شرح دعاء اليوم التاسع عشر


بسم الله الرحمن الرحيم


 اللَّهُمَّ وَفِّر فيهِ حَظّي مِن بَرَكاتِهِ، وَسَهِّل سَبيلي إلى خَيراتِهِ، وَلا تَحرِمني قَبولَ حَسَناتِهِ، يا هادياً إلى الحَقِّ المُبينِ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (اللَّهُمَّ وَفِّر فيهِ حَظّي مِن بَرَكاتِهِ)، يتوجه صلى الله عليه وآله وسلم إلى إرشادنا أن في هذا الشهر حظٌ حسن وبركاتٌ كثيرة ينزلها الرب الكريم على عباده المحظوظين بوصولهم لها، روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر.
لكل عبادة حظٌ في التوفيق إليها، وبركات شهر رمضان له توفيقاته وخصاله على الصائمين من الله سبحانه وتعالى، روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ما من مؤمن يصوم من شهر رمضان حاسباً محتسباً إلا أوجب الله تعالى له سبع خصال: أول الخصلة: يذوب الحرام من جسده،والثاني: يتقرب إلى رحمة الله، والثالث: يكفر خطيئته، والرابع: يهون عليه سكرات الموت، والخامس: آمنه الله من الجوع والعطش يوم القيامة، والسادس: براءة من النار، والسابع: أطعمه من طيبات الجنة.
روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: ( وَسَهِّل سَبيلي إلى خَيراتِهِ)،السالكون في مرضاة الله يتسابقون لنيل خيرات الله في شهره المبارك، فيجتهدون ويفعلون كل ثواب يسهل لهم الوصول إلى الكمال في تحصيل فيوضات الرحمن، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من أدى فيه فرضاً كان له ثواب من أدى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور.
هذا الجهاد لتحصيل الخيرات وتسهيلها لنيل تعاليم الرحمن، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث المعراج قال: قال تعالى : يا أحمد! إن العبد إذا أجاع بطنه، وحفظ لسانه، علمته الحكمة، وإن كان كافرا تكون حكمته حجة عليه ووبالا، وإن كان مؤمنا تكون حكمته له نورا وبرهانا وشفاء ورحمة، فيعلم ما لم يكن يعلم ، ويبصر ما لم يكن يبصر، فأول ما أبصره عيوب نفسه حتى يشتغل عن عيوب غيره، وأبصره دقائق العلم حتى لا يدخل عليه الشيطان.
خيرات الرحمن تتوالى على عباده الصائمين لتعتق لهم رقابهم، وتغفر لهم ذنوبهم، روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: من فطر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة، ومغفرة لما مضى من ذنوبه.
قال الله عز وجل في سورة القدر: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ*لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}.
ليلة! العمل فيها خيرٌ من ألف شهر! ويومها كليلته بالفضل والأجر! فالعابدون يتأملون من ربهم كل الخير في ليلة القدر ويومها، روي عن الإمام الصادق عليه السلام يُوصِي وُلْدَهُ إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ : ” فَاجْهَدُوا أَنْفُسَكُمْ ، فَإِنَّ فِيهِ تُقَسَّمُ الْأَرْزَاقُ ، وَ تُكْتَبُ الْآجَالُ ، وَ فِيهِ يُكْتَبُ وَفْدُ اللَّهِ الَّذِينَ يَفِدُونَ إِلَيْهِ ، وَ فِيهِ لَيْلَةٌ الْعَمَلُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ “.
وروي عن الإمام الجواد عليه السلام قال: من وافق ليلة القدر فقامها غفر الله له ماتقدم من ذنبه وما تأخر.
الراجون نيل التوفيق في إقامتها يتضرعون إلى ربهم بأن يكونوا من محييها، روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان التقدير، وفي ليلة إحدى وعشرين القضاء، وفي ليلة ثلاث وعشرين إبرام ما يكون في السنة.
روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه:(وَلا تَحرِمني قَبولَ حَسَناتِهِ، يا هادياً إلى الحَقِّ المُبينِ)، الخائفون من الحرمان من حسنات شهر رمضان يتوسلون إلى الله يهديهم إلى الحق المبين في ليلة القدر ويومها،
وإنها الليلة التي قدر فيها الله ولاية أهل البيت عليهم السلام، قال الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله؛ يا علي أتدري ما معنى ليلة القدر؟ فقلت: لا يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: إن الله تبارك وتعالى قدّر فيها ما هو كائن الى يوم القيامة، فكان فيما قدَّر عز وجل ولايتك وولاية الائمة من ولدك الى يوم القيامة.
المؤمنون يتضرعون إلى بارئهم أن لا يحرمهم حسناته وهديه إلى صراطه المستقيم الحقيقي و هو معرفة علي عليه السلام، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن شأن علي عظيم، إن حال علي جليل، إن وزن علي ثقيل، ما وضع حب علي في ميزان أحد إلا رجح على سيئاته، ولا وضع بغضه في ميزان أحد إلا رجح على حسناته.
وهذا يوم يفجع فيه آل محمد وشيعتهم ، وهذا يومٌ أخبر النبي صلى الله عليه واله وسلم أمير المؤمنين عليه السلام ما يجري عليه من تخضيب شيبته المباركة بدمائه، فينادي جبرئيل بين السماء والأرض تهدمت والله أركان الهدى.
ذكر العلّامة المجلسي ‘قده’ في كيفية استشهاد أميرالمؤمنين عليه السلام رواية و فيها _ماهو نصه_:
“فَاصْطَفَقَتْ أَبْوَابُ الْجَامِعِ وَ ضَجَّتِ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ بِالدُّعَاءِ وَ هَبَّتْ رِيحٌ عَاصِفٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ وَ نَادَى جَبْرَئِيلُ ع بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ كُلُّ مُسْتَيْقِظٍ تَهَدَّمَتْ وَ اللَّهِ أَرْكَانُ الْهُدَى وَ انْطَمَسَتْ وَ اللَّهِ نُجُومُ السَّمَاءِ وَ أَعْلَامُ التُّقَى وَ انْفَصَمَتْ وَ اللَّهِ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى قُتِلَ ابْنُ عَمِّ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى قُتِلَ الْوَصِيُّ الْمُجْتَبَى قُتِلَ عَلِيٌّ الْمُرْتَضَى قُتِلَ وَ اللَّهِ سَيِّدُ الْأَوْصِيَاءِ قَتَلَهُ أَشْقَى الْأَشْقِيَاء.
اللهم العن قتلة أمير المؤمنين عليه السلام.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *