حوارية اليوم العشرين

حوارية اليوم العشرين

السائل: بين الجزء العشرين واليوم العشرين و ليالي القدر، ما الذي يمكن أن توجهنا فيه؟
الشيخ : قوله تعالى في الآية ٦٢ من سورة النمل في الجزء العشرين: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ}
دعاء الخلفاء على الأرض لله المجيب، الله قرن وجودنا في الدنيا بالدعاء ، بعبارة أخرى علة وجودنا في الدنيا و تواصلنا (الدعاء) مع الله بالعلم الذي أنزله على الأنبياء و الأئِمة الأثنى عشر عليهم السلام .
بعبارة أخرى إن علة وجودنا المعصومين عليهم السلام الموصلين العلم الذي غايته التواصل (الدعاء)مع رب العزة .
الله عز وجل حين أراد أن يخلفنا في الأرض استفسر الملائكة بالدعاء فأجابهم أنكم لا تعلمون ما أعلم فأخبرهم بوجود علم .
فالجمع بين الآيات نتيجته أن فيهم أسماء، و هذه الأسماء تعلمنا التواصل (الدعاء)مع الله عز وجل .
في هذه المقدمات مقدمة واحدة في الحقيقة تجدها في هذه الآيات :
-{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33)}
-{أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ} .
أما النتيجة العكسية وهي عدم اتباع أوامر المعصومين عليهم السلام، و عدم الاتباع يعني عدم الدعاء،  تجدها في الآيات التي استخدمنا مفهومها في المقدمات وهي:
-{قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ۖ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا}.
-{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }.
المقصود من العبادة هو الدعاء، و في بعض العبادات تكون العبادة أفعال، ولكن هذه الأفعال بقصد القربة مثل الصوم ، والخمس ، والزكاة، و بعض العبادات تكون أفعال من ضمنها الدعاء في كل أفعالها مثل الصلاة و الحج، وكيف كان كلها قربة لله تعالى وهي المشتملة على علة وجودنا.
-{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.
أفضل الدعاء هو مافيه توجيه المعصوم، و من توجيهاته:
أولا: الدعوة للدعاء عن طريق:
١-الترغيب:
– روي عن الإمام علي (عليه السلام) – في وصيته لابنه الحسن (عليه السلام) -: اعلم أن الذي بيده خزائن ملكوت الدنيا والآخرة قد أذن لدعائك، وتكفل لإجابتك، وأمرك أن تسأله ليعطيك، وهو رحيم كريم، لم يجعل بينك وبينه من يحجبك عنه، ولم يلجئك إلى من يشفع لك إليه… ثم جعل في يدك مفاتيح خزائنه بما أذن فيه من مسألته، فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب خزائنه .
– روي عن الإمام علي (عليه السلام): الدعاء مفاتيح النجاح ومقاليد الفلاح .
– عنه (عليه السلام): الدعاء مفتاح الرحمة ومصباح الظلمة .
– وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): الدعاء سلاح المؤمن وعمود الدين ونور السماوات والأرض .
– و عنه (صلى الله عليه وآله): يدخل الجنة رجلان كانا يعملان عملا واحدا، فيرى أحدهما صاحبه فوقه، فيقول: يا رب بما أعطيته وكان عملنا واحدا؟
فيقول الله تبارك وتعالى: سألني ولم تسألني .

٢- الترهيب (الزجر) و الاستنكار و التحذير.
– روي عن الإمام الباقر عليه السلام: إن الله عز وجل يقول: { إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } قال: هو الدعاء، وأفضل العبادة الدعاء، قلت: إن إبراهيم لأواه حليم قال: الأواه هو الدعاء .
– وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ترك الدعاء معصية .
– وعنه (صلى الله عليه وآله): إن أعجز الناس من عجز عن الدعاء .
– وعن الإمام علي (عليه السلام): أكثر الدعاء تسلم من سورة الشيطان .
– وعن الإمام زين العابدين (عليه السلام): الدعاء يدفع البلاء النازل وما لم ينزل .
– وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يرد القضاء إلا الدعاء .
– وعن الإمام الصادق (عليه السلام) – لأصحابه -: هل تعرفون طول البلاء من قصره؟ قلنا: لا، قال: إذا ألهم أحدكم الدعاء عند البلاء فاعلموا أن البلاء قصير .
٣- الدعوة من المعصوم للدعاء في كل حاجة حتى صغائر الأمور و ليس هناك خجل في الدعاء لأنها دعوة من المعصوم لتعزيز و تقوية التواصل (الدعاء) مع الله عز وجل.
– فيما أوحى الله إلى موسى -: يا موسى، سلني كل ما تحتاج إليه، حتى علف شاتك، وملح عجينك .
– وعن الإمام الصادق (عليه السلام): عليكم بالدعاء، فإنكم لا تقربون إلى الله بمثله، ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تدعوا بها، إن صاحب الصغار هو صاحب الكبار .
– عن الإمام الباقر (عليه السلام): لا تحقروا صغيرا من حوائجكم فإن أحب المؤمنين إلى الله تعالى أسألهم .
– وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليسأل أحدكم ربه حاجته، حتى يسأله الملح وحتى يسأله شسعه .
٤- بيان من الله عز وجل و من المعصوم صلى الله عليهم إلى عباده ،إن الله طلب من عباده الدعاء:
-{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }.
-{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.
– وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تبارك وتعالى… كان إذا بعث نبيا قال له: إذا أحزنك أمر تكرهه فادعني أستجب لك، وأن الله أعطى أمتي ذلك حيث يقول: {ادعوني أستجب لكم}.
– وعن الإمام الصادق (عليه السلام) – في قول الله تبارك وتعالى: {وما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها} قال :(الدعاء) .
الثاني :شروط الدعاء:

نقصد كل ما توفرت تلك الشروط كان أقرب للاستجابة،  و لا أجزم بأن الدعاء لا يكون إلا بهذه الشروط، و لكن بعضها نعم، و البعض الآخر يمكن أن يتمم أو يشفع لبعض الشروط المفقودة.
١- الدعاء في الرخاء و الشدة، و التكلم عن هذه الخاصية نصوره بمثال في علاقاتنا كعلاقات التواصل الإنساني، وأفضلها علاقة العطاء التي لها قيمة و يكون من المعيب في أعرافها الانقطاع في كل الأحوال، فإذا مرض أحدهم نرعاه، و إذا تزوج أحدهم فرحنا معه وشاركناه الفرحة، أما في حالة الانقطاع عن أحد جزئيات التزامات العلاقة ستضطرب مع الآخرين و تصبح محدودة، و المعاملة بالمثل أيضا، هكذا يجب الاتصال بعلاقتك بين رب العزة إذا صار بها انقطاع في جزئيات التزاماتها فستضطرب و يرجع عليك عدم التواصل بالآثار السيئة.
-قال الله تعالى{وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ ۚ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا ۖ إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ }.
– وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة .
– وعن الإمام الصادق (عليه السلام): من تقدم في الدعاء استجيب له إذا نزل به البلاء، وقالت الملائكة: صوت معروف ولم يحجب عن السماء، ومن لم يتقدم في الدعاء لم يستجب له إذا نزل به البلاء، وقالت الملائكة: إن ذا الصوت لا نعرفه .
– وعن الإمام الباقر (عليه السلام): ينبغي للمؤمن أن يكون دعاؤه في الرخاء نحوا من دعائه في الشدة .
– أوحى الله تعالى إلى داود صلوات الله عليه: اذكرني في أيام سرائك حتى أستجيب لك في أيام ضرائك .
٢- كثرة الدعاء والإلحاح لرب العالمين و في بعض الأدعية حتى ينقطع النفس.
– عن الإمام الصادق (عليه السلام): أكثر من الدعاء، فإنه مفتاح كل رحمة، ونجاح كل حاجة، ولا ينال ما عند الله إلا بالدعاء، وليس باب يكثر قرعه إلا يوشك أن يفتح لصاحبه .

و للموضوع تتمة في يوم غد لأن فيها ليالي عظيمة لإستجابة الدعاء.

البقرة:من ٣٠ إلى ٣٣
النمل:٦٢
الفرقان:٧٧
غافر:٦٠
الذاريات:٥٦
ميزان الحكمة ج٢ ص٨٦٨،٨٦٩،٨٧٠،٨٧١،٨٧٣
البقرة :١٨٦
غافر:٦٠
الزمر :٨

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *