شرح دعاء اليوم الأول من شهر رمضان

أدعية أيام شهر رمضان
دعاء اليوم الأول

الشيخ حسين الشيخ علي المولى

اللَّهُمَّ اجعَل صيامي فيهِ صيامَ الصَّائِمينَ، وَقيامي فيهِ قيامَ القائِمينَ، وَنَبِّهني فيهِ عَن نَومَةِ الغافِلينَ، وَهَب لي جُرمي فيهِ يا إلهَ العالَمينَ، وَاعفُ عَنّي يا عافياً عَنِ المُجرِمينَ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
قال الله تعالى في محكم كتابه المبين:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
مع بداية الشهر الكريم هناك أدعية للأيام الفضيلة تحمل في معانيها توجيهات من النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام في الامتثال والتقرب إلى الله عزوجل حيث يقول صلى الله عليه وآله في دعائه:(اجعَل صيامي فيهِ صيامَ الصَّائِمينَ).
إن الصيام قبل الإسلام كان وجوبه على الأنبياء فقط دون أممهم ولكن عندما أتى الإسلام فرضه الله على نبينا وأمته وكأنما أعطى هذه المنزلة والتخصيص التي كانت تعطى للأنبياء فقط إلى أمة الإسلام جميعا، فعن النبي صلى عليه وآله وسلم لجابر بن عبدالله: يا جابر! هذا شهر رمضان! من صام نهاره، وقام ورداً من ليله، وعفّ بطنه وفرجه، وكف لسانه، خرج من ذنوبه كخروجه من الشهر، فقال جابر: يا رسول الله ما أحسن هذا الحديث! فقال رسول الله: يا جابر وما أشد هذه الشروط!
أعطانا رسول الله تعريفاً للصائمين الحقيقيين بشروط واضحة، فإذا كنا منهم بشرنا (صلى الله عليه وآله وسلم) البشارة التي يتمناها كل مؤمن ذاق مشقة الصوم، لأنه يعتبر من الجهاد، فعنه صلى الله عليه وآله وسلم: إن للجنة باباً يدعى الريان لا يدخله إلا الصائمون.
ويقول صلى الله عليه وآله في دعائه: (وَقيامي فيهِ قيامَ القائِمينَ)، كقوله عز ذكره:(وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ).
الآية تبين مقام القائمين، فحيث أوصى الله سبحانه وتعالى إبراهيم عليه السلام وهو بمقام نبي من أنبيائه المقربين أن يطهر البيت لهم، وكما يصف الإمام الصادق عليه السلام شيعته فيقول: شيعتنا أهل الورع والإجتهاد …القائمون بالليل الصائمون بالنهار…إلى آخر الرواية .
وعن قوله صلى الله عليه وآله في دعائه: (وَنَبِّهني فيهِ عَن نَومَةِ الغافِلينَ) قد وردت في القرآن الكريم آيات كثيرة تنبه الغافلين وتتوعدهم،ومنهم من أخذهم العذاب لغفلتهم كقوله تعالى في سورة يونس: (وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ)، وقوله تعالى في سورة النحل:(أُولَٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)، فنرى أن من أشد أنواع الخسران الغفلة ،القلبية، والسمعية، والبصرية، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: من غلبت عليه غفلته مات قلبه.
قيام السحر والعبادة والتضرع إلى الله عز وجل هو الدواء للخروج من الغفلة التي حذر الله منها في كتابه العزيز.
ويقول في دعائه:(وَهَب لي جُرمي فيهِ يا إلهَ العالَمينَ، وَاعفُ عَنّي يا عافياً عَنِ المُجرِمينَ).
أن هبة الذنب هي لطف إلهي ولايأتي إلا عن عفو الله عزوجل ،فنحن في أيام الرحمة والهبة والعفو الألهي التي يرجو المجرمين نيلها بعد أن عرفهم القرآن بالذين قطعوا كل الصلات مع الله عزوجل ،ومع ذلك نجد أن الله في الآية الكريمة في سورة الزمر يقول: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) فلنسارع الى نيلها من أول يوم لشهر الله وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *