الليلة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

لاَ تَخْفى عَلَيْهِ الطَّلاَئِعُ، وَلاَ تَضِيعُ عِنْدَهُ الْوَدَائِعُ، جَازِي كُلِّ صَانِع وَرَايشُ كُلِّ قَانع وَرَاحِمُ كُلِّ ضَارِع.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة المؤبدة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

روي عنه عليه السلام في دعائه: لاَ تَخْفى عَلَيْهِ الطَّلاَئِعُ.


علم الله بحال البشر قبل إنشائهم وخلقهم، ويعلم حالهم وهم في بطون أمهاتهم، ويعلم ما غاب عن أهل الأرض والسموات وما فيهما، لأنه سبحانه وتعالى لا يخفى عليه شيء لا في الأرض ولا في السموات.

ورد في أحاديث أئمة أهل البيت(عليهم السلام) النهي عن الكلام أو البحث عن كيفية ذات الله، وبما أنّ العلم الإلهي من صفات الله الذاتية، فلهذا لا يصح الكلام أو البحث عن كيفيته.
قال الإمام موسى بن جعفر الكاظم(عليه السلام): “لا يوصف العلم من الله بكيف.

قال تعالى في محكم العزيز في سورة الطلاق: (اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّـهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا).
وروي عن الإمام الرضا عليه السلام في جواب رسالة فيها سؤال حول الله: أكان يعلم الأشياء قبل أن خلق الأشياء وكوّنها؟ أو لم يعلم ذلك حتى خلقها؟ وأراد خلقها وتكونيها فعلم ما خلق عندما خلق وما كوّن؟
فوقع عليه السلام بخطه: لم يزل الله عالماً بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء كعلمه بالأشياء بعد ما خلق الأشياء.

روي عنه عليه السلام في دعائه: وَلاَ تَضِيعُ عِنْدَهُ الْوَدَائِعُ.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة سبأ: (وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ).

يحرص المسلم عادةً على الدعاء لأهله وأحبته وكل ما يملك بالحفظ من كل شر، فيتمتم بالعديد من جمل الدعاء التي تنص على استيداعهم لله، وغيرها مما يدل على تعلق المسلم بمثل هذه الأدعية التي تدل في ذاتها على الاطمئنان النفسي بالوديعة التي لا تضيع عند الله.
روي عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: لكل مؤمن حافظ و سايب، قلت: ما الحافظ وما السايب يا أبا جعفر؟ قال عليه السلام: الحافظ من الله تبارك وتعالى حافظ من الولاية يحفظ به المؤمن أينما كان، وأما السايب فبشارة محمد (صلى الله عليه وآله) يبشر الله تبارك وتعالى بها المؤمن أينما كان وحيثما كان.

روي عنه عليه السلام في دعائه: جَازِي كُلِّ صَانِع وَرَايشُ كُلِّ قَانع وَرَاحِمُ كُلِّ ضَارِع .

قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة البقرة: مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم* الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

الأفعال التي يستحق المسلم الثواب عليها كثيرة إن فعلها فيضاعف له الحسنات، ونحن في هذا الشهر الفضيل نبحث عن كل ما يقربنا من الله للحصول على المجازاة الإلهية، إنّ المعروف سمة الأنبياء والأولياء والأئمة والأطهار (عليهم السلام) حيث كانوا يجازون بالخير لكل من توجه إليهم وطرق بابهم، فصنع المعروف يزرع المودة في القلوب، ويطهر الأرواح من الأنانية والبغض، ويفتح صفحات النور في النفوس المظلمة، فعلى المؤمن أن لا يرد إنسان قصده في حاجة أو نصيحة أو مشورة أو غير ذلك من أعمال الخير والإحسان.
روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المعروف كاسمه، وليس شيء أفضل من المعروف إلا ثوابه، والمعروف هدية من الله إلى عبده المؤمن، وليس كل من يحب أن يصنع المعروف إلى الناس يصنعه، ولا كل من رغب فيه يقدر عليه، ولا كل من يقدر عليه يؤذن له فيه، فإذا من الله على العبد، جمع له الرغبة في المعروف والقدرة والإذن، فهنالك تمت السعادة والكرامة للطالب والمطلوب إليه.

إن بعض الألفاظ الواردة في هذا الدعاء تحتاج الى توضيح، مثل رائش كل قانع: أي مصلح أحوال كل راضٍ بما قسم له، ورشت فلاناً أصلحت حاله، والقانع هو الراضي بما قسم له، أو السائل.

أوضحت الشريعة الإسلامية السمحاء أن الإنسان يجب أن يكون راضياً عن حاله في كل الحالات، فيحصل له القناعة التي تكون كنز المؤمن وهي فضيلة من الفضائل التي حث عليها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، والنفس القنوعة ترضى بما قسمه الله لها.

روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال: اقنع بما أوتيته يخف عليك الحساب.

روي عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) – لما سئل عن القناعة : القناعة تجتمع إلى صيانة النفس وعز القدر ، وطرح مؤونة الاستكثار ، والتعبد لأهل الدنيا ، ولا يسلك طريق القناعة إلا رجلان : إما متعبد يريد أجر الآخرة ، أو كريم متنزه عن لئام الناس.

ضرع: خضع وذل، يتضرع إليك: إذا جاء يطلب إليك حاجة.

تظهر آثار طاعة الله تعالى في شخصية الإنسان، وتنعكس على أعماله في هذه الدنيا، وفي المجتمع الذي يعيش فيه، فضلًا عن الثواب الأخرويّ والنجاة من العذاب الأبديّ.

روي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال:لا إيمان إلا بعمل ، ولا عمل إلا بيقين ، ولا يقين إلا بالخشوع.

ونحن في هذه الأيام والليالي المباركة نرفع اكفنا بالدعاء لتعجيل فرج مولانا صاحب العصر والزمان، في حديث عن الأصبغ بن نباتة قال : ( أتيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فوجدته متفكراً ينكت في الأرض ، فقلت : يا أمير المؤمنين مالي أراك متفكراً تنكت الأرض أرغبت فيها؟ قال : لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوماً قط ولكن فكرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي ، هو المهدي يملأها عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، تكون له حيرة وغيبة ، يضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *