التطبيق الرابع  

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد 

الحَمْدُ للهِ الَّذَي لاَ يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ القَائِلُونَ، وَلاِ يُحْصِي نَعْمَاءَهُ العَادُّونَ، ولاَ يُؤَدِّي حَقَّهُ الُمجْتَهِدُونَ، الَّذِي لاَ يُدْركُهُ بُعْدُ الهِمَمِ، وَلاَ يَنَالُهُ غَوْصُ الفِطَنِ، الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَلاَ نَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَلا وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَلا أَجَلٌ مَمْدُودٌ. فَطَرَ الخَلائِق بـقُدْرَتِهَ، وَنَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ، وَوَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ أَرْضِهِ.(*)

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد 

تدبر في آية البسملة 

لماذا الله سبحانه و تعالى أختار صفتي الرحمن الرحيم و أقسم بهما دون غيرهم من الصفات *

التطبيق الرابع  

وهي شمول و هيمنة آية البسملة بما فيها من صفتي الرحمن و الرحيم و باقي مفرداتها لما يأتي بعدها من الآيات .

ومن الرحمة التحذيرية و المعرفية بيان صفات المنافقين وهي:

١ – الرياء و هو أكبر ركن يعتمد عليه المنافق و إذا فعله المؤمن يتخوف عليه من النفاق وعبر عنه في الآيات أدعاء الإيمان{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ}(١)

٢ – الخداع أعم من الرياء إلا أن الرياء أمر قلبي فيه إخفاء الكفر و في نفس الوقت يتعبد لكي يراه الجميع بينما الخداع يتناول حتى الأمور المادية أي أمور الناس دون العبادات فإذا فعله المؤمن يتخوف عليه من النفاق و برحمته التعليمية حذر منه الله عزوجل المتقين و ذكر الخداع في كتابه:

{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}(٢)

٣ – أمراض القلب المؤدية و المحركة لهدم صفوف المسلمين بكذب والنميمة و الغيبة(التسقيط) و كل أنواع الفتن لإفساد المجتمع الإسلامي: {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ  وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ  أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ}(٣)

و من تلك الأمراض التي يجب الابتعاد عنها:  التكبر فبالرحمة التعليمية التحذيرية قال الله في محكم كتابه: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ۗ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ  وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ  اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}(٤)

 الآيتان في بداية سورة المنافقون تارة عدتهم في عداد الرياء وفينة في عداد الخداع ، و يمكن جمعهم في تعداد الكذب فذنب الكذب يتخوف على المؤمنين من التهاون فيه حتى  يدمنوا عليه ويصلهم إلى درجة المنافقين التي عدها الله بالرحمة التذكيرية و التحذرية و التعليمية  أنها من صفات المنافقين :

{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ  اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ  ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ }(٥).

٤ – من صفات المنافق أهتمامه بمظهره الخارجي و تركه الداخلي من غذائه الروحي وهذا يزيده بأمراض القلب من تكبر و حسد و عدم المحاولة في تجلية قلبه، بل يتسبب بمرض القلوب و شحنها و بعدها عن الإيمان {۞ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ}

(٦)

٥ – و من أمراضه سوء الظن و كل ما تكلم مؤمن بأمر ظن الكلام يمسه فيه ويفتعل المشاكل على ضوء هذا التحسس.

{ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ }(٧)

والشيء بالشيء يذكر في التعداد هنا  بان هناك تداخل بين الصفات فتتأثر حالات الأمراض ببعضها البعض :

٦ – العناد و عدم خفض جناح التواضع للمؤمنين بل هم يعتبرون أنفسهم الأعلى في التفكير و الأرقى و يمكن أن تندرج هذه الصفة تحت تعداد التكبر.

 {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ  سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}(٨)

٧ -تحريض المؤمنين على عدم فعل الخير من صفاتهم: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّوا ۗ وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ}(٩)

صفاتهم كثيرة يمكن استقراؤها  ولا يمكن الحصر في هذه الكلمات  و إنما غايتنا هنا بيان مقدار صفتي الرحمن و الرحيم في البسملة و ذلك  بالرحمة التحذيرية و التعليمية بالإخبار عنهم و الإبتعاد عن أمراضهم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *