شرح دعاء الافتتاح *الحلقة التاسعة و العشرون* 

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا صلواتك عليه واله وغيبة ولينا وكثرة عدونا وقلة عددنا وشدة الفتن بنا وتظاهر الزمان علينا فصل على محمد وآله.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين. 

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة يوسف: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}.

الشكوى التي تصدر من المؤمن في فقد أشرف الخلق صلى الله عليه وآله وسلم، تخفف عنه مرارة الفقد ولتلك الشكوى على بعدها لها أبعاد إيمانية واضحة من التمسك بالعترة الطاهرة ودليل على صدق الإيمان، وقد دلت أفعال الأنبياء عليهم السلام ببث شكواهم إلى الله تعالى من الملمات التي أصابتهم، فيعرف أن هذا الفعل حسن، لأنّ في الشكوى أثراً إيجابياً مهماً في تقوية ارتباط المؤمن بالله جل جلاله لأنّ الإنسان بطبيعته يبثُّ ما يختلج في صدره من همومٍ الى من يشعر بقربه منه ومحبته له، ولهذا الأمر عظيم الأثر في تقوية حُبِّهِ عزوجل في قلب المؤمن، وكذلك في تقوية شعور المؤمن بحبّ الله عزوجل له، لأن الشكوى تكون لمن يثق المؤمن بحُبِّهِ له، ولما هي هذه الشكوى.

وكيف إذا كانت لمثل النبي صلى الله عليه وآله.

وأول من آدبنا على مثل هذه العقيدة شكوى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من ظالمي فاطمة (عليها السلام) روى جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: دخلت فاطمة (عليها السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) – وهو في سكرات الموت – فانكبت عليه تبكي، ففتح عينه وأفاق ثم قال:

” يا بنية! أنت المظلومة بعدي.. وأنت المستضعفة بعدي.. فمن آذاك قد آذاني، ومن غاظك فقد غاظني، ومن سرك فقد سرني، ومن برك فقد برني، ومن جفاك فقد جفاني، ومن وصلك فقد وصلني، ومن قطعك فقد قطعني، ومن أنصفك فقد أنصفني، ومن ظلمك فقد ظلمني، لأنك مني وأنا منك، وأنت بضعة مني، وروحي التي بين جنبي.

ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: إلى الله أشكو ظالميك من أمتي.

شكوى تهتز لها السموات السبع صدرت من النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، لتكون عنوانًا لما نعيشه في هذه المرحلة من شدة الظلم وكثرة أعدائنا.

ومن أعظم الشكوى غيبة ولي الله الأعظم عجل الله فرجه الشريف التي تبقى منى قلوب المؤمنين لينشر العدل ويحق الحق.

روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ليلة المعراج ، قال الله تعالى : وأعطيتك أن أخرج من صلبه أحد عشر مهدياً كلهم من ذريتك من البكر البتول ، وآخر رجل منهم يصلي خلفه عيسى ابن مريم ، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، أنجي به من الهلكة ، وأهدي به من الضلالة ، وأبرئ به من العمى ، و أشفي به المريض ، فقلت : إلهي وسيدي متى يكون ذلك؟ فأوحى الله عز وجل : يكون ذلك إذا رفع العلم ، وظهر الجهل ، وكثر القرّاء ، وقلّ العمل ، وكثر القتل ، وقلّ الفقهاء الهادون ، وكثر فقهاء الضلالة والخونة ، وكثر الشعراء ، واتخذ أمتك قبورهم مساجد ، وحلّيت المصاحف ، وزخرفت المساجد ، وكثر الجور والفساد ، وظهر المنكر وأمر أمّتك به ونهوا عن المعروف ، واكتفى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، وصارت الأمراء كفرة ، وأولياؤهم فجرة ، وأعوانهم ظلمة ، وذوي الرأي منهم فسقة.

ونحن في آخر الساعات من هذا الشهر الكريم نرفع أكفنا بالدعاء إلى الله أن يرفع هذه الغمة عن هذه الأمة بتعجيل فرج وليه الأعظم أرواحنا له الفداء ويجعلنا من الذين غفر لهم في هذا الشهر ومرحومين غير محرومين من رحمته.

روي قال الامام المهدي عجل الله فرجه قال: أكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فان ذلك فرجكم.

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *