شرح دعاء الافتتاح (الحلقة الرابعة)

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي لَامُضادَّ لَهُ فِي مُلْكِهِ ، وَلَا مُنازِعَ لَهُ فِي أَمْرِهِ. الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي لَاشَرِيكَ لَهُ فِي خَلْقِهِ، وَلَا شَبِيهَ لَهُ فِي عَظَمَتِهِ. الْحَمْدُ لِلّٰهِ الْفاشِي فِي الْخَلْقِ أَمْرُهُ وَحَمْدُهُ، الظَّاهِرِ بِالْكَرَمِ مَجْدُهُ ، الْباسِطِ بِالْجُودِ يَدَهُ ، الَّذِي لَاتَنْقُصُ خَزائِنُهُ ، وَلَا تَزِيدُهُ كَثْرَةُ الْعَطاءِ إِلّا جُوداً وَكَرَماً إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْوَهَّابُ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين. 

روي عنه عليه السلام في دعائه: الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي لَامُضادَّ لَهُ فِي مُلْكِهِ ، وَلَا مُنازِعَ لَهُ فِي أَمْرِهِ.

معرفة التوحيد لله هو أمر واجب على العبد ومن الفطريات المودعة في البشرية منذ وجودها و الحاجة إلى أرسال أنبياء ليبلغوا الناس أن الله واحدا لا شريك له.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة الأنبياء: {لَوْ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَٰنَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}.

روي في الحديثِ سألَ هشامٌ بنُ الحكمِ الإمامَ الصّادقَ (عليه السّلام): ما الدّليلُ على أنَّ اللهَ واحدٌ؟ فأجابَه: “إتّصالُ التّدبيرِ، وتمامُ الصّنعِ”.

إذا المضاد هو المخالف والمباين الذي يكون بموقع الضدية للآخر في إرادته وفعله، فيعاكسه أو يخالفه، وحاشا لله ان يكون له ضد في الخلق كما تكلمت بذلك جميع آيات خلقه وافعاله.

روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: خطب فقال: الحمد لله الذي توحد بصنع الأشياء، وفطر أجناس البرايا على غير أصل ولا مثال سبقه في إنشائها، ولا إعانة معين على ابتدائها، بل ابتدعها بلطف قدرته فامتثلت بمشيته خاضعة ذليلة مستحدثة لأمره.

روي عنه عليه السلام في دعائه: الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي لَاشَرِيكَ لَهُ فِي خَلْقِهِ ، وَلَا شَبِيهَ لَهُ فِي عَظَمَتِهِ.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة المؤمنون:﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾.

هناك دلائل كثيرة على أن الله لاشريك له ولاشبيه، ومن تلك الأدلة دعوة الأنبياء إلى اللّه الواحد الأحد، وهو دليل آخر على وحدانية اللّه، إذ لو كان هناك خالقان كلّ واحد منهما واجب الوجود في العالم، لاستلزم أن يكون كلّ واحد منهما منبعاً للفيض.

روي أنه سُئل الإمام الهادي (عليه السلام) عن أدنى المعرفة بالله تعالى، قال : الإقرار بأنّه لا إله غيره، ولا شبه له ولا نظير، و أنّه قديم مثبت موجود غير فقيد، وأنّه ليس كمثله شيء”.

روي عنه عليه السلام في دعائه: الْحَمْدُ لِلّٰهِ الْفاشِي فِي الْخَلْقِ أَمْرُهُ وَحَمْدُهُ ، الظَّاهِرِ بِالْكَرَمِ مَجْدُهُ.

الفاشي يعني المنتشر أي الذي يوجد في الخلق إنما هو أمر الله عز وجل ، أمره الذي وجدت به الموجودات وظهرت إلى عالم الوجود فأمر الله هو الظاهر.

روي عن هشام بن الحكم ، قال : دخل ابن أبي العوجاء على الصادق (عليه السلام) ، فقال له الصادق (عليه السلام) : يا ابن أبي العوجاء ! أنت مصنوع أم غير مصنوع ؟ قال : لست بمصنوع . فقال له الصادق: فلو كنت مصنوعا كيف كنت ؟ فلم يحر ابن أبي العوجاء جوابا، وقام وخرج.

فيعلم أن كثرة الأدلة واضحة فقط تحتاج إلى قلوب مليئة بالتقوى والإيمان به.

روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: لا يمحض رجل الايمان بالله حتى يكون الله أحب إليه من نفسه وأبيه وأمه وولده وأهله وماله ومن الناس كلهم.

وروي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: القلب حرم الله فلا تسكن حرم الله غير الله.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة المائدة: ﴿مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾

مازال كرم الله يظهر على عباده فأول كرمه أن يوجده في هذه الدنيا ليكون من عباده العابدون له.

روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعليّ عليه السلام: “قل ما أوّل نعمة أبلاك الله عزَّ وجلَّ وأنعم عليك بها؟ قال: أنْ خلقني جلّ ثناؤه ولم أك شيئاً مذكوراً، قال: صدقت.

ويتظافر كرم الله علينا ظاهرا وباطنا.

 روي عن ابن عبّاس في تفسير هذه الآية الكريمة، في سورة لقمان آية ٢٠ “قال: سألت النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم عن قوله تعالى: (ظاهرة وباطنة). فقال: يا بن عبّاس! أمّا ما ظهر فالإسلام، وما سوّى الله من خلقك، وما أفاض عليك من الرزق. وأمّا ما بطن فستر مساوئ عملك ولم يفضحك به. يا بن عبّاس إنّ الله تعالى يقول: ثلاثة جعلتهنّ للمؤمن ولم تكن له: صلاة المؤمنين عليه من بعد انقطاع عمله، وجعلت له ثلث ماله أُكفِّر به عنه خطاياه، والثالث: سترت مساوئ عمله ولم أفضحه بشيء منه ولو أبديتُها عليه لنبذه أهله فمن سواهم.

وروي عنه عليه السلام في دعائه: الْباسِطِ بِالْجُودِ يَدَهُ، الَّذِي لَاتَنْقُصُ خَزائِنُهُ، وَلَا تَزِيدُهُ كَثْرَةُ الْعَطاءِ إِلّا جُوداً وَكَرَماً إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْوَهَّابُ.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة الرعد:{اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ}.

الكرم هو أحد صفات الله عز وجل فالله كريم وكثير الجود والعطاء فكرم الله عز وجل وعطائه ليس له آخر، فالله كريم على عباده ويعفو ويصفح ويتجاوز عن السيئات ويكرم الإنسان في كافة أمور حياته ويظهر كرم الله على الإنسان عندما تكثر ذنوبه ويتوب المسلم إلى الله عز وجل فيقبل الله توبته ويغفر له ما تقدم من ذنبه.

وقد كرم الله الإنسان بالأرض وجعله يسير فيها ويستفيد مما في الأرض من مأكل ومشرب ويتمتع بكل ما سخره الله عز وجل له في الأرض، وسهل الله عز وجل الحياة للإنسان وأسند له مهمة إعمار الأرض

فقال تعالى في سورة الإسراء: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا).

لم يحظى أي من المخلوقات بكرم الله عز وجل مثل الإنسان، فقد أكرمه الله بالعقل حتى يتمكن من التفكير والتدبر ولكي يتمكن من معرفة الصواب والخطأ وحتى يستطيع هذا الإنسان من المعرفة التامة أرسل أنبيائه وأقام الحجج عليه لمعرفة ما دارت عليه القرون الأولى من أعظم كرمه أن جعلنا من متمسكين بولاية محمد وآل محمد.

روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إني تارك فيكم الثقلين: الثقل الأكبر، والثقل الأصغر، فأما الأكبر فكتاب ربي، وأما الأصغر فعترتي أهل بيتي، فأحفظوني فيهما فلن تضلوا ما تمسكتم بهما.

العزيز هو أحد أسماء الله الحسنى، وهو المنيع الذي لا يغلب، وهو أيضا الذي لا يعادله شيء، وانه لا أمثال له ولا نظير له.

والوهاب من أسماء الله الحسنى وهو الكثير الهبة والمفضال في العطية.

وقد أمرنا أن ندعوا بها بما روي عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان لله عز وجل تسعة وتسعون اسما من دعا الله بها استجاب له، ومن أحصاها دخل الجنة.

ونحن في هذا الشهر الفضيل نرفع أكفنا سائلين الله بأسمائه أن يعجل فرج مولانا المهدي المنتظر عجل الله فرجه.

روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلّم )قال : المهدي من ولدي ، تكون له غيبة وحيرة وتضل فيها الأمم ، يأتي بذخيرة الأنبياء  عليهم السلام ء فيملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً.

وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *