شرح دعاء الافتتاح *الحلقة الثالثة و العشرون* 

بسم الله الرحمن الرحيم 

اللّٰهُمَّ إِنَّا نَرْغَبُ إِلَيْكَ فِي دَوْلَةٍ كَرِيمَةٍ تُعِزُّ بِهَا الْإِسْلامَ وَأَهْلَهُ ، وَتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وَأَهْلَهُ ، وَتَجْعَلُنا فِيها مِنَ الدُّعاةِ إِلَىٰ طاعَتِكَ ، وَالْقادَةِ إِلىٰ سَبِيلِكَ ، وَتَرْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ. 

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على 

أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.   

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة التوبة: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَيَأْبَى ٱللَّهُ إِلَّآ أَن يُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ}. 

جاءت كلمات علماء المسلمين جميعا على أن كل دولة بنيت بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانت ناقصة لعدم اكتمال ما أراد الله للمؤمنين من العزة والكرامة لهم، بل عكس ذلك كان فيها الظلم والقتل وما تبعها من مظلومية كاملة لهذا الدين الحنيف،من داخل المسلمين الذين نافقوا كي يصلوا بهذا الزيف في ادعاء الاسلام إلى سدة الحكم ومن خارجه ما يريده الكفار بتكذيبهم كي يبطلوا دين الإسلام، ويبطلوا حجج الله وبراهينه على توحيده الذي جاء به النبي محمد صلى الله عليه وآله ، ويأبى الله إلا أن يتم دينه ويظهره، ويعلي كلمته، ولو كره بذلك الجاحدون والمنافقون. 

روي عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام قال : ما يكون هذا الأمر حتى لا يبقى صنف من الناس إلا وقد ولوا على الناس حتى لا يقول قائل إنا لو ولينا لعدلنا ، ثم يقوم القائم بالحق والعدل. 

وروي عن إسماعيل الجعفي قال : دخل رجل على أبي جعفر عليه السلام ، ومعه صحيفة ، فقال له الإمام أبو جعفر عليه السلام: هذه صحيفة مخاصم ، يسأل عن الدين الذي يقبل فيه العمل ، فقال : رحمك الله هذا الذي أريد ، فقال أبو جعفر عليه السلام : شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا صلى الله عليه وآله عبده ورسوله ، وتقر بما جاء من عند الله ، والولاية لنا أهل البيت ، والبراءة من عدونا ، والتسليم لامرنا ، والورع والتواضع ، وانتظار قائمنا ، فإن لنا دولة إذا شاء جاء بها. 

جزاء الانتظار لهذه الدولة التي يرغب ويريدها المؤمنون تحت راية الإمام المهدي عجل الله فرجه، هي طموحهم ليرى المؤمن ذل أهل النفاق وأهله بعد أن كانوا متسلطين عليهم، وهو ما أجمع عليه علماء المسلمين نذكر من ذلك على قدر المستطاع. 

قال الرازي في التفسير الكبير: واعلم أن ظهور الشيء على غيره قد يكون بالحجّة، وقد يكون بالكثرة والوفور، وقد يكون بالغلبة والاستيلاء. ومعلوم أنّه تعالى بشر بذلك، ولا يجوز أن يبشّر إلاّ بأمر مستقبل غير حاصل، وظهور هذا الدين بالحجة مقرر معلوم، فالواجب حمله على الظهور بالغلبة. 

المروي عن قتادة في قوله تعالى: {ليُظهِرَهُ عَلى الَّدينِ كُلَّه} قال:هو الاَديان الستة: الذين آمنوا، والذين هادوا، والصابئين، والنصارى، والمجوس، والذين أشركوا. 

فالأديان كلّها تدخل في دين الاِسلام، والاِسلام يدخل في شيء منها، فإنّ الله قضى بما حكم وأنزل أن يُظهر دينه على الدين كلّه ولو كره المشركون. 

وفي تفسير ابن جزّي: وإظهاره: جعله أعلى الاَديان وأقواها، حتى يعم المشارق والمغارب. وهذا هو المروي عن أبي هريرة كما نصَّ عليه جملة من المفسرين. 

وفي الدر المنثور: «وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، والبيهقي في سننه عن جابر رضي الله عنه في قوله تعالى: (ليظهره على الدين كله) قال: لا يكون ذاك حتى لا يبقى يهودي ولانصراني صاحب ملّة إلاّ الإسلام. 

وعن المقداد بن الاَسود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا يبقى على ظهر الاَرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخله كلمة الإسلام، إما بعز عزيز، وإما بذلٍ ذليل.

إما يعزهم فيجعلهم الله من أهله فيعزّوا به، وإما يذلهم فيدينون له. 

وروي عن المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخله كلمة الإسلام، إما بعز عزيز، وإما بذل ذليل. إما يعزهم فيجعلهم الله من أهله فيعزوا به، وإما يذلهم فيدينون له .

ومن هنا ورد في الأثر عن الإمام الباقر عليه السلام أن الآية مبشرة بظهور المهدي في آخر الزمان، وأنه – بتأييد من الله تعالى – سيظهر دين جده صلى الله عليه وآله وسلم على سائر الأديان حتى لا يبقى على وجه الأرض مشرك. وهو قول السدي المفسر.

وهو ما قاله  القرطبي عن  السدّي قال : ذاك عند خروج المهدي ، لايبقى أحد إلاّ دخل في الاِسلام. 

رزق المؤمنين تحت راية الإمام المهدي عجل الله فرجه، في الدنيا كثير والآخرة كثير يحتارون أين يعطوا صدقاتهم وغيرها من الأمور المرتبطة بهم من كثرة المكتفين وانعدام المحرومين.

روى علي بن عقبة، عن أبيه قال: إذا قام القائم حكم بالعدل وارتفع في أيامه الجور، وأمنت به السبل، وأخرجت الأرض بركاتها، ورد كل حق إلى أهله، ولم يبق أهل دين حتى يظهروا الإسلام، ويعترفوا بالإيمان، أما سمعت الله سبحانه يقول: ” وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون.

وحكم بين الناس بحكم داود، وحكم محمد صلى الله عليه وآله فحينئذ تظهر الأرض كنوزها وتبدي بركاتها، ولا يجد الرجل منكم يومئذ موضعا لصدقته ولا لبره، لشمول الغنى جميع المؤمنين.

ثم قال: إن دولتنا آخر الدول، ولم يبق أهل بيت لهم دولة إلا ملكوا قبلنا لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا: إذا ملكنا سرنا بمثل سيرة هؤلاء وهو قول الله تعالى { والعاقبة للمتقين}. 

وقد مرت علينا ليالي القدر التي كثرت فيها الأدعية والأيدي المرفوعة بالدعاء بتعجيل فرج مولانا المهدي المنتظر، ونكون تحت رايته.

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *