شرح دعاء الليلة الخامسة

دعاء الليلة الخامسة 

بسم الله الرحمن الرحيم 

يا صانع كل مصنوع، ويا جابر كل كسير، ويا شاهد كل نجوى، يا رباه يا سيداه أنت النور فوق النور ونور  النور، فيا نور  النور أسألك بحق محمد وآله أن تصلي على محمد وآله،وأن تغفر لي ذنوب الليل وذنوب النهار، وذنوب السر وذنوب العلانية يا قادر يا مقتدر يا واحد يا أحد يا صمد يا ودود يا غفور يا رحيم، يا غفار الذنوب، وقابل التوب، شديد العقاب، ذا الطول لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك تحيي وتميت وتميت وتحيي وأنت الواحد القهار، صل على محمد وآل محمد، واغفر لي وارحمني إنك أنت الرحمن الرحيم.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:(يا صانع كل مصنوع، ويا جابر كل كسير، ويا شاهد كل نجوى، يا رباه يا سيداه).

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة النمل:{صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ}.

وروي في جامع الأخبار أنه عندما سُئل مولانا أمير المؤمنين عليه السلام عن إثبات الصانع فقال : (البعرة تدل على البعير، والروثة تدل على الحمير، وآثار القدم تدل على المسير، فهيكل علوي بهذه اللطافة ومركز سفلي بهذه الكثافة كيف لا يدلان على اللطيف الخبير).

أشار صلوات الله عليه ،على انه كل أثر لا بد له من مؤثر، وكل مصنوع يحتاج إلى صانع وهذا واضح بالوجدان.

وما روي في تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) أنّ رجلاً قال للإمام الصادق عليه السلام : يا بن رسول الله دلني على الله ما هو؟ فقد أكثر المجادلون علي وحيروني. فقال له: يا عبد الله هل ركبت سفينة قط؟ قال: بلى. فقال: هل كسرت بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك؟ قال: بلى. قال: فهل تعلق قلبك هنالك أن شيئا من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك؟ قال: بلى. قال الصادق عليه السلام: فذلك الشئ هو الله القادر على الإنجاء حين لا منجي، وعلى الإغاثة حين لا مغيث .

وعند التأمل  سيتيقن بأن لها صانع قادر عالم حكيم غني، جابر للعظم بحوله وقوته غير محتاج ، قد صنع وأبدع هذا الكون ومخلوقاته بنظام دقيق محكم، لأن العقل يرفض مبدأ الصدفة في وجود هذا النظام ومخلوقاته، بل لابد لها من صانع صنعها.

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه: (أنت النور فوق النور ونور النور، فيا نور النور أسألك بحق محمد وآله أن تصلي على محمد وآله).

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة النور: ﴿اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾

البيان هو إن الله تعالى مادام هو نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، ومادام كل نور هو فيض منه تعالى، أي: هو المصدر لكل نور في الكون، حينئذ فانه بالضرورة يكون (فوق كل نور)، إن كل حركة أو مادة أو فكرة أو موقف إيجابي خير، يبقى مستضيئا من نور الله تعالى.

بمعني أنه تعالى هو النور المطلق الذي لا حدود له، متفقاً مع سائر صفاته المطلقة بطبيعة الحال. 

وروي عن الإمام الصادق عليه السلام عن أبيه عليه السلام في هذه الآية : ( اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) ، قال : « بدء بنور نفسه مثل نوره مثل هداه في قلب المؤمن لمشكاة فيها مصباح المشكاة جوف المؤمن والقنديل قلبه والمصباح النور الذي جعله الله فيه.

وماروي عن أبي خالد الكابلي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: ” فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا  ” فقال: يا أبا خالد النور والله الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وآله إلى يوم القيامة، وهم والله نور الله الذي أنزل، وهم والله نور الله في السماوات وفي الأرض، والله يا أبا خالد لنورالإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار، وهم والله ينورون قلوب المؤمنين، ويحجب الله عز وجل نورهم عمن يشاء فتضللهم قلوبهم، والله يا أبا خالد لا يحبنا عبد ويتولانا حتى يطهر الله قلبه، ولا يطهر الله قلب عبد حتى يسلم لنا، ويكون سلما لنا، فإذا كان سلما لنا سلمه الله من شديد الحساب وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر.

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:(أن تغفر لي ذنوب الليل وذنوب النهار، وذنوب السر وذنوب العلانية يا قادر يا مقتدر يا واحد يا أحد يا صمد يا ودود يا غفور يا رحيم، يا غفار الذنوب، وقابل التوب، شديد العقاب).

قال تعالى في سورة آل عمران:{وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا}.

روي وعن المفضل قال: قال الإمام الصادق عليه السلام: يا مفضل إياك والذنوب، وحذّرها شيعتنا، فواللّه ما هي إلى أحد أسرع منها إليكم، إن أحدكم لتصيبه المَعَرّة من السلطان، وما ذاك إلا بذنوبه، وإنه ليصيبه السقم وما ذاك الا بذنوبه، وإنه ليحبس عنه الرزق وما هو إلا بذنوبه، وإنه ليشدد عليه عند الموت وما هو إلا بذنوبه، حتى يقول من حضر: لقد غُمّ بالموت.

فلما رأى ما قد دخلني، قال: أتدري لم ذاك يا مفضل؟ قلت: لا أدري جعلت فداك. قال: ذاك واللّه أنكم لا تؤاخذون بها في الآخرة، وعُجّلت لكم في الدنيا.

إذا فالذنوب تختلف، وتتفاوت باختلاف الأشخاص، ومبلغ إيمانهم، وأبعاد طاعتهم وعبوديتهم للّه عز وجل.

روي عن الإمام  الصادق عليه السلام: “إذا أراد اللّه بعبد خيراً، فأذنب ذنباً، أتبعه بنقمة، ويذكّره الاستغفار، وإذا أراد بعبد شراً، فأذنب ذنباً، أتبعه بنعمة، لينسيه الإستغفار، ويتمادى بها، وهو قول اللّه تعالى في سورة القلم: ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ بالنعم عند المعاصي.

أبَت العناية الإلهية أن تُهمل العصاة يتخبطون في دياجير الذنوب، ومجاهل العصيان، دون أن يسعهم بعطفه السامي، وعفوه الكريم، فشوقهم إلى الأنابة، فقال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة الزمر:﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.

وما روي عن الإمام الصادق عليه السلام: إذا تاب العبد توبة نصوحاً، أحبه اللّه تعالى فستر عليه في الدنيا والآخرة. قال الراوي: وكيف يستر اللّه عليه؟ قال: ينسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب، ثم يوحي اللّه الى جوارحه اكتمي عليه ذنوبه، ويوحي الى بقاع الأرض اكتمي عليه ما كان يعمل عليك من الذنوب، فيلقى اللّه تعالى حين يلقاه، وليس شيء يشهد عليه بشيء من الذنوب.

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه: (ذا الطول لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك تحيي وتميت وتميت وتحيي وأنت الواحد القهار، صل على محمد وآل محمد، واغفر لي وارحمني إنك أنت الرحمن الرحيم).

قال تعالى في محكم كتابه المبين في سورة ص:{قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }

القهر في اللغة هو الغلبة والتذليل معا، وهو الاستيلاء على الشيء في الظاهر والباطن، والقاهر والقهار من صفات الله تعالى وأسمائه، والقهار مبالغة في القاهر فالله هو الذي يقهر خلقه بسلطانه وقدرته، هو الغالب جميع خلقه رضوا أم كرهوا، قهر الإنسان  بالموت.

وروي عنه صلى الله عليه وآله: أكثروا ذكر الموت، فإنه يمحص الذنوب ويزهد في الدنيا، فإن ذكرتموه عند الغنى هدمه، وإن ذكرتموه عند الفقر أرضاكم بعيشكم .

وعنه صلى الله عليه وآله: أكثروا ذكر الموت، فما من عبد أكثر ذكره إلا أحيى الله قلبه وهون عليه الموت .

يسعى المؤمن في هذه الأيام لتحصيل المحاصيل من حسنات فيغرف من مناهل علمهم.

روي عن  الإمام علي (عليه السلام)  لما سئل عن الاستعداد للموت : أداء الفرائض، واجتناب المحارم، والاشتمال على المكارم، ثم لا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه، والله ما يبالي ابن أبي طالب أوقع على الموت أم وقع الموت عليه.

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *