التمهيد

الميرزا الشيخ عباس العصفور
Latest posts by الميرزا الشيخ عباس العصفور (see all)

بسم الله الرحمان الرحيم

التمهيد

[responsivevoice_button voice=”Arabic Male” buttontext=”القارئ الآلي”]

لفظ الحرية له موسيقى خاصة في نفوس الناس، لفظ يحول كل حالات التقييد والمسؤوليات والالتزامات إلى عبيء في النفس وشقاء في الروح تنقلب لثورة عارمة واندفاع للخلاص من كل ما يشغل بال الإنسان من التزاماته ..
هذه اللفظة اللي حار بها الفلاسفة، والمناطقة، والسياسيين، والتيارات المختلفة، والمتدينين، والمثقفين، بل حتى حين إعلان حقوق الإنسان في البيان الصّادر عام 1789م على أنّه: (حقّ الفرد في أن يفعل ما لا يَضُرّ الآخرين) ليس كافيا لرسم صورة ومعنى الحرية في الأذهان.
إن رمزية الحرية في العالم كله جعلها متفاوتة في المعاني لدرجة جعلت لها مصاديق متعددة تصل للتباين والتقاطع في كثير من الحالات وتجعل صورتها مشوشة في العقل بما يجعلها في حالات متناقضة بتناقض جهات إسم الفاعل فيها، فالفاعل المتصف بالحرية قد يكون سلبيا وقد يكون إيجابيا، وقد يكون بناء وقد يكون مدمرا، وهكذا فمفهوم الحرية الذي تنادي به الشعوب والأفراد والأديان باختلافها تختلف من منطلقاتها المؤدلجة لمعناها.
وعلماء الأخلاق أنفسهم قد عرفوها بحملها على ما يسعد الفرد والمجتمع مع التفاوت في مفاهيم السعادة واختلافهم فيها مع الفلاسفة ، فيتحول الأمر لحيرة المتلقي في تحصيل معناها المعقد في جهات الموضوع وجهات المحمول من جهة، وحيرة بين المصاديق الخارجية من جهة أخرى !
رغم هذا الضجيج اللفظي والمعنوي لهذه الكلمة، أنى للسامع من تبادر لمعناها؟ هل نأخذها بمعناها الاصطلاحي المتنازع عليه؟ أم بمعناها العرفي؟! خصوصا وأن أفرادها الخارجية مختلفة ومشككة بين الجماعات والأفراد والسياسيين والأخلاقيين … وغيرهم.
هذه الكلمة تحتاج عادة لوضع حدود تامة لمعانيها وإن تشتتت الوجوه، وتقييدها عن إطلاقها وإن اختلفت السياقات، فكثير من المنادين بها لم يدركوا معناها التام إلى يومنا، خصوصا وأنهم لا يؤمنون ببديهيات وقوانين تقود لحقيقة المفاهيم حتى مع استعمال الأدلة العقلية الملزمة للعقلاء..
إنا نحتاج لأن نتعقل معنى الحرية على نحو معرفي خاص كي نستطيع إدراج أفرادها في الخارج ضمن قوالبها وقوانينها المحكمة التي يمكن للعقلاء أن يتحاكموا عندما يقع النزاع فيها بين طرفين، ويمكن للمتشرعة أن يحاسبوا المقصر فيها إذا ما تسبب بالفساد عموما..
ففي هذا المعترك لهذا المفهوم المشكك نادت بعض التيارات لحرية المرأة، وعقدت الندوات، وكتبت المقالات، وألفت الكتب، رغم اختلاف الفلاسفة المسلمين وغير المسلمين والملحدين والعلمانيين في معنى الحرية! وصار المؤذن يؤذن للمدينة الفاضلة دون أن يقرأ دور المرأة فيه ووضعها باسم الحرية لها!
في هذه السلسلة البسيطة …
سنتناول معنى حرية المرأة التي ينادون بها ونجعلها في الميزان … تابعونا..

عباس العصفور
النجف الأشرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *