التطبيق السابع

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد 

الحَمْدُ للهِ الَّذَي لاَ يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ القَائِلُونَ، وَلاِ يُحْصِي نَعْمَاءَهُ العَادُّونَ، ولاَ يُؤَدِّي حَقَّهُ الُمجْتَهِدُونَ، الَّذِي لاَ يُدْركُهُ بُعْدُ الهِمَمِ، وَلاَ يَنَالُهُ غَوْصُ الفِطَنِ، الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَلاَ نَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَلا وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَلا أَجَلٌ مَمْدُودٌ. فَطَرَ الخَلائِق بـقُدْرَتِهَ، وَنَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ، وَوَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ أَرْضِهِ.(*)

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد 

تدبر في آية البسملة 

لماذا الله سبحانه و تعالى أختار صفتي الرحمن الرحيم و أقسم بهما دون غيرهم من الصفات 

التطبيق السابع من سورة البقرة ووصلنا إلى آيه رقم٢٣،.

وهي شمول و هيمنة آية البسملة بما فيها من صفتي الرحمن و الرحيم و باقي مفرداتها لما يأتي بعدها من الآيات .

و لازلنا نطبق هيمنة البسملة بشكل متسلسل لآيات سورة البقرة و بعض الأحيان نقوم بتفسير موضوعي وطريقته استقراء آيات الموضوع.

والآية التي وصلنا إليها هي :

{وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}(١)

إن الله سبحانه و تعالى في بداية الأمر تحدى أن يأتوا بمثل  القرآن {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا }(٢)

وهنا نستشهد بحادثة  حصلت في زمن الإمام الصادق 

  • إن ابن أبي العوجاء وثلاثة نفر من الدهرية اتفقوا على أن يعارض كل واحد منهم ربع القرآن وكانوا بمكة، وعاهدوا على أن يجيئوا بمعارضته في العام القابل، فلما حال الحول واجتمعوا في مقام إبراهيم (عليه السلام) أيضا، قال أحدهم: إني لما رأيت قوله:
  • (يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء) * كففت عن المعارضة، وقال الآخر: وكذا أنا لما وجدت قوله: * (فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا) * أيست من المعارضة، وكانوا يسترون ذلك، إذ مر عليهم الصادق (عليه السلام) فالتفت إليهم وقرأ عليهم: * (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله) * فبهتوا (٣).

ثم بعد ذلك بعشر سور مثله {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}(٤).

و من بعد ذلك بسورة واحدة وهي الآية التي نحن بصدد الكلام عنها 

{وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}(٥)

و تدرج في الإعجاز زيادة بيان و أعجاز و الإعجاز ليس متوقف على فصاحته و بلاغته كما ذهن أليه الكثير من الأقوام راجع في هذا الصدد كتاب بحار الأنوار الجزء التاسع و الثمانين وجميل في ذلك ما جاء في آخر صفحات البحث صفحة مائة و أربع أربعين ما قبلها وما بعدها بل الإعجاز في القرآن في كل شيء والدليل على ذلك خطبة الإمام علي عليه السلام 

  • روي عن الإمام علي (عليه السلام): والله سبحانه يقول: * (ما فرطنا في الكتاب من شئ) * وفيه تبيان لكل شئ، وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضا، وأنه لا اختلاف فيه فقال سبحانه: * (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) * (٦).

و هذا الكلام يصب في تطبيقنا بأن الإعجاز في كلام الله عز وجل هو بيان لرحمته المستوعبة في آية البسملة والدليل على ذلك عدة آيات:

١ – ﴿ وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ 

فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾(٧).

هناك تعاليم قرآنية جسدها نبي الله تنمي فينا التقوى الموصلة إلى رحمة الله عزوجل فاستثمروها..

٢- ﴿ أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ

لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾(٨).

هذه التعاليم لطف إلهي نزلها على بشر مثلنا وجسدها بلطفه و العمل بها موصل لرحمة الله عز وجل.

٣- ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾(٩).

ومن تعاليم القرآن أن الاستماع بتركيز، موصل لرحمة الله عزوجل.

——————————————————————

*-الطبرسي – الإحتجاج – ج1 – ص294.

1 – البقرة : 23.

2 – الإسراء : 88.

3 – محمد الريشهري – ميزان الحكمة – ج 3 – الصفحة 1831.

 4 – هود : 13.

5 – البقرة : 23.

6 – محمد الريشهري – ميزان الحكمة – ج 3 – الصفحة 1831.

 7 – الأنعام : 155.

8 – الأعراف : 63.

9 – الأعراف : 204.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *