شرح دعاء الافتتاح *الحلقة الثانية و العشرون* 

              بسم الله الرحمن الرحيم 

اللّٰهُمَّ أَعِزَّهُ وَأَعْزِزْ بِهِ ، وَانْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ ، وَانْصُرْهُ نَصْراً عَزِيزاً ، وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسِيراً ، وَاجْعَلْ لَهُ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً. اللّٰهُمَّ أَظْهِرْ بِهِ دِينَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ حَتَّىٰ لَايَسْتَخْفِيَ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَقِّ مَخافَةَ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ. 

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على 

أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.  

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة المنافقون: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾. 

تعاليم الرحمن بنطق أهل الحق والبيان عليهم السلام في فترة الانتظار للإمام الحجة المنتظر ابن الكرام تعدد الوصايا للشيعة بين عصري الغيبة والظهور. 

فمن المهم الأولى الإخلاص لله تعالى في هذه الفترة يروى عن الإمام محمد الجواد عليه السلام في المنتظرين للإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه قال: …ينتظر خروجه المخلصون. 

كذلك الثبات في الموقف فقد وردت أحاديث عن أهل البيت عليهم السلام، عن الابتلاء الذي يبتلى به أصحاب الإمام عجل الله فرجه، يروى عن الإمام الصادق عليه‌السلام قال: إن أصحاب طالوت ابتلوا بالنهر.. وإن أصحاب القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف يبتلون بمثل ذلك. 

وروي عن الصقر بن أبي دلف ، قال : سمعتُ ابا جعفر محمد بن علي الرضا عليه‌السلام يقول: 

إنَّ الإمام بعدي إبني عليّ ، أمره أمري ، وقوله قولي ، وطاعته طاعتي ، والإمام بعده ابنه الحسن ، أمره أمر أبيه ، وقوله قول أبيه ، وطاعته طاعة أبيه ، ثمَّ سكت.

فقلت له : يابن رسول اللّه ، فمن الإمام بعد الحسن؟

فبكى عليه‌السلام بكاءً شديداً ، ثمَّ قال : إنَّ من بعد الحسن ابنه القائم بالحقِّ المنتظر.

فقلت له : يا بن رسول اللّه ، لم سمّي القائم؟

قال : لأنّه يقوم بعد موت ذكره ، وارتداد أكثر القائلين بإمامته. 

تعاليم تحفر في صدور المؤمنين بانتظار مع شوق اللقاء الذي لا بد منه، من تولي ولي الأمر في غيبته والتبرؤ من أعدائه، وهذه الوصية التي يشير الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله في إحدى الروايات إلى المدركين لظهور الإمام مميزاً فئة منهم لم تتولَّ الظالمين في غيبته كما أنها لم تعش فراغ الإيمان على مستوى الولاء للقيادة بل كانت تتولى  الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف وتتبرأ من أعدائه فيقول صلى الله عليه وآله مادحاً هؤلاء “طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتدٍ به قبل قيامه يتولى وليَّه ويتبرّأ من عدوه “. 

النفس عزيزة وغالية في فطرة البشر لكن الله ميز من يتجهز لقتال أعدائه عن الجالسين وأعطاهم الفضل الكثير، فكانت الوصية منهم عليهم السلام، في الجهوزية القتالية مع الإمام،فقد روي  عن الإمام الصادق عليه السلام: ” ليعدّنّ أحدكم لخروج القائم ولو سهماً، فإن الله تعالى إذا علم ذلك من نيته رجوت أن ينسئ في عمره حتى يدركه فيكون من أعوانه وأنصاره. 

يرتقب المؤمن الأحداث التي ستحدث قبل خروج القائم من آل محمد عليهم السلام، وينظرها بنظرة اليقين مطمئنا لأن الأثر في قلبه من الشوق كان بما التزم به من وصايا أهل البيت عليهم السلام من انتظار الفرج والتحضر إليه فالأحداث تتسارع واليقين بالإجابة من سرعة اللقاء به كما ورد أنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا، فيحدثنا أئمتنا عليهم السلام عن علامة نوجز في ذكرها لعدم الإطالة. 

قد حددت الأحاديث الشريفة صفات عامة ، وأحداثاً معينة عن عصر الظهور بصورة مجملة ، مثل خروج الدابة من الأرض تكلم الناس ، وطلوع الشمس من جهة المغرب ، والنار التي تخرج من قعر عدن فتسوق الناس إلى المحشر. فمن ذلك ما روي  عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: عشر قبل الساعة لابدّ منها: السفياني والدجال والدخان والدابة وخروج القائم وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى وخسف بالمشرق و خسف بجزيرة العرب ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر. 

ولابد من علامات يرجع إليها المؤمنون في التمييز، ليكون هناك تصور عام وشامل عن هذه الأحداث والعلامات ، علماً بأن المحتوم ، هي خمس علامات كما جاء في كثير من الروايات ، روي عن ميمون ألبان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خمس قبل قيام القائم: اليماني والسفياني والمنادي ينادي من السماء وخسف البيداء ، وقتل النفس الزكية.

من العلامات السنون حيث تكون وترا، كما يروى عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يخرج القائم إلا في وتر من السنين ، سنة إحدى أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع. 

لقد بين الرسول الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله في هذا و بكل وسائل البيان بأن الإسلام يقوم على ثقلين و هما كتاب الله و عترة النبي أهل بيته ، و أن الهدى لن يدرك إلا بالتمسك بالثقلين حقا و أن الضلالة لا يمكن تجنبها إلا بالتمسك بهذين الثقلين معا ، فهما تأمين للهدى و تأمين ضد الضلالة ، و بعد أن كشف الفوائد العظيمة للتمسك بالثقلين، يظهر لنا حقيقة أن الإمام المهدي المنتظر يظهر ماخفي من سنة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قبل أعداء الدين ذلك قوله تعالى في سورة الصف: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}. 

ومن هنا ورد في الاَثر عن الاِمام الباقر عليه السلام أن الآية مبشّرة بظهور المهدي في آخر الزمان، وأنه ـ بتأييد من الله تعالى ـ سيظهر دين جده (صلى الله عليه وآله وسلم) على سائر الاَديان حتى لا يبقى على وجه الارض مشرك. 

ونحن في ليالي القدر وأيامها نرفع أكفنا بالدعاء لله أن يجعلنا من الذين أدخلهم في المنتظرين للإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه، وأن لا يحرمنا النظرة إليه.

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *