومِ الحي في كل زمان.
? وإن مقتضى الأخبار المتواترة أن الأئمة (عليهم السلام) هُم ( إثنا عَشَرَ )، لا أقل ولا أكثر، وإن فكرة وجود الإمام في كل عصر وزمان ليست فكرةً جديدةً، بل هيَّ أمرٌ لهُ سابقةٌ مِن لدن البشر، لما نعلم من البراهين التامة على لزوم الإرتباط بين الخلق وخالقهِ بالنبوة أو الإمامـة.

فالإعتقاد بالإمامة كانَّ مبتنياً على أساس برهاني قويم، والأدلة ثابتةٌ بالتواتر من الأخبار.
والحمدلله رب العالمين ..

وصلى الله على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين ..
خادم الآل

الميرزا زهير الخال

الأحد 10 شعبان 1438هـ.

النجف الأشرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *