رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ

الحلقة الحادية عشر
بسم الله الرحمن الرحيم

{رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ* رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ}.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

في هذه الآية الكريمة من أجمل صيغ الدعاء التي يتلوها العبد في الأوقات التي يأمل فيها التقرب من الله، وتختصر له مسافة التقرب في المناجاة التي تدل في معانيها على الإخلاص لكل ما جاء من عنده.

ان الله وعدَ عباده المؤمنين وعوداً حسنةً على ألسنة رسله بشروطٍ لا يعلم قيامَهم بِها على وجهها غيرُه، فالدعاء للتجاوز والعفو عن التقصير.
إن في الدعاء بهذا كمال تضرع بين يدي الكريم بذكر كرمه ووعده الحسن بالمغفرة، والله رب العالمين الذي هو أكرم الأكرمين ويحب المتضرعين المتذللين بين يديه المعترفين بان ماسمعوه من نداء النبي صلى الله عليه وآله ، للإيمان الحقيقي ،هو التوحيد لله وبرسوله وبوصيه.
فكان النداء الحقيقي في هذه الآية هي للولاية التي أمر الله نبيه صلى الله عليه وآله ببيانها للمسلمين، فعندها يجب على كل مسلم عرف الحق فأراد أن يتبعه .
واقول يا رب وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك وأشهد ان عليا أمير المؤمنين ووليهم ومولاهم ومولاي، ربنا اننا سمعنا النداء وصدقنا المنادي رسولك صلى الله عليه وآله وسلم إذ نادى بنداء عنك بالذي أمرته أن يبلغ عنك ما أنزلت إليه من موالاة ولي المؤمنين، وحذرته وأنذرته إن لم يبلغ أن تسخط عليه، وأنه إذا بلغ رسالتك عصمته من الناس فنادى مبلغا وحيك ورسالاتك ألا من كنت مولاه فعلي مولاه ومن كنت وليه فعلى وليه، من كنت نبيه فعلي أميره.

روي عنهم عليهم السلام: “أن هذه الآيات التي في أواخر آل عمران نزلت في علي (عليه السلام) وفي جماعة من أصحابه، وذلك أن النبي (صلى الله عليه وآله) لما أمره اللّه تعالى بالمهاجرة الى المدينة بعد موت عمه أبي طالب (رحمة الله عليه)، وكان قد تحالفت عليه قريش بأن يكبسوا عليه ليلاً وهو نائم، فيضربوه ضربة رجل واحد، فلم يُعلم من قاتله، فلا يؤخذ بثاره، فأمر اللّه بأن يبيّت مكانه ابن عمه علياً (عليه السلام)، ويخرج ليلاً الى المدينة، ففعل ما أمره اللّه به، وبيّت مكانه على فراشه علياً (عليه السلام)، وأوصاه أن يحمل أزواجه الى المدينة، فجاء المشركون من قريش لما تعاقدوا عليه وتحالفوا، فوجدوا علياً (عليه السلام) مكانه فرجعوا القهقري، وأبطل اللّه ما تعاقدوا عليه وتحالفوا.
ثم إن علياً (عليه السلام) حمل أهله وأزواجه الى المدينة فعلم أبو سفيان بخروجه وسيره الى المدينة فتبعه ليردهم، وكان معهم عبدٌ له أسود، فيه شِدة وجرأة في الحرب، فأمره سيّده أن يلحقه فيمنعه عن المسير حتى يلقاه بأصحابه، فلحقه، فقال له: لا تسر بمن معك الى أن يأتي مولاي.
فقال (عليه السلام) له: ويلك، ارجع الى مولاك وإلا قتلتك.
فلم يرجع، فرفع علي (عليه السلام) سيفه وضربه، فأبان عنقه عن جسده، وسار بالنساء والأهل، وجاء أبو سفيان فوجد عبده مقتولاً، فتبع علياً (عليه السلام) وأدركه، فقال له: يا علي، تأخذ بنات عمنا من عندنا من غير إذننا، وتقتل عبدنا، فقال: أخذتهم بإذن مَن له تفلحون.

تضمنت هذه الآية الكريمة فوائد:

  • ان كلمة (ربنا ) جاءت خمس مرات في هذه الآيات، لإظهار كمال الضراعة والابتهال.
  • سَمِعْنَا مُنَادِيًا وهو الرسول صلى الله عليه وآله للإيمان الحقيقي المطلوب من المؤمنين.
  • ان قوله تعالى ينادي: اي يبلغ الناس، وبقدر استطاعته ليوصل صوته ودعوته إلى القاصي والداني، للإيمان بالله وبما أراده من معرفة طريق الحق .
  • ان العبد لا ينفك يدعو الله ويتضرع اليه ان يغفر له لأن الأمور بيده عز وجل.
  • ان وعد الله حق وهو لا يخلف وعده للمؤمنين.
    ونحن في هذه الأيام المباركة ندعو الله ان يجعلنا من المتمسكين بولاية محمد وال محمد و العارفين بنداء نبيه صلى الله عليه وآله من الحق، وأن يتوفنا مع الأبرار ويحشرنا مع محمد وال محمد يوم القيامة.
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *