التطبيق العاشر

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد 

الحَمْدُ للهِ الَّذَي لاَ يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ القَائِلُونَ، وَلاِ يُحْصِي نَعْمَاءَهُ العَادُّونَ، ولاَ يُؤَدِّي حَقَّهُ الُمجْتَهِدُونَ، الَّذِي لاَ يُدْركُهُ بُعْدُ الهِمَمِ، وَلاَ يَنَالُهُ غَوْصُ الفِطَنِ، الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَلاَ نَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَلا وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَلا أَجَلٌ مَمْدُودٌ. فَطَرَ الخَلائِق بـقُدْرَتِهَ، وَنَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ، وَوَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ أَرْضِهِ.(*)

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد 

تدبر في آية البسملة 

لماذا الله سبحانه و تعالى أختار صفتي الرحمن الرحيم و أقسم بهما دون غيرهم من الصفات 

وهي شمول و هيمنة آية البسملة بما فيها من صفتي الرحمن و الرحيم و باقي مفرداتها لما يأتي بعدها من الآيات .

و لازلنا نطبق هيمنة البسملة بشكل متسلسل لآيات سورة البقرة و بعض الأحيان نقوم بتفسير موضوعي وطريقته استقراء آيات الموضوع.

التطبيق العاشر من سورة البقرة ووصلنا إلى آية رقم 26.

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ} (١)

لكي تصلنا معرفة الرحمة التعليمية و الوقائية لابد من الكلام عن الفاسق و ما أحلى  كلام أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم أجمعين .

– الإمام الصادق (عليه السلام): معنى الفسق فكل معصية من المعاصي الكبار فعلها فاعل، أو دخل فيها داخل بجهة اللذة والشهوة والشوق الغالب، فهو فسق وفاعله فاسق خارج من الإيمان بجهة الفسق، فإن دام في ذلك حتى يدخل في حد التهاون والاستخفاف، فقد وجب أن يكون بتهاونه واستخفافه كافرا (٢).

و إذا أردنا معرفة ان الفسق صفة المنافقين قرأنا قوله تعالى:

{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ۚ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ۗ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (٣)

وهذا الفعل هو حكاية آية ٢٦ من سورة البقرة و يعد فسقا {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ} (٤).

إن الله سبحانه و تعالى يخبرنا بالرحمة التعليمية و الرحمة الوقائية عن صفات المنافقين فوق كفرهم أنهم يجادلون في تعاليم الله بالفسق المتجاهر به وهذه الصفة خطرة في المجتمع لانه ضد أي تعاليم من الله و رسوله صلى الله عليه و آله و سلم و الأئمة الأطهار عليهم السلام.

– عن أبي عبد الله (عليه السلام): <<السنة إذا قيست محق الدين>>.(٥)

ويعد الأصرار في هذا الفسوق ، فالله لايتوقف أو يمتنع، و عبر عن ذلك بكلمة {لَا يَسْتَحْيِي } في ضرب أي مثل حتى لو كان في مخلوق صغير أو أصغر منه و هو المخلوق الذي فوق البعوضة و من عاب على هذا وقال {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا } و هو متجاهر في اللامبالاة والتهوين.

الله سبحانه وتعالى يبين في كتابه أن هذا الفعل هو فعل {الْفَاسِقِينَ} الذين هم ومن تبعهم في ضلال فالإبتعاد عن مناقشة بعض الأحكام أو الأخلاق أو أي شيء في الدين لغير المختص يتخوف عليه من أن يدخل في حزب المنافقين الذين يبعدون الناس عن حالة التدين من طاعة الله و رسوله و المؤمنين و هم أخطر من الكافر المحارب الذي يحارب في الميدان و هذا الفعل _أي التسخيف في تعاليم الدين_ قامت عليه كثير من قنوات التلفاز و الكثير من برامج التواصل الإجتماعي لذا لزم التنبيه .

——————————————————————

*-الطبرسي – الإحتجاج – ج1 – ص294.

1 – البقرة : 26 .

2 –   محمد الريشهري – ميزان الحكمة – ج 3 – الصفحة 2426.

 3 – التوبة :67.

4 – البقرة : 99.

 5 – الحر العاملي – وسائل الشيعة (آل البيت) -ج ٢٩ – الصفحة 352.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *