معنى الميم في الرحمن و الرحيم

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

اللَّهُمَّ رَبَّ شَهرِ رَمَضانَ، مُنَزِّلَ القُرآنَ، هذا شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أنزَلتَ فيهِ القُرآنَ وأنزَلتَ فيهِ آياتٍ بَيِّناتٍ مِنَ الهُدى والفُرقانِ. اللَّهُمَّ ارزُقنا صيامَهُ، وَأعِنّا عَلى قيامِهِ.(*)

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد.

جاء عن أمير المؤمنين عليه السلام<< فالميم ملك الله يوم الدين يوم لا مالك غيرهُ و يقولُ الله عز وجل: {لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} (1) ثم تنطق أرواح أنبيائه و رسله و حججه فيقولون:{ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}(2) فيقول جل جلاله :{ الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۚ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}(3)>>(4).

 – تفسير علي بن إبراهيم: قوله: ” ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ” فإنه حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن النعمان الأحول، عن سلام بن المستنير، عن ثوير بن أبي فاختة، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: سئل عن النفختين كم بينهما؟

 قال: ما شاء الله، فقيل له:

فاخبرني يا بن رسول الله كيف ينفخ فيه؟ 

فقال: أما النفخة الأولى فإن الله يأمر إسرافيل فيهبط إلى الدنيا ومعه صور، وللصور رأس واحد وطرفان، وبين طرف كل رأس منهما ما بين السماء والأرض، 

قال: فإذا رأت الملائكة إسرافيل وقد هبط إلى الدنيا ومعه الصور

 قالوا: قد أذن الله في موت أهل الأرض وفي موت أهل السماء،

 قال: فيهبط إسرافيل بحظيرة بيت المقدس ويستقبل الكعبة، فإذا رأوا أهل الأرض

 قالوا: أذن الله في موت أهل الأرض،

 قال: فينفخ فيه نفخة فيخرج الصوت من الطرف الذي يلي الأرض فلا يبقى في الأرض ذو روح إلا صعق ومات، ويخرج الصوت من إسرافيل،

 قال: فيقول الله لإسرافيل: يا إسرافيل مت، فيموت إسرافيل، فيمكثون في ذلك ما شاء الله، ثم يأمر الله السماوات فتمور، ويأمر الجبال فتسير، وهو قوله: ” يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا ” يعني تبسط، و ” تبدل الأرض غير الأرض ” يعني بأرض لم يكتسب عليها الذنوب بارزة ليس عليها الجبال ولا نبات، كما دحاها أول مرة، ويعيد عرشه على الماء كما كان أول مرة مستقلا بعظمته وقدرته، 

قال: فعند ذلك ينادي الجبار جل جلاله بصوت جهوري يسمع أقطار السماوات والأرضين: ” لمن الملك اليوم “؟ فلا يجيبه مجيب، فعند ذلك ينادي الجبار جل جلاله مجيبا لنفسه: ” لله الواحد القهار ” وأنا قهرت الخلائق كلهم وأمتهم، إني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي، لا شريك لي ولا وزير، وأنا خلقت خلقي بيدي وأنا أمتهم بمشيتي، وأنا أحييهم بقدرتي، 

قال: فنفخ الجبار نفخة في الصور يخرج الصوت من أحد الطرفين الذي يلي السماوات فلا يبقى في السماوات أحد إلا حي وقام كما كان، ويعود حملة العرش، ويحضر الجنة والنار، ويحشر الخلائق للحساب،

 قال: فرأيت علي بن الحسين صلوات الله عليهما يبكي عند ذلك بكاءا شديدا.(5)

إذا جمعنا بين الروايتين نعرف إن من يجيب الله إذا سأل أرواح أنبيائه لأن: {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ }و رب العزة يجيب نفسه.

ولكن ما يبكي الإمام عليه السلام ؟!

على تقدير: إن ما يبكي الإمام عليه السلام هم العصاة المؤمنين الغير مبالين لبكاء إمامهم متجرئون على معصية ربهم نعوذ بالله أن نكون منهم.

وعلى تقدير آخر: خشيته عليه السلام من الله عز وجل و الجدير بالذكر هو أنه لابد من ترويض أنفسنا لاكتسابنا منهم عليهم السلام هذه الخشية مع معرفتنا إنهم لم و لن تمسهم النار.

فشقي من حرم من هاتين الصفتين يوم الملك و سبب في بكاء إمامنا.

لأن الله سبحانه في سورة الفاتحة بعد الرحمن الرحيم ملك يوم الدين قد جاء بهاتين الصفتين في البسملة، ثم أعاد هاتين الصفتين بعد الحمد، و دلالة ذلك هو تقديم هاتين الصفتين على سائر صفاته ليس في يوم الدين فقط، بل منذ نشأة الخليقة كانتا هاتين الصفتين، و ما يفيد في علاقة ملك يوم الدين أن هاتين الصفتين مقدمات على سائر الصفات {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (6).

————————————————

*- السيد ابن طاووس – إقبال الأعمال -ج 1- الصفحة 78.

1-2-3غافر:16،17

4- الجزائري/نور البراهين2 /ص8،9،10،11.

5-العلامة المجلسي-بحار الأنوار- ج6-ص325.

6-الزمر:53.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *