شرح دعاء الافتتاح *الحلقة السابعة و العشرون* 

بسم الله الرحمن الرحيم 

وَأَعْطِنا بِهِ سُؤْلَنا ، وَبَلِّغْنا بِهِ مِنَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ آمالَنا ، وَأَعْطِنا بِهِ فَوْقَ رَغْبَتِنا ، يَا خَيْرَ الْمَسْؤُولِينَ ، وَأَوْسَعَ الْمُعْطِينَ ، اشْفِ بِهِ صُدُورَنا ، وَأَذْهِبْ بِهِ غَيْظَ قُلُوبِنا ، وَاهْدِنا بِهِ لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ. 

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على 

أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.  

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة يونس: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ».

ما كان العبد المؤمن يعرف عظمة الأفعال التي يؤديها في طاعة الله لولا أهل البيت عليهم السلام، فأرشدوا هذا العبد إلى مافيه خلاصه من براثن الشبهات ودسائس الشيطان الذي أراد له سوء العاقبة، ولا يغفل هذا العبد في عبادته فيطلب بسؤاله حسن الخاتمة في الدنيا والآخرة وآماله كلها عند سادته عليهم السلام لأنهم الأمانة التي أوصى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم  أن نتبعها فهذا اجماع علماء الأمة على ما أراده النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. 

روي في صحيح مسلم ونصه: عن زيد بن أرقم قال: (ثم قال: قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوماً خطيباً بماء يدعى خماً بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكّر ثم قال: أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغّب فيه ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي.

وروي عن  سنن الترمذي عن زيد أيضاً قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما).

فاتباع الحق هو التمسك بهم عليهم السلام كي نكون تحت راية الحق التي تنشر في الدنيا بيد صاحب العصر والزمان أرواحنا له الفداء، وفي الآخرة معهم.

من خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام: الحمد للّه الناشر في الخلق فضله، و الباسط فيهم بالجود يده نحمده في جميع أموره، و نستعينه على رعاية حقوقه، و نشهد أن لا إله غيره، و أنّ محمدا عبده و رسوله، أرسله بأمره صادعا، و بذكره ناطقا، فأدّى أمينا، و مضى رشيدا، و خلّف فينا راية الحقّ، من تقدّمها مرق، و من تخلّف عنها زهق، ومن لزمها لحق. 

شفاء المؤمنين في معرفة الحق ولولاهم لما عرفنا ما أراده الله لنا من كتابه المنزل على نبيه الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله، فشفاء الصدور وذهاب غيظ القلوب، ومعرفة الحق عند الاختلاف، منهم عليهم السلام.

روي عن الإمام الصادق عليه‌السلام قال: شكا رجل الى النبي صلى اللّه عليه و آله وجعا في صدره، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم: استشف بالقرآن، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ.

روي عن  رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: إنّ هذا القرآن هو النور المبين، و الحبل المتين، و العروة الوثقى، و الدرجة العليا، و الشفاء الأشفى، و الفضيلة الكبرى، و السعادة العظمى من استضاء به نوّره اللّه، و من عقد به أموره عصمه اللّه، و من تمسّك به أنقذه اللّه، و من لم يفارق أحكامه رفعه اللّه، و من استشفى به شفاه اللّه، و من آثره على ما سواه هداه اللّه، و من طلب الهدى في غيره أضله اللّه. 

القلوب هي مدار العبد المؤمن إما عيشا رغيدا وإما ضنك ووهن، فلا يمكن الفرار من قسوة قد تدخل القلب، فيصبح من القاسية قلوبهم. 

روي عن الإمام الباقر عليه السلام قال: إن لله عقوبات في القلوب والأبدان، ضنك في المعيشة ووهن في العبادة، وما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب. 

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة الحديد:{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}.

ونحن في وداع هذا الشهر الكريم نسأله أن يتقبل منا ويجعل بيوتنا مصباحا لأهل السماء ببركة القرآن وذكر الله ومجالس التي يحبها الله ورسوله التي تعطي للقلوب لذة الخشوع، فتعبر به إلى الدرجات العلى في الطاعة. 

روي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام قال: البيت الذي يقرأ فيه القرآن، و يذكر اللّه عزّ و جلّ فيه، تكثر بركته، و تحضره الملائكة، و تهجره الشياطين، و يضي‌ء لأهل السماء كما تضي‌ء الكواكب لأهل الأرض و إنّ البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن، و لا يذكر اللّه عزّ و جلّ فيه، تقلّ بركته، و تهجره الملائكة، و تحضره الشياطين.

ونحن عبادك يالله نرفع أكفنا بالدعاء لك أن ترينا الحق حقا فنتبعه، وأرنا الباطل باطلا حتى نجتنبه، فنكون من الفائزين بقلوبنا التي كانت على هدى منك ومن أمرتنا بالتمسك بهم محمد وآل محمد ولا تفرقنا عنهم حتى نرد عليهم الحوض.

روي عن الإمام الباقر عليه السلام قال:  

لا يُحبّنا عبد ويتولّانا حتى يُطهّر اللّه قلبه، ولا يُطهّر اللّه قلب عبدٍ حتى يُسلّم لنا ويكون سلماً لنا، فإذا كان سلماً لنا سلّمه اللّه من شديد الحساب، وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر. 

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *