شرح دعاء الليلة الثانية عشر

بسم الله الرحمن الرحيم 

دعاء الليلة الثانية عشر

اللهم أنت العزيز الرحيم، وأنت العلي العظيم، لك الحمد حمدا يبقى ولا يفنى، ولك الشكر شكرا يبقى ولا يفنى، وأنت  الحكيم العليم، أسألك بنور وجهك الأكرم، وبجلالك الذي لا يرام، وبعزتك التي لا تقهر، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تغفر لي وترحمني، إنك أنت الأجل الأعظم. 

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

روي عنه صلى الله علیه وآله في دعائه:( اللهم أنت العزيز الرحيم، وأنت العلي العظيم، لك الحمد حمدا يبقى ولا يفنى، ولك الشكر شكرا يبقى ولا يفنى).

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة الأعراف: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}.

الحمد  ضدّ اللّوم ، ولا يتحقّق الحمد إلّا على فعل اختياري حَسَنٍ صادر من المحمود ، بلا فرق بين أن يكون ذاك الفعل إنعاماً وإحساناً للحامد ، أم لم يكن.

والحمد هو الثناء باللسان على قصد التعظيم سواء تعلق بالنعمة أو بغيرها كفضيلة من الفضائل.

روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إنّ المؤمن يشبع من الطعام والشراب فيحمد الله ، فيعطيه الله من الأجر ما يُعطي الصائم ، إنّ الله شاكرٌ يحبُّ أن يُحمد.

وروي عنه صلى الله علیه وآله قال: لو أنّ الدُّنيا كلها لقمة واحدة فأكلها العبد المسلم ، ثم قال :  الحمد لله  لكان قوله ذلك خيراً له من الدُّنيا وما فيها.

المؤمن بنور المعرفة التي تصدح في قلبه لتكون سراجاً يضئ درب الصراط الحق فيأخذ ذكر الحمد بأحسن صورة من نور الله الأعظم و سراجه المنير، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة له قال: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا تَأْخُذُ وَتُعْطِي، وَعَلَى مَا تُعَافي وَتَبْتَلي.حَمْداً يَكُونُ أَرْضَى الْحَمْدِ لَكَ، وَأَحَبَّ الْحَمْدِ إِلَيْكَ، وَأَفْضَلَ الْحَمْدِ عِنْدَكَ. حَمْداً يَمْلاَُ مَا خَلَقْتَ، وَيَبْلُغُ مَا أَرَدْتَ. حَمْداً لاَ يُحْجَبُ عَنْكَ، وَلاَ يُقْصَرُ دُونَكَ. حَمْداً لاَ يَنْقَطِعُ عَدَدُهُ، وَلاَ يَفْنَى مَدَدُهُ.

وروي عن النبي صلى الله عليه وآله: أول من يدعى إلى الجنة الحمادون، الذين يحمدون الله في السراء والضراء. 

إنّ من أعظم النعم الإلهيّة على الإنسان نعمة الإسلام وولاية الله عزَّ وجلَّ، حيث صفاء القلوب وطهارة الأعمال، ولا سيّما إذا عرفنا أنّ من هذه النعمة العظمى تشعّ كلّ النعم الإلهيّة على العالمين. 

ولذا أخذ الله سبحانه ميثاقاً على الإنسان لكي يتذكّر هذه النعمة العظمى ويشكره عليها، ﴿وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ﴾، وشكر الله سبحانه على هذه النعم يزيد في نماء النعم الإلهية وتكاثرها على الإنسان ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ﴾، ولكن من المحزن أن يكون الشاكرون لله سبحانه هم قلّة بين الناس ﴿وقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾.

روي عن الإمام علي الهادي عليه السلام قال:ألقوا النعم بحسن مجاورتها، والتمسوا الزيادة فيها بالشكر عليها.

وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام): أوحى الله تعالى إلى موسى (عليه السلام): يا موسى اشكرني حق شكري، فقال : يا رب كيف أشكرك حق شكرك، وليس من شكر أشكرك به إلا وأنت أنعمت به علي؟!

فقال: يا موسى شكرتني حق شكري حين علمت أن ذلك مني.

لكل نفس ولكل عمل ولكل حركة يفيض الله بها على العبد تكون موجبة لشكره تعالى، وهذا الثلث الأول من الشهر الكريم مضى بصحة وعافية، فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : من شكر الله سبحانه وجب عليه شكر ثان، إذ وفقه لشكره، وهو شكر الشكر .

ففي مناجاة سيدي ومولاي الإمام سيد الساجدين عليه السلام معان ترقق القلب، قال: فكيف لي بتحصيل الشكر، وشكري إياك يفتقر إلى شكر؟! فكلما قلت: لك الحمد وجب علي لذلك أن أقول: لك الحمد.

وروي عنه صلى الله علیه وآله في دعائه: (وأنت  الحكيم العليم، أسألك بنور وجهك الأكرم، وبجلالك الذي لا يرام، وبعزتك التي لا تقهر). 

الحكيم في حق الله تعالى بمعنى العليم بالأشياء وإيجادها على غاية الإحكام والإتقان والكمال الذي يضع الأشياء في مواضعها، ويعلم خواصها ومنافعها،قال تعالى (هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي ٱلأَْرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ لاَۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ).

وقال تعالى في محكم كتابه المبين في سورة الرحمن: { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ }. 

مقام الجلال الإلهي، لا يمكن أن تُدْرَك حقيقته، أو أن توصف ذاته، كما أن ما يعرفه الإنسان من كل شيء، إنما هو الوجه الذي يظهر له منه، فكان لا بد من معرفة الله بما يظهر لنا منه ويواجهنا به، وهو هذه الآثار والتجليات لصفات ربوبيته لنا تبارك وتعالى، من خلق وشفاء ورزق. فيعرف من خلال ما نلمسه له من آثار لصفات ربوبيته في حياتنا، فإن إرسال الأنبياء والأوصياء لهداية الناس هو من أظهر التجليات تلك الصفات التي نصل بها إلى الله.

فيعرف إنهم تجليات لآثار صفات الربوبية، فأهل البيت عليهم السلام هم وجه الله الدال على صفات ألوهيته وربوبيته، والتي لا ندرك نحن منها إلا ظواهرها وأسماءها، فإذا أردنا أن نتوجه إليه، وأن نصل إليه، فإننا نأتي إليهم لنجد مظاهر قدرته، وأثر حكمته، و تجليات هدايته، ودلائل نعمته.

روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: نحن باب الله الذي يؤتى منه، وبنا يهتدي المهتدون.

وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى لو شاء لعرف العباد نفسه، ولكن جعلنا أبوابه وصراطه، وسبيله والوجه الذي يؤتى منه، فمن عدل عن ولايتنا أو فضل علينا غيرنا فإنهم عن الصراط لناكبون، فلا سواء من اعتصم الناس به، ولا سواء حيث ذهب الناس إلى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض، وذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربها، لا نفاد لها ولا انقطاع.

وروي عن الإمام الصادق عليه السلام قال : الأوصياء هم أبواب الله عز وجل التي يؤتى منها، ولولاهم ما عرف الله عز وجل، وبهم احتج الله تبارك وتعالى على خلقه.

وروي عنه صلى الله علیه وآله في دعائه:(أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تغفر لي وترحمني، إنك أنت الأجل الأعظم). 

رحمة الله ما أوسع بابها ! وما اعظم نعمة الله! وأكرم عطائه حينما يلوذ به المذنبون ! ويطرق بابه المقصرون!  يفتحه ربُّ العزّة بلهجة مملوءة باللطف والرحمة ويصدر أمره بالعفو والمغفرة! وذلك في قوله تعالى في سورة الزمر : {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }.

روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : تعرضوا لرحمة الله بما أمركم به من طاعته.

روي عن الإمام الصادق عليه السلام  قال :إنّ الله خلقنا فأحسن صورنا وجعلنا عينه في عباده ولسانه الناطق في خلقه ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة ووجهه الذي يؤتى منه وبابه الذي يدلّ عليه وخزّانه في سمائه وأرضه ، بنا أثمرت الأشجار وأينعت الثمار ، وجرت الأنهار ، وبنا ينزل غيث السماء وينبت عُشب الأرض ، وبعبادتنا عُبد الله ولولا نحن ما عُبد الله.

اللهم اجعلنا من المتمسكين بولايتهم.

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *