شرح دعاء اليوم الثالث


اللَّهُمَّ ارزُقني فيهِ الذِّهنَ وَالتَّنبيهَ، وَباعِدني فيهِ مِنَ السَّفاهَةِ وَالتَّمويهِ، وَاجعَل لي نَصيباً مِن كُلِّ خَيرٍ تُنزِلُ فيهِ، بِجودِكَ يا أجوَدَ الأجوَدينَ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين.
يقول في دعائه صلى الله عليه وآله وسلم:(ارزقني فيه الذهن والتنبيه).

توجه صلى الله عليه وآله وسلم لطلب الرزق الروحي والمعنوي الذي يوصل الإنسان إلى تحصيل العقل الكامل والقلب السليم ،فعن أمير المؤمنين عليه السلام: (مثل العقل في القلب كمثل السراج في وسط البيت) ، فعند التنبه وإيقاظ الذهن والقلب من الغفلة التي يعلم المؤمن مضارها ،فيسارع المؤمن الفطن إلى جوارحه و يوقظها، مصداقا لقول أمير المؤمنين عليه السلام:(العقول أئمة الافكار والأفكار أئمة القلوب والقلوب أئمة الحواس والحواس أئمة الأعضاء) ليصل إلى المراتب العليا التي تخرجه من غفلة الشيطان إلى الرحمة والرضوان ،ومرضاة الله.

ويقول صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: [وَباعِدني فيهِ مِنَ السَّفاهَةِ وَالتَّمويهِ].

إن أجل وأرقى ما يبتعد عنه العبد: السفاهة، فهي التي تنزل العبد إلى درجة قد يجبر الشارع المقدس للحجر عليه، لعدم أهليته، لأنه يوصف بالذي يصبح غير مسؤول عن وقته، وأمواله، ويتلفهما فيما لا يحتاجه فيخسر الدارين.
كما روي عن الإمام الصادق عليه السلام قوله:《إن السفه خلقٌ لئيم، يستطيل على من هو دونه ، ويخضع لمن هو فوقه》،والسفاهة في أيامنا مقيتة، لأن الناس تتبع تقليد بعضها البعض، كما في مواقع التواصل الإجتماعي ،ترى جلَّ مقاطع الفيديو والصور وغيرها من الأفعال الدنيئة التي ليس لها هدف إنساني ولا ديني، بل هدف خلق مجتمعات مبنية على الترهات والأفعال التى توصل شبابنا إلى ما قاله أمير المؤمنين عليه السلام:(السفه يجلب الشر)، والحالة والأسلوب المتبع هي مفتاح كل بلية، فعنه عليه السلام:(السفه مفتاح السباب).
فعند ذلك يدخلون مرحلة التمويه التي هي أخطر الآفات الإجتماعية والدينية، لأنها تخلط بين الحق والباطل وتمزجه ،لأن النفس تميل إلى من تتابعه، فيتبعون عند ذلك ماسئل عنه الإمام الحسن عليه السلام:(ما السفه فقال: أتباع الدناة ومصاحبة الغواة) ونحن في أيام الله فلنكثر من الدعاء والابتهال إلى الله، ولا نكون كما قال الله عز وجل في محكم كتابه المبين:(ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون).


ويقول صلى الله عليه واله وسلم في دعائه:[وَاجعَل لي نَصيباً مِن كُلِّ خَيرٍ تُنزِلُ فيهِ، بِجودِكَ يا أجوَدَ الأجوَدينَ].


أن الخير كل ما يمكن أن ينفع الإنسان ،وهل يشخص الإنسان منفعته أم لا؟ ويشتبه في تحديد الخير فيحتاج إلى الخير إلالهي ،لأن الخير الذي يراه الله عز وجل لعباده فيه مصلحة كثيرة، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:إذا أراد الله بأهل البيت خيرا فقههم في الدين، ووقر صغيرهم كبيرهم، ورزقهم الرفق في معيشتهم، والقصد في نفقاتهم، وبصرهم عيوبهم، فيتوبوا منها، وإذا أراد بهم غير ذلك تركهم هُملا.
فما أعظم مايملأ القلب طمأنينة وراحة،بعد ما كانت قلوب الناس عصفت فيها كثير من الاشتباهات بسبب موقف من المواقف، فتأتي الآية الكريمة لتنزل السكينة على القلوب :(عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شرٌّ لكم والله يعلمُ وأنتم لا تعلمون).
الجود الإلهي من أبرز صفاته عز وجل لأنها صفة لله تظهر قدرته بالجود على عباده، والتوسيع عليهم، وغمرهم بإحسانه وجوده، ونحن في شهره الكريم نلتمس الجود منه متوسلين إليه بأوليائه الكرام محمد وال محمد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *