شرح دعاء الافتتاح *الحلقة السادسة عشر* 

الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ السَّماءُ وَسُكَّانُها ، وَتَرْجُفُ الْأَرْضُ وَعُمَّارُها ، وَتَمُوجُ الْبِحارُ وَمَنْ يَسْبَحُ فِي غَمَراتِها ، الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي هَدانا لِهٰذا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانا اللّٰهُ. 

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.   

روي عنه عليه السلام في دعائه: الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ السَّماءُ وَسُكَّانُها ، وَتَرْجُفُ الْأَرْضُ وَعُمَّارُها ، وَتَمُوجُ الْبِحارُ وَمَنْ يَسْبَحُ فِي غَمَراتِها.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة الأنبياء:{ومَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ}.

تتعدد البينات في الدلالة على خلق الله في السماء، وهذا ما جعل العبد المؤمن في تساؤل مستمر على وجود غيره من المخلوقات في هذا الكون العظيم، والآيات الكريمة واضحة في معانيها.

وقال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة النحل: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ}

قدرة الله في السماء قبل الأرض، وليس كما يتخيل العبد أن الخلق فقط على الأرض فقال عز من قال في كتابه المبين في سورة الشورى: {وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٍۢ ۚ وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌ}.

وهذه الآية فيها دلالة ووضوح بأن هناك حياة لمخلوقات غير الملائكة تعيش في السموات إضافة الى الأرض غير ما يعلمه سكانهما. 

قال تعالى في كتابه العزيز في سورة النحل:{ وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }.

فكل خلق الله خاشعا لله ساجدا ذاكرا له ولكن بكلام لا يفهمه هذا العبد الغافل عن عظمة خلق الله. 

قال تعالى في كتابه المبين في سورة الإسراء: { تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ۚ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}.

وعلم الله أن الإنسان عجول بأمور كثيرة فأرسل لنا الرسل ليعلمهم بما خلق تبارك يا رب ما أقدرك، فمحو الجهل و محو عدم المعرفة يضعه الله في بيت أذن الله أن يرفع ويذكر فيه اسمه، وأوجب طاعتهم علينا والتسليم لهم فزادونا معرفة في ما خفي عنا كي نرقى بأنفسنا بين الأمم.

روي عن الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: وليس في أطباق السماء موضع  إلا وعليه ملك ساجد وساع حامد. 

وروي عن ابن عباس قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن في المسجد حلق حلق، فقال لنا: فيم أنتم؟ قلنا: نتفكر في الشمس كيف طلعت وكيف غربت، قال:

أحسنتم كونوا هكذا تفكروا في المخلوق ولا تفكروا في الخالق، فإن الله خلق ما شاء لما شاء وتعجبون من ذلك، إن من وراء قاف سبع بحار كل بحار خمسمائة عام ومن وراء ذلك سبع أرضين يضئ نورها لأهلها ومن وراء ذلك سبعين ألف أمة خلقوا على أمثال الطير هو وفرخه في الهواء لا يفترون عن تسبيحة واحدة ومن وراء ذلك سبعين ألف أمة خلقوا من ريح، فطعامهم ريح، وشرابهم ريح، وثيابهم من ريح، و آنيتهم من ريح، ودوابهم من ريح، لا تستقر حوافر دوابهم إلى الأرض إلى قيام الساعة، أعينهم في صدورهم، ينام أحدهم نومة واحدة ينتبه ورزقه عند رأسه، ومن وراء ذلك ظل العرش، وفي ظل العرش سبعون ألف أمة ما يعلمون أن الله خلق آدم ولا ولد آدم، ولا إبليس ولا ولد إبليس، وهو قوله:{ويخلق ما لا تعلمون}.

القلوب تخشى  الله وترتجف في الأرض وغمرات البحار لمعرفتهم أن الله جعل لكل شيء علم وأول العلم في خشيته معرفة سبيل الحق الذي يخفى عن الكثيرين، فيروي  عن الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالى: * (يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة) * قال: الراجفة الحسين بن علي (عليه السلام)، والرادفة علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وأول من ينفض عن رأسه التراب الحسين بن علي (عليه السلام)، في خمسة وسبعين ألفا وهو قوله تعالى: * (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد). 

وروي عنه عليه السلام في دعائه: الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي هَدانا لِهٰذا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانا اللّٰهُ. 

لاينقطع المؤمن  بالحمد لله  بما عرفه من الحق المبين، بهداية الخلاق العليم لدينه الحنيف ومعرفة ماعرفه آدم النبي الكريم عليه ألف التحية والسلام، روي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى عليه وآله لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ آدَمَ وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَ أَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ وَ أَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ وَ زَوَّجَهُ حَوَّاءَ أَمَتَهُ

فَرَفَعَ طَرْفَهُ نَحْوَ الْعَرْشِ فَإِذَا هُوَ بِخَمْسِ سُطُور مَكْتُوبَاتٍ قَالَ آدَمُ عليه السلام: يَا رَبِّ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِينَ إِذَا تَشَفَّعُوا بِهِمْ إِلَيَّ خَلْقِي شَفَّعْتُهُمْ فَقَالَ آدَمُ يَا رَبِّ بِقَدْرِهِمْ‏ عِنْدَكَ مَا اسْمُهُمْ فَقَالَ أَمَّا الْأَوَّلُ فَأَنَا الْمَحْمُودُ وَ هُوَ مُحَمَّدٌ وَ الثَّانِي فَأَنَا الْعَالِي وَ هَذَا عَلِيٌّ وَ الثَّالِثُ فَأَنَا الْفَاطِرُ وَ هَذِهِ فَاطِمَةُ وَ الرَّابِعُ فَأَنَا الْمُحْسِنُ وَ هَذَا حَسَنٌ‏ وَ الْخَامِسُ فَأَنَا ذُو الْإِحْسَانِ وَ هَذَا الْحُسَيْنُ كُلٌّ يَحْمَدُ اللَّهَ‏ عَزَّ وَ جَلَ‏. 

ونحن في أيام هذا الشهر الفضيل لأداء فريضة العشق والتأسي والمواساة فیما بيننا ألا وهي الصيام، نرفع أكفنا بالدعاء لله أن لايجعل قلوبنا قلوب الغافلين عن هدايته ويعجل فرج إمامنا المهدي المنتظر عجل الله فرجه.

روي عن الإمام أبي محمد عليه السلام قال: قال علي بن محمد عليهما السلام: لولا من يبقى بعد غيبة قائمنا عليه السلام من العلماء الداعين إليه، والدالين عليه والذابين عن دينه بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب لما بقي أحد إلا ارتد عن دين الله ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة، كما يمسك صاحب السفينة سكانها أولئك هم الأفضلون عند الله عز وجل.

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *