شرح دعاء الافتتاح (الحلقة الخامسة)

 

بسم الله الرحمن الرحيم 

اللّٰهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ قَلِيلاً مِنْ كَثِيرٍ ، مَعَ حاجَةٍ بِي إِلَيْهِ عَظِيمَةٍ وَغِناكَ عَنْهُ قَدِيمٌ وَهُوَ عِنْدِي كَثِيرٌ ، وَهُوَ عَلَيْكَ سَهْلٌ يَسِيرٌ. 

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين. 

روي عنه عليه السلام في دعائه: اللّٰهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ قَلِيلاً مِنْ كَثِيرٍ ، مَعَ حاجَةٍ بِي إِلَيْهِ عَظِيمَةٍ.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة  النحل:{وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍۢ فَمِنَ ٱللَّهِ ۖ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْـَٔرُونَ}.

العبد في دعائه الذي يتوجه به إلى الله يسأل فيه حاجاته التي يعتبرها قليلة لعلمه أن الله عنده الكثير بملكوته وجبروته وقدرته اللامحدودة وها أنا يا رب أسألك وأنت ذو الغنى المطلق لا ينقص من عطائك شيء ، اللهم إن ما جرأني على أن أسألك معرفتي من خلال ما مر بي في حياتي ومعرفتي التي زادت من خلال ما تعلمته من مدرسة أهل البيت عليهم السلام.

روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم  قال: سلوا الله عز وجل ما بدا لكم من حوائجكم، حتى شسع النعل فإنه إن لم ييسره لم يتيسر.

وقد روي عن الإمام الباقر (عليه السلام): لا تحقروا صغيرا من حوائجكم فإن أحب المؤمنين إلى الله تعالى أسألهم. 

فحاجة العبد في حياته الدنيوية والأخروية ملحة بالنسبة له من عطاء الرزق بشتى أنواعه المادية والأخروية من غفران الذنب وستر العيوب، وهي بالنسبة للعبد من الأمور العظمية.

وهناك ارتباطٌ قويٌ بين الاستغفار وبين صلاح المجتمع ونزول البركات والحياة الطيبة، قال تعالى حكاية عن هود عليه السلام: ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾.

روي عنه عليه السلام في دعائه: وَغِناكَ عَنْهُ قَدِيمٌ وَهُوَ عِنْدِي كَثِيرٌ ، وَهُوَ عَلَيْكَ سَهْلٌ يَسِيرٌ. 

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة آل عمران: {فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}.

العبد في تضرعه في الدعاء وطلب الأشياء من الله لأنه هو القادر،وكل ما كان بتصور العبد ان تحقيقه صعب انما هو على الله سهل يسير كما في قوله تعالى في سورة مريم: {قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ “هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ” وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا}، فكل شيء يسير على الله {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ}.

فيحلو الكلام بذكر آل البيت الكرام ليعلمنا فعلهم كيف أن الله يسهل كل رزق ويزيده أضعافا مضاعفة، روي أن فاطمة(عليها السلام) مرضت  ذات يوم فجاء علي(عليه السلام) إلى منزلها فقال :

يا فاطمة ما يريد قلبك من حلاوة الدنيا ؟

فقالت : يا علي أشتهي رماناً ، فتفكر ساعة لأنه ما كان معه شيء ، ثم قام وذهب إلى السوق وأستقرض درهماً واشترى به رمانه ، فرجع إليها فرأى شخصا مريضا مطروحاً على قارعة الطريق ، فوقف علي فقال له : ما يريد قلبك يا شيخ ؟

فقال : يا علي خمسة أيام هنا وأنا مطروح ومر الناس عليّ ولم يلتفت أحد إليّ , يريد قلبي رماناًَ .

فتفكر في نفسه ساعة فقال لنفسه : اشتريت رمانةً واحدة لأجل فاطمة , فإن أعطيتها لهذا السائل بقيت فاطمة محرومة ، وإن لم أعطه خالفت قول الله تعالى ‘ وأما السائل فلا تنهر ‘ والنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) قال :’ لا تردوا السائل ولو كان على فرس ‘ فكسر الرمانة فأطعم الشيخ , فعوفي في الساعة .

وجاء علي(عليه السلام) وهو مستحي ، فلما رأته فاطمة عليها السلام قامت إليه وضمته إلى صدرها فقالت : أما إنك مغموم، فوعزة الله وجلاله انك لما أطعمت ذلك الشيخ الرمانة زال عن قلبي إشتهاء الرمان .

ففرح علي بكلامها، فأتى رجل فقرع الباب فقال علي عليه السلام من أنت ؟

فقال : أنا سلمان الفارسي ، افتح الباب ، فقام علي وفتح الباب ورأى سلمان الفارسي وبيده طبق مغطى رأسه بمنديل ، فوضعه بين يديه فقال علي : ممن هذا يا سلمان ؟

فقال : من الله إلى رسوله ، ومن الرسول إليك .

فكشف الغطاء فإذا فيه تسع رمانات ، فقال : يا سلمان لو كان هذا لي لكان عشراً لقوله تعالى :’ من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ‘ .

فضحك سلمان فأخرج رمانة من كمه فوضعها في الطبق فقال : يا علي والله كانت عشراً ولكن أردت بذلك أن ازداد بك ايمانا . 

ونحن في هذه الأيام المباركة نرفع أكفنا بالدعاء إلى الله أن يسهل علينا بفرج صاحب الزمان الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه. 

روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) قال:  علي مني وأنا من علي وهو زوج ابنتي وأبو سبطي الحسن والحسين ، ألا وإن الله تبارك وتعالى جعلني وإياهم حججاً على عباده ، وجعل من صلب الحسين أئمة يقومون بأمري ، ويحفظون وصيتي ، التاسع منهم قائم أهل بيتي ، ومهدي أمتي ، أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله يظهر بعد غيبة طويلة وحيرة مضلّة ، فيعلن أمر الله ، ويظهر دين الله جل وعز ، يؤيد بنصر الله وينصر بملائكة الله،فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراًوظلماً. 

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *