معنى النون في الرحمن

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

اللَّهُمَّ رَبَّ شَهرِ رَمَضانَ، مُنَزِّلَ القُرآنَ، هذا شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أنزَلتَ فيهِ القُرآنَ وأنزَلتَ فيهِ آياتٍ بَيِّناتٍ مِنَ الهُدى والفُرقانِ. اللَّهُمَّ ارزُقنا صيامَهُ، وَأعِنّا عَلى قيامِهِ.(*)

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد.

جاء عن أمير المؤمنين عليه السلام: <<والنون نوال الله للمؤمنين ، ونكاله للكافرين>>(1).

جاء في لسان العرب لابن منظور النوال و هو العطاء(2)، و من المعلوم إن مفردة الرحمن تشترك فيها عدة معان الوقاية و الرأفة و العطاء و الإمام عليه السلام كأنما يقول حرف النون عطاء الله لمؤمنين .

هناك روايات كثيرة تحدد نوعية العطاء المشروط بالتوحيد و الولاية عند الشيعة الإثنى عشرية و المحبة عنده سائر المذاهب، فأي عطاء يعطى للناس أجمعين إلا الإيمان بالدين الصحيح يعطى للفئة التي عملت بشرط الولاية، وهو خاص للشيعة الأثنى عشرية و شرط المحبة التي يشترك فيها جميع المذاهب الإسلامية.

– المحاسن: عن محمد بن خالد الأشعري، عن حمزة بن حمران، عن عمر بن حنظلة قال: بينا أنا أمشي مع أبي عبد الله عليه السلام: في بعض طرق المدينة إذا التفت إلي فقال: إن الله يعطي، البر والفاجر الدنيا، ولا يعطي الدين إلا أهل صفوته من خلقه (3).

– ففي كتاب المحاسن: عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن أبي سليمان، عن ميسر قال:

قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الدنيا يعطيها الله من أحب وأبغض، وإن الإيمان لا يعطيه إلا من أحب (4).

-وفي نفس كتاب المحاسن: عن الوشاء، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن عمر بن حنظلة، عن حمزة بن حماد، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام: قال:

إن هذه الدنيا يعطاها البر والفاجر، وإن هذا الدين لا يعطاه إلا أهله خاصة (5).

– في نفس كتاب المحاسن: عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن حمزة بن حمران، عن عمر ابن حنظلة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله يعطي الدنيا من يحب ويبغض ولا يعطي الإيمان إلا أهل صفوته من خلقه (6).

و الذي يعز على قلب نبينا وأئمتنا  صلوات الله عليهم أن يكون الدين أسيرا بين أبنائه بعد تلك التضحيات لتثبيت هوية الإيمان الصحيح.

فأقل ما يجب أن يفعله المؤمنون هو المحافظة على أخلاق الإسلام و عدم التعدي .

-ففي كتاب أمالي الصدوق: يحيى بن زيد بن العباس، عن عمه علي بن العباس، عن إبراهيم بن بشر، عن عمرو بن خالد، عن الثمالي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: القول الحسن يثري المال، وينمي الرزق وينسي في الأجل، ويحبب إلى الأهل، ويدخل الجنة (7) .

– و في نفس كتاب أمالي الصدوق: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا نوف قل خيرا تذكر بخير (8) .

 – و أيضا نفس كتاب أمالي الصدوق: المكتب، عن ابن زكريا، عن ابن حبيب، عن ابن بهلول، عن جعفر بن عثمان، عن سليمان بن مهران قال: دخلت على الصادق وعنده نفر من الشيعة فسمعته وهو يقول: معاشر الشيعة كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا قولوا للناس حسنا، واحفظوا ألسنتكم، وكفوها عن الفضول وقبيح القول (9).

و أفضل نص جاء في هذا الموضوع : قوله تعالى: {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}(10).

 و كل هذا في القول و التلفظ،أما ما جاء من أرشادنا في أفعالنا من قبلهم صلوات الله عليهم كثير نأخذ منه ما يسمح به المقام.

-ففي كتاب مجالس المفيد، وكتاب أمالي الطوسي: المفيد، عن ابن قولويه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن يونس، عن كليب بن معاوية، عن الصادق عليه السلام قال: أم والله إنكم لعلى دين الله و ملائكته، فأعينونا على ذلك بورع واجتهاد، عليكم بالصلاة والعبادة، عليكم بالورع (11).

– و أيضا كتاب أمالي الطوسي: المفيد، عن الحسين بن أحمد بن أبي المغيرة، عن حيدر بن محمد، عن أبي عمرو الكشي، عن جعفر بن أحمد، عن أيوب بن نوح، عن نوح بن دراج، عن إبراهيم المحاربي، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: اتقوا الله اتقوا الله عليكم بالورع و صدق الحديث وأداء الأمانة وعفة البطن والفرج تكونوا معنا في الرفيع الاعلى (12).

و يتبين لنا مما بدأنا به قول أمير المؤمنين عليه السلام:<<والنون نوال الله للمؤمنين ، ونكاله للكافرين>>

نكال هنا بمعنى غضب الرب الموصل للخوف وهذا يكون في الآخرة لما عرفتم من رحمته و عطائه إلى الإيمان في الدنيا.

———————————————-

*-السيد ابن طاووس – إقبال الأعمال -ج 1- الصفحة 78.

1-الجزائري/نور البراهين2 /ص8،9،10،11.

2-ابن منظور – لسان العرب- ج11-ص685

3 – المحاسن ص 217،بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 65- الصفحة 204

4 – المحاسن ص 216،بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 65- الصفحة 204

5-6- المحاسن ص 217،بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 65- الصفحة 204.

7- أمالي الصدوق ص 2 .

8- أمالي الصدوق ص 126 .

9- أمالي الصدوق ص 240.

10- النحل 125

11- أمالي الطوسي ج 1ص 31.

12 – أمالي الطوسي ج 1ص 226.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *