شرح دعاء اليوم السادس

الشيخ حسين الشيخ علي المولى
Latest posts by الشيخ حسين الشيخ علي المولى (see all)

اللَّهُمَّ لا تَخذُلني فيهِ لِتَعَرُّضِ مَعصيَتِكَ، وَلا تَضرِبني بِسياطِ نَقِمَتِكَ، وَزَحزِحنيِ فيهِ مِن موجِباتِ سَخَطِكَ، بِمَنِّكَ وَأياديكَ يا مُنتَهى رَغبَةِ الرَّاغِبينَ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبد على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين.
يقول صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (اللَّهُمَّ لا تَخذُلني فيهِ لِتَعَرُّضِ مَعصيَتِكَ)

توجه صلى الله عليه واله وسلم بالرجاء لله لعدم دخول العبد المحذور الذي قال الله عز وجل في محكم كتابه المبين:{إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }، فدوام التوفيق والبعد عن الخذلان يحتاج الى ماورد عن الإمام علي عليه السلام: التوفيق ممد العقل،والخذلان ممد الجهل، وعنه عليه السلام:التوفيق والخذلان يتجاذبان النفس، فأيهما غلب كانت في حيزه.
فالخذلان مقابل التوفيق، والمعاصي التي إذا داخلت العبد استولت عليه، وأدخلته فيما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن المعاصي يستولي بها الخذلان على صاحبها حتى توقعه بما هو أعظم منها، فترابط الخذلان ودخول المعاصي مصداق قوله تعالى في سورة آل عمران: {وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ}.
أما العبد الهارب إلى الله في أيامه المباركة لطاعته متجنبا معاصيه، روي قول عنه ، عن صادق آل محمد عليه السلام: إذا فعل العبد ما أمره الله عزوجل به من الطاعة كان فعله وفقا لأمر الله عزوجل سمي العبد موفقا، وإذا أراد العبد أن يدخل في شئ من معاصي الله فحال الله تبارك وتعالى بينه وبين تلك المعصية فتركها كان تركه لها بتوفيق الله تعالى ذكره، ومن خلى بينه وبين تلك المعصية فلم يحل بينه وبينها حتى يرتكبها فقد خذله ولم ينصره ولم يوفقه.
ويقول صلى الله عليه واله وسلم في دعائه:[وَلا تَضرِبني بِسياطِ نَقِمَتِكَ]

يدخل صلى الله عليه واله وسلم إلى تعليم العبد الترجي لله سبحانه وتعالى،أن لا يعجل العقوبة عليه كغيره، ففي قوله تعالى في سورةالفجر:{فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ} فيخبرنا ويعظنا سيد الموحدين أمير المؤمنين عليه السلام:وأيم الله، ماكان قوم قط في غض نعمة من عيش فزال عنهم إلا بذنوب أجترأوها،لأن الله ليس بظلام للعبيد، ولو أن الناس حين تنزل بهم النقم، وتزول عنهم النعم فزعوا إلى ربهم بصدق من نياتهم، ووله من قلوبهم، لرد عليهم كل شارد وأصلح لهم كل فاسد.
ويقول صلى الله عليه واله وسلم في دعائه:[وَزَحزِحنيِ فيهِ مِن موجِباتِ سَخَطِكَ] يتمنى صلى الله عليه واله وسلم بتعليمه لنا  في الدعاء أن يعرف العبد التمني الذي يوصله ويبعده ويزحزحه عن سخط الله، ففي قوله عز ذكره في سورة المائدة :{ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ } السخط له موجبات كثيرة لا يسع المقال بذكرها ولكن منها:
*عقوق الوالدين

  • ترك الصلاة والصيام
  • ورضى المخلوق بسخط الخالق
  • ترك ولاية أهل البيت عليهم السلام

روي عن الإمام الحسين عليه السلام: من طلب رضا الله بسخط الناس كفاه الله أمور الناس،ومن طلب رضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس والسلام .
وردت نصوص كثيرة تحث على التمسك بولايتهم التي من تركها سخط الله عليه ، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:إنّي تاركٌ فيكم الثقلين ما إن تَمَسَّكم بهما لن تضلّوا بعدي كتابَ اللَّه وعترتي أهلَ بيتي، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوضَ.
ويقول صلى الله عليه واله وسلم في دعائه:[بِمَنِّكَ وَأياديكَ يا مُنتَهى رَغبَةِ الرَّاغِبينَ] .
قال الله تعالى في محكم كتابه المبين في سورة الشرح: {وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَبْ}، ونحن بشهر الرغبة إلى كل حسنة بمن الله وأياديه الخفية التي تذهب نقمته عنا، فلنرغب إليه بالتكافل فيما بيننا، ونحن بأمس الحاجة إلى زوال سيئات المعاصي التي اثقلتنا  ،كما روى محمد بن مسلم، قال: أتاني رجل من أهل الجبل، فدخلت معه على أبي عبدالله عليه‌السلام، فقال له عند الوداع: أوصني، فقال عليه السلام :أوصيك بتقوى الله وبرّ أخيك المسلم، وأحب له ما تحبّ لنفسك، واكره له ما تكره لنفسك، وإن سألك فاعطه… فوازره وأكرمه ولاطفه، فإنّه منك وأنت منه.
وهذه المبادئ الإنسانية الرفيعة التي دعا إليها الإسلام ورفع شعارها تمثل الجوهر الحقيقي له، التي دأبت أئمتنا على تعليمها لنا.
قال الله تعالى في محكم كتابه المبين في سورة الأنعام:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ}، فأيادي الله ومنتهى الراغبين إليه بالوصل إلى منه علينا أن جعلنا من المتمسكين بولايتهم عليه السلام، ولا يخرجنا منها . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *