الليلة الحادية عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

وَكَلأْتَنِي مِنْ طَوَارِقِ الْجَانِّ، وَسَلَّمْتَنِي مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، فَتَعَالَيْتَ يَا رَحِيمُ يَا رَحْمنُ، حتّى اِذَا اسْتَهْلَلْتُ نَاطِقاً بِالْكَلاَمِ، اَتْمَمْتَ عَلَىَّ سَوابغَ الإنْعَامِ.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة الأنعام: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ..}.

لقد خلق الله مع الانسان خلقا غيره ، منهم الشياطين، ومنهم الجان، ولكل عالمه، ولست بصدد الكلام عنهم، لكن أشير إلى مطلب أراده عليه السلام من خلال كلمات الدعاء وهو الإحاطة الكاملة بالحالة الاجتماعية الأسرية من شكر الله عليها في كل مراحلها منذ بداية العيش في دار الدنيا كطفل، فالله يحفظه من هؤلاء الذي يتربصون به و يريدون به شرا و قد سلمت الفرق المسلمة بحياة المخلوقات الأخرى غيرهم بدلالة القرآن والروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام.

وروي أن النبي صلى الله عليه وآله قال: خلق الله الجن خمسة أصناف: صنف كالريح في الهواء، وصنف حيات، وصنف عقارب، وصنف حشرات الأرض، وصنف كبني آدم عليهم الحساب والعقاب.

والغيلان: سحرة الجن. وأم الصبيان: ريح تعرض لهم.

من نعم الله ورحمته أن حفظ الطفل من مردة الشياطين والجن، ولذلك هناك الكثير من المستحبات التي يفعلها الفرد في بيته مثل الأذان لطرد الشياطين، وقراءة القرآن، أراد الامام عليه السلام من خلال كلمات الدعاء أن يوضح لنا ما يجب فعله للوصول إلى مرحلة معرفة كيفية تحصين الإنسان نفسه منهم ، و كيف يشكر الله في كل أموره، ومن الشكر والحمد لله أن يسلم الإنسان من التشوهات الخلقية .

وروي عن محمد بن سنان، عمن حدثه قال: كان علي بن الحسين عليه السلام إذا بشر بولد، لم يسأل: أذكر هو أم أنثى؟ بل يقول: أسوي؟فإذا كان سوياً قال: الحمد الله الذي لم يخلقه مشوهاً.

لا تنحصر العيوب والعاهات التي تصيب الطفل في رحم الأم بالنوع البدني منها فقط. فكثيراً ما يتفق إصابة الطفل بعوارض لم تنكشف بعد فهي ليست ظاهرة بل كامنة، ولكن لا يلبث بعد الولادة أن يظهر تدريجياً، فيكشف الزمن عن أسرار عميقة كانت مكتومة في خلقة الفرد فجميع تلك الاستعدادات تأخذ بالظهور إلى عالم الفعلية واحدة تلو الأخرى.

روي عن الإمام جواد عليه السلام: الأيام تهتك لك الأمر عن الأسرار الكامنة.

بعض الأطفال يبتلى بقسم من العيوب والنواقص العضوية في ناحية أو أكثر من البدن، ويولد مع تلك العيوب.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة الاسراء: (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا).
فمن رحمة الله بنا أن جعلنا متنعمين بالعطايا، وأن رفع عنّا البلايا، أن جعل لنا من ذرياتنا خلقة كاملة ليس فيه عيب كل ذلك من رحمة الله.

ان معنى الرحمن الرحيم:
 وهما صفتان تعبّران عن حقيقة الرحمة الإلهية من بين سائر صفاته تعالى في القرآن عموماً، وفي آية البسملة خصوصا، ولا يخفى ما لهذا الحضور من مغزى عميق، لأن البسملة هي عنوان الذكر الحكيم، ويذكر المفسرون في التفريق بين هاتين الصفتين أنّ صفة “الرحمن” تشير إلى الرحمة العامة، والتي تتنزل على جميع خلقه من الصغار والكبار، الأولياء والعتاة، المؤمنين والكافرين، المطيعين والعصاة، فرحمته تعالى تعمّ كل هؤلاء وتسعهم، كلٌ بحسبه ووفق استعداده، فالمؤمن تناله رحمته تعالى في الدارين، والكافر يناله الكثير من الرحمة الدنيوية، كما أنّ باب الرحمة الأخروية مفتوح أمامه، ما لم يمتنع هو عن دخوله باختياره، وهكذا فإنّ رحمته تعالى لا تختص بالإنسان، بل تشمل كل الخلائق والكائنات، أمّا صفة “الرحيم” فهي تختص بعباده الصالحين المطيعين وقد استحقوها بإيمانهم وعملهم الصالح، وذلك قوله سبحانه وتعالى في سورة الأحزاب:{وكان بالمؤمنين رحيما}.
فاذا استهل الطفل بالكلام أنكشف ما كان يخفى على أهله من نعم الله عليهم أن جعله تاما سويا.
التعاليم التي وردت من مدرسة أهل البيت عليهم السلام للإنسان بفضائل الله عزوجل عليه وكيفية الزيادة في شكره وحمده ما روي عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أتاه ما يحب قال: الحمد لله المحسن المجمل، وإذا أتاه ما يكرهه قال: الحمد لله على كل حال والحمد لله على هذه الحال.
وما روي عن الامام عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: في ابن آدم ثلاثمائة وستون عرقا منها مائة وثمانون متحركة، ومائة وثلاثون ساكنة، فلو سكن المتحرك لم يبق الانسان، ولو تحرك الساكن لهلك الانسان، قال: وكان النبي صلى الله عليه وآله إذا أصبح وطلعت الشمس يقول: الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا على كل حال، يقولها ثلاثمائة وستين مرة شكرا.

أنعم الله تعالى على الإنسان نعماً جمّة لا يمكن إحصاؤها، حتى أصبح من نافلة الحمد لله قولُ الحامد: الحمد لله الذي لا يبلغ مدحتَه القائلون ولا يُحصي نعماءَه العادون، بل عُدّ وجوبُ شكر المنعم من أهم الدوافع للإنسان، لأنه أنعم عليه من سوابغه الكثيرة من قبل وجوده الى حين خروجه تاما سويا، وعلى هذا الأساس دعا الإسلامُ إلى مقابلة النعم بحسن صحبتها ومجاورتها، فعن الإمام علي عليه السلام: أحسنوا صحبة النعم قبل فراقها، فإنها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها.

ونحن في هذه الأيام والليالي المباركة نرفع اكفنا بالدعاء لتعجيل فرج مولانا صاحب العصر والزمان.
روي عن الامام الصادق جعفر بن محمد ( عليه السلام ) قال : ( أما والله ليغيبنّ عنكم مهديكم حتى يقول الجاهل منكم : ما لله في آل محمد حاجة ، ثم يقبل كالشهاب الثاقب فيملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً ).
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *