الليلة الخامسة والعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

روي عنه عليه السلام في دعائه: اَجَلْ وَلوْ حَرَصْتُ اَنَا وَالْعآدُّونَ مِنْ اَنَامِكَ، أَنْ تُحْصِىَ مَدى اِنْعَامِكَ، سَالِفِهِ وَآنِفِهِ مَا حَصَرْنَاهُ عَدَداً، وَلاَ اَحْصَينَاهُ اَمَداً.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة النحل:(أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ۗ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ)

إن من أعظم النعم الإلهية على الإنسان نعمة الإسلام وولاية أهل البيت عليهم السلام، حيث صفاء القلوب وطهارة الأعمال ولاسيما اذا عرفنا أن من هذه النعمة العظمى تشه كل النعم الإلهية على العالمين.
لقد من اله عز وجل بنعم يعجز الإنسان أن يحصيها أو يعدها، وروي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قال: الحمدلله الذي لايبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعماءه العادون.

روي عن ابن عباس في تفسير آية سورة النحل قال: سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنه فقال: يا ابن عباس أما ما ظهر فالإسلام وما سوى الله من خلقك وما أفاض عليك من الرزق وأما ما بطن فستر مساوي عملك ولم يفضحك به، يا ابن عباس ان الله تعالى يقول: ثلاثة جعلتهن للمؤمن ولم يكن له:
صلاة المؤمنين عليه من بعد انقطاع عمله، وجعلت له ثلث ماله أكفر به عنه خطاياه، والثالث سترت مساويء عمله ولم أفضحه بشيء منه ولو أبديتها عليه لنبذه أهله فمن سواهم.

فعلى الإنسان أن يتأسى بأهل البيت (عليهم السلام) ويتبع خطواتهم في تحركه وسلوكه لكي يكون إيمانه وعمله متطابقاً، ولكي يكون عمله من أجل الله فيقترب حينئذ من أصفياء الله وأحبائه ، ويكن شاكرا عارفا أن بعدم قدرته على إحصاء نعم الله يلتمس منه القدرة في طاعته، ونحن في آخر أيام هذا الشهر الفضيل، نسأله أن يجعلنا من المغفورة ذنوبهم، ونكون عنده مثل، أبرز مصداق لهذا الكلام هو سلمان المحمدي (رضوان الله تعالى عليه) الذي سعى جاهداً لأن يكون في أثر خطى أهل البيت (عليهم السلام) وقد وصل سلمان (رضوان الله تعالى عليه) إلى درجة من اليقين والكمال حتى تمكن أن يصل إلى علم البلايا والمنايا، فهذا بفضل اتباع أئمة الهدى من آل محمد (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) ويكفيه قول النبي (صلى الله عليه وآله): (سلمان منّا أهل البيت).

روي عن الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ “الّذي أنعم عليك بما فضّلك، وأعطاك وأحسن إليك، ثم قال: فحدّث بدينه وما أعطاه الله وما أنعم به عليه.

وروي وعن الإمام الصادق عليه السلام: “إذا أنعم الله على عبده بنعمة فظهرت عليه سُمّيَ حبيب الله محدِّثاً بنعمة الله، وإذا أنعم الله على عبد بنعمة فلم تظهر عليه سُمّيَ بغيض الله مُكذِّباً بنعمة الله.

يكون النعيم الذي يسأل عليه الإنسان هو نعيم الهداية والولاية، فالذي يضيعها فإنه قد ضيع الأمانة وخان الوصية التي أوصاها رسولنا العظيم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
روي عن أبي حمزة أنه قال: “كنا عند أبي عبد الله الصادق عليه السلام جماعة، فدعا بطعام ما لنا عهد بمثله لذاذة وطيبًا، وأوتينا بتمر ننظر فيه إلى وجوهنا من صفاته وحسنه، فقال رجل: لتسألنّ عن هذا النعيم الذي نعمتم به عند ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال أبو عبد الله عليه السلام: “إنّ الله عز وجل أكرم وأجلُّ من أن يطعمكم طعامًا فيسوّغكموه ثم يسألكم عنه، ولكن يسألكم عمّا أنعم عليكم بمحمد وآل محمد.

عن العيّاشي بإسناده، قال: “سَأَلَ أبو حنيفة الامام أبا عبد الله الصادق عليه السلام عن هذه الآية: ﴿ثم لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ فقال له عليه السلام: ما النّعيم عندك يا نعمان؟. قال: القوت من الطعام والماء البارد.
فقال عليه السلام: لئن أوقفك الله يوم القيامة بين يديه حتى يسألك عن كل أكلة أكلتها أو شربة شربتها، ليطولنّ وقوفك بين يديه”.

قال: “فما النّعيم جعلت فداك؟”. قال عليه السلام: نحن؛ أهل البيت، النّعيم الّذي أنعم الله بنا على العباد، وبنا ائتلفوا بعد أن كانوا مختلفين، وبنا ألّف الله بين قلوبهم وجعلهم إخواناً بعد أن كانوا أعداءً، وبنا هداهم الله للإسلام، وهو النّعمة التي لا تنقطع والله سائلهم عن حق النّعيم الّذي أنعم به عليهم؛ وهو النبيّ صلى الله عليه وآله وعترته.

وأي نعمة تضاهي نعمة التشرف بالوجود بعد العدم، تلك النعمة التي خرج بها عالم الإمكان من ظلمات العدم إلى نور التحقق والوجود، تلك النعمة التي منَّ علينا بأعظم وأفضل النعم على الإطلاق، ألا وهي نعمة الهداية والولاية لمحمد وآل محمد.

ونحن في هذه الأيام والليالي المباركة نرفع اكفنا بالدعاء لتعجيل فرج مولانا صاحب العصر والزمان.

روي عن أبي هاشم داوود بن القاسم الجعفري قال : سمعت أبا الحسن صاحب العسكر ( عليه السلام ) يقول : الخلف من بعدي ابني الحسن فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ فقلت : ولم جعلني الله فداك؟ فقال : لأنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه ، قلت : فكيف نذكره؟ قال : قولوا : الحجة من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلّم.

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *