حوارية اليوم الثاني و العشرين

بسم الله الرحمن الرحيم

السائل : سماحة الشيخ توقفت بالأمس عند الشرط الخامس هلا أكملت ما بدأت به؟
الشيخ: في الواقع إن الشروط تشترك من جهة في آداب الدعاء، و هذا الكلام لرفع بعض التوهم، فإذا كان توجيها من قبل النصوص فهي شروط، و إذا كان قد نوى بها المقبل على الدعاء التواصل أو العبادة فمن هذه الجهة هي آداب، و آداب قراءة الدعاء كثيرة، منها:
١- ذكر البسملة: فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لا يرد دعاء أوله بسم الله الرحمن الرحيم) .
والكلام في البسملة يطول ولكن يجب أن نعرف أن البسملة أعظم آية في القرآن، و يقول عنها الإمام الرضا عليه السلام : (إن بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها) ، وهناك مباحث و روايات تخص الآية المسماة بالبسملة.
٢- التمجيد: وهو واضح في أدعية أهل البيت عليهم السلام و تمجيدهم في أدعيتهم يعطيك إشارة أنهم يفتحون أبواب السماء بتمجيدهم،  و من ثم يعلمونا كيف نطلب حاجتنا، فنية الإنسان في حال التمجيد يتضمنها عدة نيات تفتح أبواب السماء و الاستعانة بالله على كل ما يطلبه في كل حال.
– عن الإمام الصادق (عليه السلام): (إن كل دعاء لا يكون قبله تمجيد فهو أبتر) .
– عنه (عليه السلام): (إن في كتاب أمير المؤمنين (عليه السلام): إن المدحة قبل المسألة، فإذا دعوت الله عز وجل فمجده، قال: قلت: كيف أمجده؟ قال: تقول:يامن هو أقرب إلي من حبل الوريد، يا من يحول بين المرء وقلبه، يا من هو بالمنظر الأعلى، يا من ليس كمثله شيء ).
و الرواية الأخيرة فيها إشارة إلى أنه قد ورث كتب الأئِمة بما فيها كتاب أميرىالمؤمنين، وهذا موجود في روايات أخرى تصريحا او تلميحا أنهم يرثون علوم الأنبياء إن كانت كتبا أو صحائفا… أو غيرها، مثل: عصا موسى عليه السلام، وسيف علي عليه السلام.
وهناك رواية تجمع بين البسملة و التمجيد ، فعن رسول الله صلى الله عليه و آله :( من كتب بسم الله الرحمن الرحيم فجوّده تعظيما لله ،غفر الله له)، و في الحقيقة هناك مفهوم لروايات كثيرة صريحة توجهنا إلى عظمة آية البسملة و التمجيد لله عز وجل.
٣- الصلاة على محمد و آل محمد وفيها روايات مستفيضة في فضل الصلاة على محمد و آل محمد صلى الله عليهم وسلم.


وهناك روايات صريحة تخص المقام فضلا عن مكانتها العامة، وهي فضل الصلاة على محمد و آل محمد صلى الله عليهم أجمعين منها:
– عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (صلاتكم علي إجابة لدعائكم وزكاة لأعمالكم) .
– عن الإمام الصادق (عليه السلام): (لا يزال الدعاء محجوبا حتى يصلى على محمد وعلى آل محمد ).
– عنه (عليه السلام): (من كانت له حاجة إلى الله عز وجل فليبدأ بالصلاة على محمد وآله، ثم يسأل حاجته، ثم يختم بالصلاة على محمد وآل محمد، فإن الله عز وجل أكرم من أن يقبل الطرفين ويدع الوسط إذا كانت الصلاة على محمد وآل محمد لا تحجب عنه) .
– عن الإمام علي (عليه السلام): (كل دعاء محجوب عن السماء حتى يصلى على محمد وعلى آل محمد ).
٤-الاستشفاع بالصالحين، وهذا مما اعتبرته بعض المذاهب شركا بالله، و عندهم بحوث في هذا الجانب، و أسست مراكز إعلامية لمحاربة الاستشفاع
ويكفي الرد عليهم بذكر آيات الاستشفاع منها:
-{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
-{مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا ۖ وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا}.
أما النصوص التي تناسب المقام أي آداب الدعاء والاستشفاع بالصالحين _ و هو من معتقداتنا _ وذكرنا في الشروط معرفة الحق وهذا منه ، و القرآن و الروايات و أدعية أهل البيت فيها الكثير من طلب الشفاعة و نختار  بعضها :
– في دعائهم (عليهم السلام) -: اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك وحجبت دعائي عنك فصل على محمد وآل محمد، واستجب لي يا رب بهم دعائي.
– عن الإمام الكاظم (عليه السلام): (إذا كانت لك حاجة إلى الله فقل: اللهم إني أسألك بحق محمد وعلي فإن لهما عندك شأنا من الشأن) .
– عن الإمام الصادق (عليه السلام): (إن لله رسلا مستعلنين ورسلا مستخفين، فإذا سألته بحق المستعلنين فسله بحق المستخفين) .
٥-الاعتراف بالذنب، و سميت  أحد المشاعر المحرمة بعرفات لأن آدم عليه السلام اعترف بما فعله بترك الأولى، و قلت ترك الأولى لأن الجنة ليست فيها ذنوب، لكي لا نصبح مثل بعض المذاهب و الأديان حيث يقولون بمعصية الأنبياء عليهم السلام ، فإذا جاء نص عنهم في الاستغفار إما للتضرع الخالص، أو هناك ترك الأولى، أو استغفار للناس لأنهم باب من رحمة الله عزوجل .
فكيف كان نحن نتعلم منهم ، و لسانهم في الدعاء الذي وصل إلينا، و أمر الله بالدعاء بالاستغفار والاعتراف في النصوص القرآنية، و نكتفي برواية عن الإمام الصادق (عليه السلام): إنما هي المدحة، ثم الإقرار بالذنب، ثم المسألة.
٦-التضرع و الابتهال، تجد هذه الأفعال في الصلاة، فالتضرع كفعل الركوع والسجود بما فيهما من خضوع، و إحناء الجسد والرقبة بالتسليم لرب العزة، و الابتهال و القنوت الذي هو عبارة عن رفع اليدين بمستوى الوجه إلى السماء، و البكاء لا يأتي إلا بخشوع و قلب نقي إما بندم أو خوف لاستخراج مشاعر العشق الإلهي، و ما يناسب المقام في حالة الدعاء: تعفير الوجه لله، وطلب المغفرة، و السماحة، و عدم الرجوع إلى الذنب، و من هذه النصوص ما أوحى الله تعالى إلى موسى : (عليه السلام) -: (يا موسى، كن إذا دعوتني خائفا مشفقا وجلا، وعفر وجهك في التراب، واسجد لي بمكارم بدنك، واقنت بين يدي في القيام، وناجني حيث تناجيني بخشية من قلب وجل) .
– فيما أمر الله تعالى به عيسى (عليه السلام) -:
(يا عيسى، ادعني دعاء الحزين الغريق الذي ليس له مغيث… ولا تدعني إلا متضرعا إلي، وهمك هما واحدا، فإنك متى تدعني كذلك أجبتك) .
– عن الإمام الحسين (عليه السلام): (كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يرفع يديه إذا ابتهل ودعا كما يستطعم المسكين).
٧- والصلاة: ومن الأمور التي تفتح أبواب السماء هي الصلاة، فإذا هممت لدعاء أفتح باب الرحمة بالصلاة، سواء كانت صلاة الفريضة او الصلاة المستحبة، فهما يفتحان باب الرحمة، و أبواب السماء، و هناك رواية تخص مراعاة وقت الصلاة في كل فريضة،  عن رسول الله صلى الله عليه و آله (الصلاة في أول الوقت رضوان الله، و في آخره عفو الله )، تكلمنا سابقا عن معنى الرضوان و قلنا هي أعلى العطايا والتي هي أعلى من عطية الجنة كما أنها مكانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حيث نكون في حضرة الرسول إذا عملنا أعمالا وأديناها في مظانها كوقت الصلاة .
و على كل حال فالصلاة بها كثير من الأمور التي تفتح أبواب الرحمة و كالدعاء المقرون بالصلاة، و فيها روايات منها : عن الإمام الصادق (عليه السلام): (إن رجلا دخل المسجد فصلى ركعتين ثم سأل الله عز وجل، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أعجل العبد ربه، وجاء آخر فصلى ركعتين ثم أثنى على الله عز وجل وصلى على النبي وآله، فقال (صلى الله عليه وآله): سل تعط ).
– عنه (عليه السلام): (من توضأ فأحسن الوضوء، ثم صلى ركعتين، فأتم ركوعهما وسجودهما، ثم سلم، وأثنى على الله عز وجل وعلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم سأل حاجته، فقد طلب في مظانه، ومن طلب الخير في مظانه لم يخب ).
و المقصود في مظانه يعني الوقت الذي يستجاب الدعاء فيه.
٨- أن لا يستصغر شيئا من الدعاء وهو ينظر إلى طلبه أنه لا يتحقق، ويمكن العمل الخيري مثل الصدقة والكلمة الطلبة أو دخول السرور في قلب مؤمن أو صلة رحم تساعدنا في ما استصغرناه في وجداننا وظننا عدم الإجابة، فنحن نطلب كما دعانا الله عز وجل و المأثور عن المعصومين، فعن الإمام علي (عليه السلام): (إن الله تبارك وتعالى أخفى إجابته في دعوته، فلا تستصغرن شيئا من دعائه، فربما وافق إجابته وأنت لاتعلم ).
٩-أن لا يستكثر مطلوبه: والكلام هنا يشابه الكلام السابق، فلا نتردد في طلبنا، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إن الله يقول: ولو أن قلوب عبادي اجتمعت على قلب أسعد عبدا لي ما زاد ذلك إلا مثل إبرة جاء بها عبد من عبادي فغمسها في البحر، وذلك أن عطائي كلام، وعدتي كلام، وإنما أقول للشئ كن فيكون).
– عنه (صلى الله عليه وآله): قال الله تعالى: (لو أن أولكم وآخركم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا فتمنى كل واحد ما بلغت أمنيته فأعطيته لم يتبين ذلك في ملكي ).
– عنه (صلى الله عليه وآله): (أوحى الله إلى بعض أنبيائه: لو أن أهل سبع سماوات وأرضين سألوني جميعا  وأعطيت كل واحد منه مسألته ما نقص ذلك من ملكي مثل جناح البعوضة، وكيف ينقص ملك أنا قيمه؟! ).
– عنه (صلى الله عليه وآله): (سلوا الله وأجزلوا، فإنه لا يتعاظمه شئ ).
– عن الإمام الباقر (عليه السلام): (لا تستكثروا شيئا مما تطلبون، فما عند الله أكثر).
١٠-تعميم الدعاء : و هذا ما جاء في أفضل سورة في القرآن وهي فاتحة الكتاب فكان الدعاء فيها تعميم ونحن في قراءتنا نيتنا تكون لنا و للمؤمنين: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ }، إن قرأناها كدعاء، كما أنه يمكن فيهم من الأولياء فيستجاب له بفضل ذلك الولي المخفي، و المروي الدعاء لأربعين مؤمن، و أوصي نفسي و أوصيكم الدعاء للإمام الحجة عجل الله فرجه فهو أولى البشر الأحياء.

-عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إذا دعا أحد فليعم فإنه أوجب للدعاء، ومن قدم أربعين رجلا من إخوانه قبل أن يدعو لنفسه استجيب له فيهم وفي نفسه ).
– الإمام الصادق (عليه السلام): (من قدم أربعين من المؤمنين ثم دعا استجيب له) .
١١- الاجتماع في الدعاء في الأمور العامة، و أما ما يخص الإقرار والاعتراف بما ستر الله علينا فالسرية مطلوبة في الحاجات الخاصة.

و الاجتماع لإحراز وجود ولي مخفي أو مؤمن ذو شأن عند الله فيكون وجوده علة لنصل إلى حوائجنا، وهذه روايات الإجتماع:
– عن الإمام الصادق (عليه السلام): ما اجتمع أربعة رهط قط على أمر واحد فدعوا [الله] إلا تفرقوا عن إجابة .
– عنه (عليه السلام): كان أبي إذا حزنه أمر جمع النساء والصبيان ثم دعا وأمنوا .
أما روايات السر:
– عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (دعوة في السر تعدل سبعين دعوة في العلانية ).
– الإمام الصادق (عليه السلام): (ما يعلم عظم ثواب الدعاء وتسبيح العبد فيما بينه وبين نفسه إلا الله تبارك وتعالى ).

و أسألكم بدعاء خاص لخادمكم في هذه الليالي.
و  آخر دعوانا الحمدلله رب العالمين.
عيون أخبار الرضا عليه السلام ج٢ ص٥ حديث١١
المائدة:٣٥
النساء : ٨٥
ميزان الحكمة ص ٨٧٦،٨٧٧،٨٧٨
عوالي اللئالي ج١ ص١٩٥ حديث ١
الفاتحة : ٥،٦

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *