التطبيق الخامس

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد 

الحَمْدُ للهِ الَّذَي لاَ يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ القَائِلُونَ، وَلاِ يُحْصِي نَعْمَاءَهُ العَادُّونَ، ولاَ يُؤَدِّي حَقَّهُ الُمجْتَهِدُونَ، الَّذِي لاَ يُدْركُهُ بُعْدُ الهِمَمِ، وَلاَ يَنَالُهُ غَوْصُ الفِطَنِ، الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَلاَ نَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَلا وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَلا أَجَلٌ مَمْدُودٌ. فَطَرَ الخَلائِق بـقُدْرَتِهَ، وَنَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ، وَوَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ أَرْضِهِ.(*)

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد 

تدبر في آية البسملة 

لماذا الله سبحانه و تعالى أختار صفتي الرحمن الرحيم و أقسم بهما دون غيرهم من الصفات *

التطبيق الخامس من سورة البقرة ووصلنا إلى آيات رقم ١٧،١٨،١٩.

وهي شمول و هيمنة آية البسملة بما فيها من صفتي الرحمن و الرحيم و باقي مفرداتها لما يأتي بعدها من الآيات .

و لازلنا نطبق هيمنة البسملة بشكل متسلسل لآيات سورة البقرة و بعض الأحيان نقوم بالتفسير الموضوعي  بالاستقراء في آيات الموضوع.

وصلنا لآيات الأمثال حيث يمثل لنا الله سبحانه و تعالى حالة المنافقين .

 تصدى لهذا التفسير جمع من العلماء بشكل تفصيلي مثل الزمخشري في كتاب الكاشف وهو مختص في علم البلاغة ، و البلاغي في كتاب آلاء الرحمن ، و السبحاني في كتاب الأمثال في القرآن .

 الأولى:  {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ}(١)

يقصد في هذا التمثيل حال المنافقين الذين سعوا و ذهبوا و سكنوا في حواضن نور الإيمان ولكن لم يستفيدوا من هذا النور و لم يضيء لهم قلوبهم فسعيهم و ذهابهم إلى الحواضن كالذي استوقد نارا ولم يستفد من نور النار لأن الله لا يهدي و لا يساعد من كان لا يريد دخول الإيمان في قلبه {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (٢)بينما يساعد من كانت إرادته دخول نور الإيمان في قلبه {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) }(٣)أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ} و هاتان الآيتان قد سبقتا هذه الأمثال هكذا نجد الربط بالآيات السابقة في المثل الذي ضرب لنا عن حالة المنافقين بالرحمة التعليمية و من خلال هاتين الآيتين تبين لنا معنى نهاية الآية التي نحن في صدد بيانها وهي{ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ}(٤)

الثانية:  {أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ۚ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ}(٥)

بين الله سبحانه بقوله كصيب و يقصد به المطر الذي ينزل من السماء و يريد تمثيله على نعمة الإيمان ولكن هذه النعمة لا يستفيد منها المنافق لأن نورها كالبرق سريع الفوت لا يمكن الإستفاده منه مع كثرته فيضل حائرا في الظلمات ويخاف من كل صيحة إيمان التي شبهها القرآن بالرعد وبين حالته من الخوف و عدم الإصغاء عبر وضع أقفال الأمراض القلبية من حسد و تكبر الذي زاد سوءها بأعماله من نميمة و كذب و خداع و لكن الله محيط بالكافرين. 

وهذه الأمثال و الصفات التي كلمنا الله بها تعني  المنافقين ولكنهم لا يفقهون خطابه لأن الله {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ}(٦) و في آية أخرى سبقت هذه الآية{  خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (٧)و لكن يخاطبنا بالرحمة التي بدأها في البسملة من باب الرحمة التعليمية كما قال في بداية سورة البقرة {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ} .(٨)

——————————————————————

*-الطبرسي – الإحتجاج – ج1 – ص294.

1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6 – 7 – 8 – البقرة : 17,18,19,4,5,.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *