شرح دعاء الليلة الحادية عشر

دعاء الليلة الحادية عشر

بسم الله الرحمن الرحيم 

اللهم إني أدعوك بأسمائك الحسنى، وأستجير  من نارك التي لا تطفئ، وأسألك أن تقويني على قيام هذا الشهر وصيامه، وأن تغفر لي وترحمني، إنك لا تخلف الميعاد، وعليك توكلت، وأنت الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، صل على محمد وآل محمد، وتجاوز عني واغفر لي واعف عني وارحمني، إنك أنت التواب الرحيم.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

روي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:(اللهم إني أدعوك بأسمائك الحسنى، وأستجير  من نارك التي لا تطفئ).

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة البينة:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا}.

فصّل الله تعالى الثواب والعقاب لعباده ليتسنّى لهم تقديم الأعمال التي تقرّر مصيرهم، فيرغبوا بالثواب الحسن ويقبلوا عليه، ويخافوا العاقبة السّيئة فيبذلوا وُسعهم في الابتعاد عنها.

فيصف لنا أمير المؤمنين عليه السلام النار في كتابه إلى أهل مصر قال: قعرها بعيد، وحرها شديد، وشرابها صديد، وعذابها جديد، ومقامعها حديد، لا يفتر عذابها، ولا يموت ساكنها، دار ليس فيها رحمة، ولا تسمع لأهلها دعوة.

فبهذا الشهر المبارك قد أغلق الله فيه أبواب النار عن المؤمنين فيعلموا بما يرهبون منه بصريح القرآن بعدد أبواب النار، قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة الحجر: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ}.

روي وصف النار ،في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام في قوله: { وإن جهنم لموعدهم أجمعين}.

لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم ” فبلغني – والله أعلم – أن الله جعلها سبع دركات: أعلاها الجحيم يقوم أهلها على الصفا منها، تغلي أدمغتهم فيها كغلي القدور بما فيها.

*والثانية لظى نزاعة للشوى، تدعو من أدبر وتولى، وجمع فأوعى.

*والثالثة سقر لا تبقي ولا تذر، لواحة للبشر، عليها تسعة عشر.

*والرابعة الحطمة، ومنها يثور شرر كالقصر، كالقصر، كأنها جمالات صفر، تدق كل من صار إليها مثل الكحل، فلا يموت الروح، كلما صاروا مثل الكحل عادوا.

*والخامسة الهاوية فيها ملا يدعون: يا مالك أغثنا، فإذا أغاثهم جعل لهم آنية من صفر من نار فيه صديد ماء يسيل من جلودهم كأنه مهل، فإذا رفعوه ليشربوا منه تساقط لحم وجوههم فيها من شدة حرها، وهو قول الله تعالى: ” وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا ” ومن هوى فيها هوى سبعين عاما في النار، كلما احترق جلده بدل جلدا غيره.

*والسادسة هي السعير فيها ثلاث مائة سرادق من نار، في كل سرادق ثلاث مائة قصر من نار، في كل قصر ثلاثمائة بيت من نار، في كل بيت ثلاثمائة لون من عذاب النار، فيها حيات من نار، وعقارب من نار، وجوامع من نار، وسلاسل من نار وأغلال من نار وهو الذي يقول الله: ” إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا “.

*والسابعة جهنم، وفيها الفلق وهو جب في جهنم إذا فتح أسعر النار سعرا، وهو أشد النار عذابا، وأما صعودا فجبل من صفر من نار وسط جهنم، وأما أثاما فهو واد من صفر مذاب يجري حول الجبل فهو أشد النار عذابا” .

لم يترك أهل البيت عليهم السلام تحذيرا للعباد إلا قالوه لهم فقد روى عن الإمام علي ( عليه السلام ) :

اعلموا أنه ليس لهذا الجلد الرقيق صبر على النار فارحموا نفوسكم ، فإنكم قد جربتموها في مصائب الدنيا ، أفرأيتم جزع أحدكم من الشوكة تصيبه ، والعثرة تدميه ، والرمضاء تحرقه ؟ ! فكيف إذا كان بين طابقين من نار ، ضجيع حجر ، وقرين شيطان ؟ ! .

فيعلم المؤمن أن لا مفر له في هذا الشهر وغيره إلا طاعة الله والإيمان برسله وأوليائه، لكي لا تكون الحسرة عليه طويلة، يروى عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: كل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول: لولا أن الله هداني فيكون له شكرا، وكل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول: لو أن الله هداني فيكون عليه حسرة .

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:(وأسألك أن تقويني على قيام هذا الشهر وصيامه، وأن تغفر لي وترحمني، إنك لا تخلف الميعاد).

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة النساء:﴿إِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُور﴾.

وقال تعالى في سورة الأنعام:{كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۖ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

طمع المؤمن في هذا الشهر الفضيل أن تناله المغفرة والرحمة التي يسارع إلى تحصيلها، لأن الله أعطاه الوعد في ذلك وهذا ما علمه أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه 

يقول أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه للأشتر لما ولّاه مصر -: ولا تنصبنّ نفسك لحرب الله، فإنّه لا يدلّك بنقمته، ولا غنى بك عن عفوه ورحمته.

وعنه عليه السلام: وكن لله مطيعاً، وبذكره آنساً، وتمثّل في حال تولّيك عنه إقباله عليك، يدعوك إلى عفوه، ويتغمّدك بفضله، وأنت متولٍّ عنه إلى غيره!.

فرقي عمل المؤمن أن يكون منتظرا ميعاد الله بالعفو والمغفرة ، عاملا بوصايا أئمته عليهم السلام لتحصيل مراده.

فمن وصية الإمام جعفر الصادق عليه السلام لعبد الله بن جُنَدب‏ قال عليه السلام:

يَا ابْنَ جُنْدَبٍ، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَخَافُونَ اللَّهَ وَيُشْفِقُونَ أَنْ يُسْلَبُوا مَا أُعْطُوا مِنَ الْهُدَى، فَإِذَا ذَكَرُوا اللَّهَ وَنَعْمَاءَهُ وَجِلُوا وَأَشْفَقُوا، {وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيمانًا – مِمَّا أَظْهَرَهُ مِنْ نَفَاذِ قُدْرَتِهِ – وَعَلى‏ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}.

وروي عنه صلى الله علیه وآله وسلم في دعائه:(وعليك توكلت، وأنت الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، صل على محمد وآل محمد، وتجاوز عني واغفر لي واعف عني وارحمني، إنك أنت التواب الرحيم).

يختص هذا الدعاء بذكر سورة كاملة من القرآن، تنير دربا صعوديا لما لها من فضل يُذكَر فيها صفات الله الجلالية فيعطى أجراً مضاعف. 

ماروي عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام: إنّ النبيّ صلّى على سعد بن معاذ، فقال : لقد وافى من الملائكة سبعون ألفا وفيهم جبرئيل يصلّون عليه،

 فقلت له : يا جبرائيل! بما يستحقّ صلواتكم عليه ؟ 

فقال : بقراءته (قل هو الله أحد) قائمآ وقاعدآ وراكبآ وماشيآ وذاهبآ وجائيآ.

وروي عن رسول الله  صلى الله عليه وآله قال: لأمير المؤمنين عليه السلام ،إنّما مثلك مثل (قل هو الله أحد) فإنّ من قرأها مرّة فكأنّما قرأ ثلث القرآن ، ومن قرأها مرّتين فكأنّما قرأ ثلثي القرآن ، ومن قرأها ثلاث مرّات فكأنّما قرأ القرآن كلّه ، وكذلك أنت من أحبّك بقلبه كان له ثلث ثواب العباد، ومن أحبّك بقلبه ولسانه كان له ثلثا ثواب العباد، ومن أحبّك بقلبه ولسانه ويده كان له ثواب أجمع العباد.

وروي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: إنّ أمير المؤمنين عليه السلام  قرأ (قل هو الله أحد)، فلمّا فرغ قال : يا هو يا من لا هو إلّا هو، اغفر لي وانصرني على القوم الكافرين . وكان عليّ عليه السلام  يقول  ذلك يوم صفّين وهو يطارد.

هذا الفضل والسر بهذه السورة تبقى محمل المؤمن في الإتيان بها ليكون ممن يرحم ويغفر له من ساعته.

روي عن الإمام  أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع أن يقرأ في دبر الفريضة بـ(قل هو الله أحد)، فإنّه من قرأها جمع الله له خير الدنيا والآخرة ، وغفر الله له ولوالديه وما ولدا. 

ولمثل هذا فليتنافس المتنافسون .

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *