دعاء اليوم الخامس

اللَّهُمَّ اجعَلني فيهِ مِن المُستَغفِرينَ، واجعَلني فيهِ مِن عِبادِكَ الصَّالِحينَ القانِتينَ، واجعَلني فيهِ مِن أوليائِكَ المُقَرَّبينَ، بَرَأفَتِكَ يا أرحَمَ الرَّاحِمينَ.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبد على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين.
قال الله عز وجل في سورة النساء:{وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} هناك آثار متعددة للاستغفار، فقد ورد في الآية الكريمة مايدل على رحمة الله للمستغفرين ويسمى استغفار القرب إلهي ، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن المستغفرين بالأسحار معصومون من إبليس وجنوده .
العبد المؤمن الذي يسابق إلى الدخول في دائرة المستغفرين ،الذي يحبه الله ورسوله وأهل بيته عليهم السلام، يكون مصداق الآية الكريمة من سورة الحديد: {سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ}، فيرشدنا ويعلمنا سيد الموحدين عليه السلام معانيها لنصل إلى درجة العليين فيها، فبعد أن قال أحدهم في حضرته عليه السلام المباركة: أستغفر الله ،فقال عليه السلام: أتدري ما الاستغفار؟! الاستغفار درجة العليين، وهو اسم واقع على ستة معان:

أولها: الندم على مامضى،

والثاني: العزم على ترك العود إليه أبدا،

والثالث: أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة،

والرابع: أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها،

والخامس: أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتى تلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد،

والسادس: أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول استغفر الله.
فما تقدم هو النبذة القليلة عن الإستغفار، وهو مبحث يطول ولا تسعه هذه المقالة.
يقول صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: (واجعَلني فيهِ مِن عِبادِكَ الصَّالِحينَ القانِتينَ) إن من درجات العبد المؤمن الطامع والطامح إلى مايريده الله ورسوله هي درجة الصالح والقانت، فقال عز ذكره في سورة الصافات: { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}، يرفع المؤمن درجته بالأعمال التي وردت عن أهل البيت عليهم السلام ،فعن النبي صلى الله عليه وسلم:(عليكم قيام الليل فإنه دأب الصالحين ) وعن الصادق عليه السلام: (عليكم بصلاة الليل فإنها سنة نبيكم ودأب الصالحين قبلكم)، فوصف الصالحين بهذا المقام الذي يعد من أعلى المقامات التي توصل العبد من القرب الآلهي، فقد جاءت في صفات الأنبياء والأولياء؛ بل أكثر من ذلك، فقد كان الأنبياء يطلبون ذلك المقام في أدعيتهم، كقول النبي سليمان عليه السلام : {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} .
والقانتين الذين يقول الله تعالى عنهم في سورة آل عمران{الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ } فالاشتراك بالصفات يتداخل بالدرجات التي يتسابق عليها المؤمنين للوصول للقرب الإلهي من الطاعة والخشوع .
ويقول صلى الله عليه آله وسلم في دعائه: (واجعَلني فيهِ مِن أوليائِكَ المُقَرَّبينَ، بَرَأفَتِكَ يا أرحَمَ الرَّاحِمينَ).
دخول أولياء الله المقربين تحت رأفته عزوجل عامة و خاصة ،العامة تعم الخلائق جميعا، و الخاصة كما روي عن الإمام الصادق عليه السلام: « إنّ الله خلقنا فأحسن صورنا، وجعلنا عينه في عباده، ولسانه الناطق في خلقه، ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة، ووجهه الذي يؤتى منه، وبابه الذي يدلّ عليه، وخزّانه في سمائه وأرضه ، بنا أثمرت الأشجار، وأينعت الثمار ، وجرت الأنهار، وبنا ينزل غيث السماء، وينبت عُشب الأرض ، و بعبادتنا عُبد الله ولولا نحن ما عُبد الله».
إن صفة الرحمة هي من أسماء الله الحسنى التي قرن الله عزوجل اسمه بها في البسملة، وفي ابتداء كل سورة ، فعلينا أن نكون كما قال الصادق عليه السلام: (ادع ولا تقل إن الأمر فرغ منه، إن عند الله عزوجل منزلة لا تنال إلا بالمسألة)، إذ الكثير من النعم الإلهية أو البلاء لا تنزل أو ترفع إلا من خلال الدعاء.
ونحن في ضيافة الله عزوجل، فلنكثر من الأدعية وقراءة القرآن لنصل إلى الدرجات التي تكلمنا عنها ونكون مصداق قوله تعالى :{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ}، ونكون من الفائزين بدرجاته ورضوانه.
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *