رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي

الحلقة السابعة عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة طه

{رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي* وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي* يَفْقَهُوا قَوْلي}.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

هذا الدعاء من أدعية نبي الله موسى عليه السلام ورد في سورة طه التي هي من السور المكية، واسمها مأخوذ من الآية الأولى فيها، وما حوته في آياتها الكريمة عن عظمة القرآن الكريم، وصفات الله الكريم، وقصة موسى عليه السلام، وعن المعاد وأحوال يوم القيامة، وتحدثت عن قصة النبي آدم والسيدة حواء عليهما السلام في الجنة وهبوطهما إلى الأرض وفيها مواعظ ونصائح للمؤمنين.
وردت أحاديث كثيرك في فضلها، روي عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأ سورك طه أُعطي يوم القيامة ثواب المهاجرين والأنصار.
وروي عن الامام الصادق عليه السلام قال: لا تدعوا سورة طه، فإن الله يحبها ويحب من قرأها ومن أدمن قرائتها أعطاه الله يوم القيامة كتابه بيمنه ولم يحاسبه بما عمل في الإسلام، وأعطى في الآخرة من الأجر حتى يرضى.
فالدعاء في هذه الآيات الكريمة التي دلت على أمر عظيم وكبير، فحين أمر الله تعالى نبيه موسى عليه السلام، بدعوة أعتى أهل الأرض كفراً وطغياناً، وأكثر جنوداً وعتاداً، وهو مدعي الألوهية كذباً وزوراً، وبما أن الخطب في غاية الأهمية والخطورة كان دعاء النبي موسى عليه السلام، بهذا الدعاء لحل مشكلات بأن يوسع صدره لما يُحمِله الله من أعباء الرسالة ولما ستستقبله من العظائم والشدائد في مسيرة الدعوة.
ولم يسأل من الله أن يخفف عنه في رسالته أو يتنزل بعض التنزل مما أمره به بل سأله مع ما فيها من خطورة، أن يجعلها يسيرة في نفسها، وذلك قوله:{وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي}.
واجعل في حل أي عقدة تمنع من فقه قولي، قيل: أنه عليه السلام كانت في لسانه رته لا يفصح معها بالحروف شبه التمتمة وذلك لما أراد فرعون قتله، لأنه أخذ بلحية فرعون ونتفها، وهو طفل، فقالت آسية بنت مزاحم: لا تفعل فإنه صبي لا يعقل، وعلامة جهله أنه لا يميز بين الدرة والجمرة.
فأمر فرعون حتى أحضر الدرة والجمرة بين يديه، فأراد موسى أن يأخذ الدرة، فصرف جبرائيل يده إلى الجمرة، فأخذها ووضعها في فيه فاحترق لسانه، وبهذا الدعاء استجاب الله دعاءه فأحل العقدة عن لسانه، لقوله سبحانه (أوتيت سؤلك يا موسى).

هذا مما جرى مع النبي موسى عليه السلام، ولكن تحدثنا روايات أهل البيت عليهم السلام، مما روي عن ابن عباس قال: أخذ النبي صلى الله عليه وآله بيد علي بن أبي طالب عليه السلام وبيدي ونحن بمكة، وصلى أربع ركعات ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم إن نبيك موسى بن عمران سألك فقال: ” رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري ” الآية، وأنا محمد نبيك أسألك، رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيرا من أهلي علي بن أبي طالب أخي، اشدد به أزري، وأشركه في أمري، قال ابن عباس: فسمعت مناديا ينادي: يا أحمد قد أوتيت ما سألت.
وقد تضمنت هذه الآيات فوائد:

بيان لفضيلة الذكر، فإن مدار العبادات كلها والدين على ذكر اللَّه.

أهمية البسط في الدعاء وأنه مطلوب (فكلّما كثّره العبد وطوّله وأعاده ونوّع جمله، كان ذلك أبلغ في العبودية من التذلل، وأقرب له من ربه، وأعظم لثوابه)، فهو عليه السلام لم يوجز في دعائه كأن يقول: (اللَّهم أعني أو وفقني)،وإنما عدَّد مطالبه وسؤاله، لتيقنه بالاجابة وذلك قوله تعالى{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}.

ينبغي للداعي أن يجمع مع دعائه لوازمه ومتمماته لكي يبذل الأسباب، والجد بها في نيل مطلوبه، فإنه سأل ربه أن يعينه، ثم ذهب إلى دعوته، فجمع بين الدعاء، وأسباب حصول مقصوده.

ونحن في أيام العشرة الثانية من شهر رمضان المبارك، وهي ايام المغفرة،نسأل الله أن يغفر ذنوبنا وأن يجعلنا من الموالين الثابتين على طاعتهم وولايتهم عليهم السلام، ونضج اليه بهذا الدعاء: اللهمّ هذا دينك قد أصبح باكياً لفقد وليّك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرج وليّك رحمة لدينك اللهم وهذا كتابك قد أصبح باكيا لفقد وليك فصل على محمد وآل محمد وعجل فرج وليك رحمة بكتابك ، اللهمّ وهذه عيون المؤمنين قد أصبحت باكية لفقد وليّك فصلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرج وليك رحمةً للمؤمنين.
وآخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *