شرح دعاء الليلة العشرين

دعاء الليلة العشرين

بسم الله الرحمن الرحيم. 

أستغفر الله مما مضى من ذنوبي، وما نسيته وهو مكتوب عليَّ بحفظ كرام كاتبين، يعلمون ما أفعل، وأستغفر الله من موبقات الذنوب،وأستغفر الله  مما فرض علي فتوانيت،   وأستغفره  من مفظعات الذنوب، وأستغفره من الزلات وما كسبت يداي، وأومن به وأتوكل عليه كثيرا، وأستغفر الله – سبعا-  وصل على محمد وآل محمد  واعف عني، واغفر لي ما سلف من ذنوبي، واستجب يا سيدي دعائي، فإنك أنت التواب الرحيم. 

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

وروي عنه صلى الله علیه وآله في دعائه:(أستغفر الله مما مضى من ذنوبي، وما نسيته وهو مكتوب عليَّ بحفظ كرام كاتبين، يعلمون ما أفعل، وأستغفر الله من موبقات الذنوب).

الاستغفار جعل بابا من أبواب رحمة الله على عباده كي يرجعوا عما اقترفوه من ذنوب، فجعل هذه الوسيلة هي الأقرب إليه عز وجل، وقد حث سبحانه وتعالى في كتابه العزيز على هذا الأمر، قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة النساء: {وَمَن يعْمَلْ سُوءًا أَوْ يظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يسْتَغْفِرِ اللَّهَ يجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً}.

ويعلم المؤمن أن الله هو الرقيب، وعلى كتفيه كرام كاتبين موكلين به، يكتبون ما يفعل في الليل والنهار، ولكن توجهه إلى كثرة الإستغفار لأنه ليس محصورا بوقت معين أو عمل معين.

روي عن  الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام): اعلموا عباد الله أن عليكم رصدا من أنفسكم، وعيونا من جوارحكم، وحفاظ صدق يحفظون أعمالكم، وعدد أنفاسكم، لا تستركم منهم ظلمة ليل داج، ولا يكنكم منهم باب ذو رتاج.

روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال :

طوبى لمن وجد في صحيفة عمله يوم القيامة تحت كل ذنب، أستغفر الله.

وروي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال :

قال إبليس : وعزتك لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم ، فقال تعالى : وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني. 

ونحن في هذه الأيام والليالي التي سماها الله  بالقدر والتي هي خير من ألف شهر نبغي فيها إلى الله الوسيلة في المغفرة ومحو سيئاتنا. 

روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال:

ثلاثة معصومون من إبليس وجنوده ، الذاكرون لله ، والباكون من خشية الله ، والمستغفرون بالأسحار. 

الآملين من المؤمنين بمغفرة الله في ليالي القدر من أشهاد ملائكة الرحمن عن رجوعهم من الذنوب والموبقات، وتقديرهم فيها من المستغفرين.

روي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام: في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان التقدير، وفي ليلة إحدى وعشرين القضاء، وفي ليلة ثلاث وعشرين إبرام ما يكون في السنة.

وروي عنه صلى الله علیه وآله في دعائه: (وأستغفر الله  مما فرض علي فتوانيت، وأستغفره  من مفظعات الذنوب، وأستغفره من الزلات وما كسبت يداي).

فرض الله على عباده طاعته في أمور الفرائض والواجبات ليكونوا مصداق قوله في سورة المؤمنون:

{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ *الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ *إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ *فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ لأِمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ *أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ *الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ *}.

وقد تبين أن الذنوب الكبيرة والصغيرة لا تترك لأن رب ذنب كبير أدخل العبد عذابا أليما، وأما الذنوب الكبيرة والزلات بما كسبت يدي الجاني على نفسه فتكون وبالا عليه في الدنيا قبل الآخرة .

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة الشورى:

﴿وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْديكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثير﴾.

روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): أزرى بنفسه من ملكته الشهوة، واستعبدته المطامع.

وروي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: من يموت بالذنوب أكثر ممن يموت بالآجال.

فالاستغفار له درجات يسعى اليها المؤمنين ليعلموا كيفيتها لتكون طريقا يوصلهم إلى عفو الله ومغفرته.

روي عن أمير المؤمنين عليه السلام ، لقائل قال بحضرته : أستغفر الله، قال عليه السلام: ثكلتك أمك! أتدري ما الاستغفار؟! الاستغفار درجة العليين! وهو اسم واقع على ستة معان:

 أولها الندم على ما مضى. 

والثاني العزم على ترك العود إليه أبدا. 

والثالث أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة. 

والرابع أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها. 

والخامس أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت، فتذيبه بالأحزان حتى تلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد، 

والسادس أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية فعند ذلك تقول أستغفر الله.

وروي عنه صلى الله علیه وآله في دعائه:(وأومن به وأتوكل عليه كثيرا، وأستغفر الله – سبعا-  وصل على محمد وآل محمد  واعف عني، واغفر لي ما سلف من ذنوبي، واستجب يا سيدي دعائي، فإنك أنت التواب الرحيم).

يرشد المؤمن نفسه في التوكل على الله والسعي في هذه الليالي المباركة التي فيها يقدر كل أمر يستعجل غفران ذنوبه.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة القدر: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾.

فضائل الرحمن على عباده المستغفرين المتوكلين تعطيهم أماني في ليلة القدر، يسألها قبلهم الأنبياء لرب الأكوان فينهل منها المؤمنون .

روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: قال موسى عليه السلام إلهي أريد قربك.

قال عز وجل: قربي لمن استيقظ ليلة القدر.

قال: إلهي أريد رحمتك.

قال رحمتي لمن رحم المساكين ليلة القدر

قال: إلهي أريد الجواز على الصراط.

قال: ذلك لمن تصدق بصدقة في ليلة القدر.

قال: إلهي أريد من أشجار الجنة وثمارها.

قال: ذلك لمن سبح تسبيحة في ليلة القدر.

قال: إلهي أريد النجاة من النار.

قال: ذلك لمن استغفر في ليلة القدر.

قال: إلهي أريد رضاك.

قال: رضاي لمن صلى ركعتين في ليلة القدر. 

بالليل تفضل رب الأرباب بحفظ كرم الله عليهم أن أعطاهم مناجاته المفضلة، وهي في الليل حيث الناس نيام، والعابدون سائحون في الوصول إلى رضوانه وغفرانه. 

روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: إذا كانت ليلة القدر نزلت الملائكة والروح والكتبة الى السماء الدنيا، فيكتبون ما يكون من قضاء الله في تلك السنة، فإذا أراد الله أن يقدم شيئاً أو يؤخره، أو ينقص أمر الملك أن يمحو ما شاء، ثم أثبت الذي أراد.

قلت: وكل شيء هو عنده ومثبت في كتاب ؟ قال: “نعم”.قلت فأي شيء يكون بعده ؟ قال: “سبحان الله ! ثم يحدث الله أيضاً ما يشاء تبارك وتعالى.

إن الله منح العبد قدراً من المشيئة لكي يكون مصيره بيده، إما الى الجنة وإما الى النار، ولكن ذلك لا يعني أنه سيدخل الجنة بقوته الذاتية أو النار بأقدامه ، وإنما الله سبحانه هو الذي يدخله الجنة بأفعاله الصالحة، أو يدخله النار بأفعاله الطالحة، ولكن لكل شئ مقدمة من الأعمال والعلم، فولاية أهل البيت عليهم السلام هي أول الأعمال والعلم.

روي عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله؛ يا علي أتدري ما معنى ليلة القدر؟ 

فقلت: لا يا رسول الله صلى الله عليه وآله. 

فقال: إن الله تبارك وتعالى قدّر فيها ما هو كائن الى يوم القيامة، فكان فيما قدَّر عز وجل ولايتك وولاية الائمة من ولدك الى يوم القيامة. 

اللهم اجعلنا ممن وفق لقيام ليلة القدر، فأجزلت له المثوبة والأجر، وغفرت له الزلل والوزر، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أعلنا وما أسررنا، وما أنت أعلم به منا، برحمتك يا عزيز يا غفار، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين. 

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *